السبت، 31 ديسمبر 2011

الذهب والفضة >



أسعار الذهب اليوم 28 -12بالجنيه المصرى




أوقية                 9,385.74
جنيه ذهب            2,112.55
جرام 24             301.79
جرام 22             276.62
جرام 21             264.02
جرام 18             226.27
جرام 14             176.09

على قلب رجل واحد


بقلم حسن سعد حسن


قلنا الدستور أولاً فلم يستمع أحد لذلكوذهبنا إلى الاستفتاء فوجد نا بعض التيارات استغلت الاستفتا ء بصورة لا تقبل من كلعاقل وخرج الاستفتاء عن مضمونة.
ما نحن فيه لأ ننا نسير عكس العقل ومخالفينلكل قواعد بناء الدولة فالعقل أن يكون الدستور أولاً لأنه العقد الاجتماعى للدولة.
والدستور لا تضعه الأغلبية كما تظن بعضالتيارات لماذا؟
لأن الأغلبية متغيرة والدستور ثا بت فمنأغلبية اليوم هو أقلية غداً فهل معنى هذا تبعاً لمنطقهم أنه كلما تغيرت الأغلبيةغيرنا الدستور ؟! (حاجة غريبة ).
عموماً فقد ا نتهى الجدال فى ذلك ولن يفيدوأصبحت الا نتخا با ت قا ب قوسين أو أدنى فعلينا جميعاً الذهاب إلى صناديقالاقتراع ،وتصحيح هذا الخطأ بالدقة فى اختيار النواب، والقوائم، وعلينا أن نحكم عقولناولانحكم عواطفنا ،ونختار النائب السياسى القادر على لعب دور فى تلك المرحلةالخطيرة فى حياة مصر نختار النائب الفاهم للقوانين والتشريعات ولا مكان لنا ئبالمخدرات، والتأشيرات وغيره  لأن البرلما نالقادم هو الذى سيكون له الدور الأهم فى وضع دستور مصر القادم ويضع مصر فى مصافالدول الديمقراطية المتحضرة.
علينا أن نذهب جميعاً إلى لجان الانتخاب،وهدفنا مصر ومصلحة مصر قبل أى فصيل سياسى أو حزب سياسى .
علينا أن نذهب رغم الصعاب التى نحياها.
إن مصر تحتاج منا جميعاً فى تلك الأيام أننكون على قلب رجل واحد ولا فرصة للإ نقسام وترك الخلاف جا نباً،والبعد عن استغلالالمواقف والانتهازية السياسية والتلاعب بمشاعر المواطن وعواطفه
 فلوضاعت مصر هلكنا جميعاً ولن نجد أرضاً نقف عليها لنختلف.
مصر تصنع التاريخ الاّن فإما ذكر كم التاريخبخير أو نسب إليكم ضياع مصر
وستبقى مصر بمشيئة الله تعالى خالدة وعزيزة

فى حب مصر

(المؤامرة الكبرى )
منذ نجاح ثورة 25 يناير فى خلع النظام السابق ونحن نسمع كل يوم من  يخرج علينا  بسمومة فى صورة أراء وأفكار يسعى لتنفيذها ولكن إن كانت تلك الأراء تصب فى مصلحة مصر، والحفاظ عليها ،وتدفعها غلى الأمام فيا مرحباً .
 ولكن إن كا نت تسعى كا لحية لثير الفتن وتحطم مصر وتفسد فى أرضها وتفرق صفوفها وشملها وتريد أن تعيدها إلى الخلف فنحن لها بالمرصاد .
هناك من يسعى مستقوياً بالخارج  لتقسيم مصر دويلات صغيرة وكل فريق يختار ما يريد ( يعنى مصر تورتة !!) وكلما ظهروا على شاشة غربية صبوا سخطهم على وطنهم وبنى جلدتهم، وهؤلاء لا يجب أن ينتسبوا لمصر، ولا يحملوا جنسيتها (وتلك هى المؤامرة الكبرى)
وهناك من ينادى بالهدم، والبناء أى نهدم كل مؤسسا ت الدولة وبعد ذلك نبدأ فى البناء من جديد ،وربنا يد يكوا ،ويدينا طول العمر وابقوا قا بلونى.
هؤلاء ظنوا أن مصر ماتت، وأصبحت جثةهامدة والكل يريد أن يرثها ونسوا أن لمصر أبناء أو فياء لن يجعلوها فريسة سهلة ،ولن يسمحوا بهذا العبث والخبل الذى أصابهم بل سيقف الشعب الذى خرج بكل طوائفه ينادى بحب مصر صفاً واحدا ً أمام هؤلاء.
إن مصر لن تسقط ولن تموت بمشيئة الله تعالى  وهؤلا ءالذين ينتظرون لحظة إعلان وفا تها ليرقصوا فوق جثتها ( لا سمح الله ) ويعلنون زعامتهم للأمة العربية زعامة يشترونها بأموالهم ،ونسوا أن الزعامة لم ولا ولن تكون إلا لمصر بحكم التاريخ والجغرافيا والحضارة .
 نقول لهم أيها المهرجون المحرضون   لن تنالوا ماتريدون خبتم وخاب مسعاكم، وستعلمون ،وسيعلم من يحرككم بأمواله أنكم أخطأ تم وستدفعون ثمن ما فعلتم ،ولن يرحمكم شعب مصر، ولن يرحمكم التاريخ ولن يرحمكم الأحرار فى كل شعوب الدنيا.
فمصر باقية بقاء الشمس والقمر، والليل، والنها ر
 باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليهابمشيئة الله تعالى
وتلك الأيادى الخفية التى تسعى لتفسد فى أرض مصر،وتثير الفتن بين أبناء الوطن الواحد، والدم الواحد معتقدة أنها ستظل هكذا خافية (لا بسه طاقية الإخفا ) ولن يصل إليها أحد ستقطع قريباً وتلقى لبنى جنسها من الكلاب الضالة تنهشها بلا رحمة، ولا شفقة.
وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون
ولله الأمر من قبل ومن بعد

يوم 25 يناير عيد ميلاد الثورة وليس الذكرى السنوية لها





بقلم إيمان حجازى

فى حياة الشعوب أياما يخطها التاريخ على صفحاته بحروف من ذهب ,ويحفظها

فى طيات ذاكرته كومضات النجم السارى المذنب الذى يلمع فى السماء لبرهة ويترك أجمل وأمتع الأثر فى نفوس من يرونه حتى وإن بعضهم يعتبر نفسه محظوظا بهذه الرؤية ويظل سعيدا يروى تجربته للقاصى والدانى

وتاريخ مصر يزخر بالعديد من هذه اللحظات التى سطر فيها صفحات وصفحات تمجد وتخلد وقفات الشعب المصرى فى حربه مع الوجود وميلاد الإنسان المصرى فى سبيل تدعيم وجوده ورؤيته للحياة , من هذه الأيام التى لا تنسى على مدار عمر المجتمع المصرى بكافة طوائفه – وهى على سبيل المثال وليس الحصر

-     تاريخ حفر قناة السويس الذى صنعها الإنسان المصرى بدمه قبل عرقه ليصبح من

 أهم المعابر المائية – إن لم يكن أهمها على الإطلاق -  يربط الشمال بالجنوب والشرق بالغرب

-     تاريخ إقامة أكبر صرح كيانى إقتصادى مصرى حمل إسم مصر وتفرع الى جميع المجالات ويخضع بالولاء للإقتصادى الأوحد فى تاريخ مصر وهو طلعت باشا حرب – الى أن قضى عليه للأسف نظام بائد نرجو له تمام الزوال

-     تاريخ ثورة يوليو 1952 التى أنهت عهد الملكية وقضت على الإستعمار الإنجليزى الذى ظل جاسما على صدر مصر قرابة 70 عاما

-     تاريخ بناء السد العالى الذى حمى مصر من فيضان سنوى كان يأتى على الأخضر واليابس ويصيب الأرض الزراعية والمساكن المجاورة بكثير من الخسائر

 -     تاريخ حرب أكتوبر 1973 والتى أثبتت للعالم وجود الإنسان المصرى وأعادت

 لمصر دورها وكيانها وكرامتها وضمدت جراحها الغائرة وأنهت أسطورة عدو كان يتوهم أنه لا يقهر

-     تاريخ ثورة 25 يناير 2011 تلك الثورة التى أخرجت المارد من القمقم الذى ظل محبوسا فيه طوال 30 عاما ,تلك الثورة التى أعادت الرؤيا والإحترام الى الإنسان المصرى تحت شعار إرفع راسك فوق إنت مصرى ,تلك الثورة السلمية التى برغم ما عانينا فيها وبرغم ما فقدنا من أرواح وأعضاء بشرية أبقتنا مشوهين وبقدر ما نزفنا من دماء  ,هذه الثورة التى أزهلت العالم وزلزلت عرش الظلم والجبروت هذه الثورة التى

لم تحقق كل شىء بعد ويرجى منها الكثير والكثير ,هذه الثورة التى يظلنا تاريخ

ميلادها الأول بعد أيام لا تتجاوز الشهر ,هذه الثورة لايجب أن يذكر البعض أننا

سنحتفل بذكراها ,فالذكرى فى عرفنا ترتبط بالأموات وبحفلات التأبين ,ولكن دعونا

 نقول أننا سوف نحتفل بعيد ميلاد الثورة الأول


عيد ميلاد الثورة الأول

وقد يتعلل البعض بأن الثورة لم تحقق شىء يذكر يشجعنا على الإحتفال بمولدها ,والرد على ذلك هل يتسنى لمولود السنة الواحدة أن يقوم بإنجازات تذكر!!!!؟,هل يستغنى الوليد عن دعم الأهل – بجدية وحب – حتى يحبو ويقف على قدميه ويسير مرفوع الهامة مصلوب العود


يا كل أهلنا ,يا أهل الشهداء ومصابى الثورة ,الثورة تناديكم ,تشد على أياديكم ألا

 تتخلو عنها ,ساندوها بصدق ,دعموها بإخلاص ,أيدوها فخلاصكم فى وجودها ,

وحياتكم ومستقبلكم بين عيونها


وليكن يوم 25 يناير عيد ميلاد الثورة الأول نحتفل به بإضاءة الشموع ,فهو ليس حفل تأبين وذهاب الى المقابر إنما هو عيد لمولد عظيم ولد ليبقى ويستمر ويحقق نجاحات تسمع بها العوالم من حولنا ,مولود خلق ليزهل العالم ,ليحطم مظالم ويخلق عدل ويرسخ قواعده ,مولود عظيم صنيعة المصرى العظيم الذى أنفق فيه الغالى والنفيس من الروح والدم وأعز العزيز


يا أهالى الشهداء والجرحى ومصابى الثورة لا تهدرو حق زويكم لا تحتفلو بالذكرى السنوية للثورة لأنكم إن فعلتم ساعدتم فى قتلهم مرتين ,وألهبتم دمائهم وأقلقتم ثباتهم وأضجرتم رقادهم وحامت أرواحهم حولكم تلعن لحظة تخليكم عنهم وتخاذلكم فى  نصرتهم


فدعونا جميعا من شاركو فى صنع هذه الثورة ومن دعموها وأيدوها ودافعو عنها وأمهروها أن يحتفلو بمولدها الأول 


ألا هل بلغت اللهم فإشهد

لأول مرة.. زراعة لسان لمريض بالسرطان فى السعودية



صورة أرشيفية 


تمكن فريق طبى سعودى فى مستشفى عسير المركزى جنوب المملكة اليوم السبت ولأول مرة من زراعة لسان لمريض مصاب بالسرطان.

وقال المشرف العام على المستشفى الدكتور فؤاد عباق فى تصريح لوكالة الأنباء السعودية(واس) اليوم، إنه تم خلال العملية استئصال اللسان وتنظيف الرقبة تماما من الغدد الليمفاوية وعمل جراحة تجميل وزراعة اللسان عن طريق شريحة جلدية تم أخذها من الفخذ وجرى نقل توصيل الشرايين والأوردة من الفخذ إلى اللسان.

من جهته أكد استشارى التجميل فى المستشفى الدكتور مريع القحطانى أن العملية تكللت بالنجاح بعد جهد كبير من الفريق الطبى الذى قام بالعملية والتى تعد الأولى من نوعها فى المنطقة الجنوبية، مشيرا إلى أن المريض (65 عاما) كان يعانى من السرطان وكان لا بد من إجراء العملية.

وكان فريق طبى سعودى تمكن العام الماضى من استئصال ورم سرطانى من حنجرة مريض سعودى (50 عاما) بعد إجراء عملية جراحية استغرقت 15 ساعة.

بهاء طاهر يتحدث



«صعود الإسلاميين من التجارب التى يجب أن تخوضها الشعوب»، هكذا قال الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ، عندما سأله أصدقاؤه عن صعود التيار الدينى فى المجتمع، ويحكى الأديب بهاء طاهر أن أصدقاء «محفوظ»، عندما كانوا يسمعون هذه الجملة، كانوا يندهشون ويتساءلون فيما بينهم: هل يعنى هذا أن «الأستاذ» موافق على هذا الصعود؟!
أجاب بهاء طاهر بأن «محفوظ» كان يختلف مع التيار الدينى فى وجهات النظر، لكنه كان مؤمنا بأن صعوده أو انحساره مجرد تجارب يجب أن تخوضها الشعوب.
وروى «طاهر»، فى حواره مع «المصرى اليوم»، تاريخ الحكم الدينى فى مصر وتطور جماعة الإخوان المسلمين، وقال إن الحكم الدينى «خرب مصر» والإخوان من المستحيل أن يقيموا نظاما ديمقراطيا، وإن وعى الشعب مضلل.
وشدد الروائى العالمى على أن الجيش يضرب شباب الثورة فى مقتل ويمنح مساحات من الحرية لشباب «إحنا آسفين ياريس».. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية.. هل تعرضت مدنية الدولة للسرقة؟
- حدث انقلاب فى ثقافة ووجدان المواطن المصرى، تم تحقيقه على امتداد ثلاثة عقود على الأقل، بحنكة وتأن، لصالح التيار الدينى الذى كان يكسب أرضا جديدة كل يوم، ولم تفلح أصوات الإنذار المبكر ولا حشد القوى فى وقف مساره أو التصدى لزحفه.
■ من ساهم فى هذا الزحف؟
- ساهمت فى ذلك سياسات داخلية وخارجية وأموال دولية طائلة وقفزات فى الاتصال غير مسبوقة.
■ لماذا القلق من تجربة الحكم الدينى فى مصر؟
- لأنه حتى الستينيات من القرن الماضى كان فى مصر مجتمع مدنى قوى ينخرط فى كفاح تحررى للتخلص من تخلف قرون طويلة فى ظل الدولة العثمانية التى وصفها المفكر الكبير جمال حمدان بأنها «استعمار دينى» من نوع باطش يتستر بمفهوم الخلافة، ليستنزف آخر قطرة من عرق المصريين ودمائهم.
وطوال عمر هذا الاستعمار تأسست الأسس النظرية والفكرية للحكم العثمانى فى التسليم بحق الخليفة (السلطان فيما بعد) فى الحكم المطلق والأمر والنهى دون أى حقوق للرعية غير الطاعة العمياء لهذا القائد الدينى.
ويصف لنا جمال حمدان بعبارات موجعة حال الأمة فى ذلك العصر بقوله «كما يفصل الراعى بين أنواع القطعان، فصل الأتراك بين الأمم والأجناس المختلفة عملا بمبدأ فرق تسد، وكما يسوس الراعى قطيعه بالكلاب، كانت الانكشارية كلاب صيد الدولة العثمانية، وكما يحلب الراعى ماشيته كانت الإمبراطورية بقرة كبرى عند العثمانيين للحلب فقط».
وفى ظل ذلك الحكم المهلك، المستند إلى مرجعية دينية زائفة يتبرأ منها إسلامنا الحنيف، «عم الخراب إقليم مصر» على حد قول الجبرتى، وكاد المصريون يندثرون فعلا لا مجازا بسبب المجاعات المتكررة والمجازر والأوبئة، وبارت الأرض الزراعية بسبب إهمال الحاكم لأعمال الرى والصرف وهروب الفلاحين من أرضهم فرارا من جباة الضرائب الفاحشة، وانتشر الجهل الشامل والخرافة والشعوذة، فتجربة الحكم الدينى فى مصر كانت مدمرة.
■ كيف خرجت مصر من هذه الحالة المتردية؟
- الفضل فى ذلك يرجع إلى جهود أجيال متتابعة من المثقفين عملت على إلغاء مفاهيم البطش العثمانى وتشييد منظومة فكرية عصرية ومدنية تدريجيا، ظللنا نعيش فى نطاقها قرنا ونصف القرن، وأبرز ملامح هذه المنظومة هو إحياء فكرة الوطن «مصر» التى كانت غائبة تماما فى ظل فكرة الأممية العثمانية التى تجعل كل سكان الإمبراطورية رعايا على قدم المساواة فى العبودية أمام الأستانة، وإدخال مبدأ الوحدة الوطنية والمساواة بين المسلمين والمسيحيين فى الحقوق والواجبات، وهكذا تم نفى المبدأ العثمانى للفصل بين الملل وسياسة فرق تسد، ونفى وجود السلطة الدينية.
ويقول الإمام محمد عبده بوضوح: إن قلب السلطة الدينية والإتيان عليها من أساسها هو أصل من أصول الإسلام، وبالتالى تم نزع أى قداسة أو صفة دينية عن أى حاكم بشرى مهما كان لقبه، ونزعها، بالمثل، عن أى جماعة ومؤسسة تدعى أن لها سلطة دينية من أى نوع، إلى جانب أنه تم تحرير المرأة التى كانت فى وضع أسوأ من الرقيق والإماء، وأذكر فى ذلك دور قاسم أمين، ثم انتشار الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وهى حق للجميع.
وبالطبع لم تطبق تلك المبادئ العصرية من تلقاء نفسها بل عبر صراع دفع المثقفون خلاله أثمانا فادحة، وقد أثبت الشعب المصرى فى النهاية انحيازه لهذه القيم الجديدة المستمدة من صحيح الدين خلال ثورتيه الكبيرتين فى ١٩١٩ و١٩٥٢.
■ قلت من قبل إن الزحف الإخوانى بدأ منذ عهد عبد الناصر فكيف ذلك، وهو من انقلب عليهم بعد الثورة وحاربهم كثيرا؟
- نكسة ٦٧ لعبت دورا كبيرا فى المد الدينى، فطوال الخمسينيات كان هناك زهو بالدولة المدنية وما حققته من إنجازات، ورغم أن الإخوان حاولوا جاهدين العمل فى هذه الفترة إلا أنه لم يكن من السهل ضرب الدولة المدنية فى مقتل، لأنه كان هناك نوع من الانحياز إلى الفكر التحررى، لكن نكسة ٦٧ قضت على هذا وكان رد الفعل الطبيعى أن يتجه الناس إلى الله ليطلبوا منه العون، وقد لاقى هذا صدى لدى أنصار الدولة الدينية.
■ لكن الآلاف من التيارات الدينية خرجوا من مصر فى الخمسينيات والستينيات بعد صدام متكرر مع نظام عبدالناصر.. كيف كانت العودة؟
- الإخوان المسلمون تعجلوا واعتبروا أن ثورة ٥٢ هى ثورتهم التى قام بها أولادهم وأشقاؤهم من الضباط، واعتقدوا أنه آن الأوان للوصول إلى الحكم، فبدأ الصراع مع عبدالناصر الذى كان فى جوهره صراع بين رؤيتين لنظام الحكم فى مصر، إما الدولة الدينية أو الدولة المدنية، وقد انحاز المجتمع فى هذا الصراع للدولة المدنية، وخاض صراعا مع الاستعمار مكسبه الرئيسى استرداد قناة السويس، وصراعا مع قوى الإقطاع فى الداخل لتحقيق العدالة الاجتماعية ومكاسب التنمية وعلى رأسها السد العالى، ثم جاءت بعد الانتصارات انكسارات عام ٦٧، وفى أثناء الانتصارات والهزائم كان الإخوان المهاجرون يحققون ثروات طائلة فى المنافى الخليجية والأوروبية ويحكمون أطراف تنظيم دولى يكاد يكون إمبراطوريا، وسبق أن تحدث يوسف ندا أمين صندوق التنظيم الدولى على شاشة إحدى الفضائيات عن استثمارات بمليارات الدولارات، وبهذا السند القوى دخل الإخوان المسلمون مصر فى عهد السادات.
■ إذن من الظلم القول إن السادات هو سبب المد الدينى؟
- نعم لأن المد الدينى بدأ من قبل عهده فى أعقاب النكسة كنوع من التطلع إلى الخلاص من الهزيمة، ومنذ أوائل السبعينيات بدأ السادات عهده بحملة شاملة على الثقافة، فأغلق المجلات الثقافية والمسارح الجادة والمؤسسة الوطنية للسينما وطرد المثقفين الحقيقيين من كل منابر الإعلام والثقافة، وبينما حسب البعض أن هذه ضربة لخصومه من الناصريين واليساريين، اتضح أن مشروعه أكبر من ذلك بكثير فالضربة كانت موجهة فى الواقع إلى قيم النهضة العصرية.
وكان لابد من إخلاء الساحة من عناصر الممانعة والمقاومة للمشروع الفكرى الجديد، وهكذا نجح السادات فى تشتيت مثقفى النهضة والتطوير فى منافى الأرض وإسكات وإضعاف من بقى منهم فى مصر، وجلب بدلا منهم مجموعة من الوعاظ المهاجرين منذ العهد الناصرى إلى دول الخليج، الذين لم يكونوا استمرارا بأى شكل لشيوخ مصر العظام أمثال الإمام محمد عبده والشيخ شلتوت ممن كرسوا جهودهم لجلاء مواءمة الإسلام لكل العصور وعدم معارضته النهضة والتطور الاجتماعى.
وفتح أمام هؤلاء الوعاظ المنابر التى أغلقت تماما أمام المدنيين المثقفين حتى انفردوا بساحة الرأى العام، فرد هؤلاء الجميل لصاحب الفضل، فأضفوا عليه بدورهم هالة دينية ثم جعلوه إماما، ألم يقل قائلهم تحت قبة البرلمان إن السادات «لا يسأل عما يفعل، أوَلِم ينته الأمر باقتراح تسميته سادس الخلفاء الراشدين»؟ خطوة أخرى نحو إعادة دولة السلطة الدينية.
■ هل خلو الساحة من أنصار الدولة المدنية جعل مهمة الإخوان أسهل؟
- بكل تأكيد غياب أنصار الدولة المدنية نتيجة نفيهم وإبعادهم سهّل المهمة على الإخوان، وعلى الجانب الآخر عندما فتح لهم السادات الباب قرروا ألا يراهنوا على العسكر مرة ثانية، وأن يعملوا على الناس فبدأوا بمنتهى الذكاء من النظام التعليمى، حيث جندوا آلافا من المدرسين الحكوميين ومولوا إنشاء مدارس خاصة إسلامية التوجه والمناهج، وفى حقبة السبعينيات بدأوا تكثيف جرعة التلقين الدينى للأبناء فى المدارس والتى تنصب على تلقين الشعائر والعبادات دون التطرق إلى المعاملات أو المنهج الإسلامى لتقدم المجتمع وتغييره نحو الأفضل، بالتوازى مع دور الدعاة والوعاظ الذين استغلوا الإعلام فى نشر ثقافة الطاعة لسلطة الدعاة، وخطوة وراء الأخرى سيطروا على الريف والأحياء الشعبية، حتى سيطروا على المجتمع.
وقد قلت وقتها إن من حكم المجتمع ليس من الصعب عليه أن يحكم الدولة، فقد تغلغلوا فى الجامعات واتحادات الطلاب والمدارس وأئمة المساجد والنقابات والمستشفيات وكانت أولى بشائر النصر بالنسبة لهم حصولهم على ٨٨ مقعداً فى البرلمان عام ٢٠٠٥ وربما لو كانت تركت لهم الفرصة لحصلوا على ٧٠% من المقاعد لولا تدخل النظام السابق فى المرحلتين الثانية والثالثة بالتزوير.
■ لماذا حدث الصدام فى النهاية مع السادات؟
- جزء من التيار الدينى تعجل تحقيق أهدافه ودخل فى صدام مباشر مع نظام السادات، أما الإخوان فكانوا أذكى من ذلك بكثير، لم يختاروا الصدام بل المسايرة وحاولوا إرضاء السادات بكل طريق، حتى بالامتناع عن نقد سياساته نحو إسرائيل التى أغضبت كثيرا من القوى الوطنية، بل إن كثيراً من أفرع الإخوان خارج مصر اشتروا الوقت ليحققوا على مهل مشروعهم الخاص بالسيطرة على العقول، ومن ثم على المجتمع.
ومن الحكمة أنهم لم يتعجلوا وعملوا فى هدوء، وشاء الله أن تقوم ثورة يناير، ولن أدخل فى جدل هل ساهموا فى الثورة أم لا، ولكن كل من كان فى الطليعة الثورية يؤكد أن الإخوان لم يكونوا موجودين بل كانوا معارضين للثورة إلا أنهم استفادوا منها فى الانتخابات.
■ لكن شباب الإخوان شاركوا فى الثورة.
- نعم لكن كل من شارك فُصِل من الجماعة لأنهم خرجوا عن المبدأ الأساسى للجماعة وهو السمع والطاعة والانضباط الديكتاتورى.
■ هل يمكن القول إن فساد النظام السياسى سهل المهمة على الإخوان فى تنفيذ مشروعهم فى السيطرة على المجتمع؟
- بكل تأكيد، فالفساد والظلم جعلا الناس يبحثون عمن يتحدثون بالقرآن والسنة ظنا منهم أن هؤلاء هم من يتقون الله وسيصلحون أوضاعهم، إضافة إلى أن الدعاية المضادة التى مورست على مدى ٥٠ عاما ضد مدنية الدولة، كانت سببا فى رفض الشارع لهذه الفكرة.
■ ماذا عن صعود السلفيين؟
- الأموال الخليجية لعبت دورا مهما بكل تأكيد فى صعودهم، واستغلوا أن الرأى العام مهيأ جدا للفكر الدينى وضد الدولة المدنية، كما أن السلفيين كانوا يكررون نهج الإخوان ولكن بشكل منفصل عنهم فى العمل فى المجتمع خاصة فى المساجد، لكننى اندهشت من أنهم فازوا بعدد لا بأس به من الدوائر فى المرحلتين الأولى والثانية.
■ لماذا ذهبت أموال الخليج إلى السلفيين وليس الإخوان؟
- لأنهم أكثر وهابية من الإخوان.
■ رغم انتشار تيار الإسلام السياسى فى كل أنحاء الجمهورية إلا أنه بدا واضحا بشدة فى الإسكندرية؟
- لا أعرف كيف تحولت من المدينة الكوزمبوليتانية إلى المدينة السلفية ولكن أغلب الظن أن ذلك نتج عن ازدياد الفقر، وبكل أمانة أدهشتنى سيطرة السلفيين على الإسكندرية رغم علمى بازدياد التيار الدينى هناك.
■ هناك رأى يتوقع تحالف التيار الدينى تحت القبة وآخر يتنبأ بصدام بين الإخوان والسلفيين.
- بالطبع ستتحالف التيارات الدينية مع بعضها البعض ولن يتحالف أحد منهم مع الليبراليين على الاطلاق «أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب».
■ هل باع بعض المثقفين أنفسهم للتيارات الدينية كما فعل البعض مع الحزب الوطنى؟
- نعم ومازالوا، فهناك مثقفون كانوا يؤمنون بالفكر الليبرالى ثم تحولوا إلى فكر الإسلام السياسى عن قناعة أو لتحقيق مصلحة ما.. الله أعلم.
■ ما المصالح التى تجنى من وراء تبنى فكر الإسلام السياسى؟
- أحد أقطاب الفكر الماركسى ذكر لى من قبل أنه عندما كان يتحدث بالفكر الماركسى كان يقتنع به العشرات والآن حين يقول نفس الأفكار لكن بمفهوم الإسلام السياسى يقتنع ملايين، فهناك عدد من المثقفين وجدوا أن فكر الإسلام السياسى يحقق لهم ما لم يكن يحققه الفكر اليسارى من شهرة وأتباع، وأن الرسائل تصل للناس أسرع.
ولمؤرخنا العظيم ابن خلدون رأى جدير بالنظر فيما نحن فيه الآن، فقد لاحظ أن الفتن التى تتخفى وراء قناع الدين تجارة رائجة جدا فى عصور التراجع الفكرى للمجتمعات، إذ يتواتر ظهور الجماعات التى تدعو إلى إقامة شرع الله والعمل بسنة نبيه، ولكن أكثر المنتحلين لمثل هذه الدعوة يطلبون بها رئاسة امتلأت بها جوانحهم وعجزوا عن التوصل إليها بشىء آخر، فيحسبون أن هذا من الأسباب البالغة إلى ما يأملونه.
■ هل أنت من المؤمنين بتحالف المجلس العسكرى مع تيارات الإسلام السياسى بعد الثورة؟
- المجلس العسكرى مسؤول عن طفرة التيار الدينى منذ الثورة، فبدأ الأمر بالإعلان الدستورى واللجنة التى اختيرت لإعداده وعلى رأسها المستشار طارق البشرى، الذى نكن له كل الاحترام، لكننا نعرف ميوله الإسلامية، وزاد على الأمر شخص لم يعرف عنه سابقة فكر قانونى، أن تم جعله المتحدث الرسمى باسم اللجنة، وكان يوميا على شاشات الفضائيات، ثم تم الإفراج عن المتطرفين عشية الاستفتاء وهذا أتاح لهم حشد الناس والمساهمة فى الدعوة للتصويت فى الاستفتاء بـ«نعم»، عملا بأن من يقول نعم فى الجنة، ومن يقول لا فى النار، ثم ما حدث بعد ذلك فى كنيسة أطفيح وقنا، ومعالجة الأمر بإرسال قادة السلفيين للتوسط فى الأزمة، وغيرها من التصرفات التى سمحت بتمدده، وإما أن يقولوا هم ما سر هذه التصرفات أو أن التاريخ هو من سيقول ما إذا كان ذلك مجرد مصادفة أم بناء على خطة.
■ هل تعتقد أن التعاون سيمتد بعد وصول التيار الإسلامى للأغلبية فى البرلمان؟
- الفترة القادمة ستشهد صراعاً قوياً بين المجلس العسكرى والإخوان وليس تعاونا.
■ هل تعتقد أن الرئيس القادم سيكون من نفس التيار وأن يتم الحشد لصالح مرشح من تيار الإسلام السياسى؟
- فى فرنسا رئيس الجمهورية فى مرحلة ما كان اشتراكيا ورئيس الوزراء يمينى، وهذه الحالة تحتاج وعى الناس وهو غير موجود فى حالتنا، وإلا ما كنا لنرى هذه النتائج.
■ هل تعتقد أن من ذاق الظلم والاضطهاد من الممكن أن يكون ديكتاتورا.. هذا منطق الإخوان فى التأكيد على أنهم سيلتزمون بالديمقراطية؟
- استحالة أن يكون الإخوان المسلمون ديمقراطيين فى يوم ما، فلا توجد ديمقراطية داخل التنظيم نفسه، من يخرج عن السمع والطاعة يفصل فورا حتى ولو كان زعيما مثل عبدالمنعم أبوالفتوح، كما أن لديهم مركزية شديدة فى القرار، حتى إن أصدقائى يقولون لى إنه أثناء التحاور مع أحد مندوبى الإخوان كان يتصل تليفونيا ليأخذ الإذن يوافق أم يرفض، فمن غير المتوقع أنه بين ليلة وضحاها يتحول الإسلاميون إلى تنظيم ديمقراطى.. استحالة استحالة استحالة.
■ أين الثوار بعد أن تشرذموا وتركوا الساحة لتيارات الإسلام السياسى؟
- المجلس العسكرى هو الذى شرذم الشباب، فالمعاملة القاسية التى تعرضوا لها جعلتهم شيعا، بعضهم يتقرب من المجلس العسكرى، والبعض الآخر يعاديه، ولم يُمنحوا أى فرصة لكى يتجمعوا بهدوء حتى تنبع منهم قيادات وفعاليات سياسية، مساحة الحرية المتاحة لأنصار النظام السابق مثل جماعة «إحنا آسفين يا ريس» أكبر بل مصونة أكثر من شباب الثورة، الذين يحظر عليهم التجمع ويضربونهم فى مقتل من حين لآخر، عدد ضخم منهم فى السجون العسكرية والباقون يرسلون لهم البلطجية ليضربوهم ويسحلوهم.
■ هل اتصل بك المجلس العسكرى فى إطار مشاوراته مع القوى السياسية؟
- عمرهم والحمد لله لا طلبوا يستشيرونى ولا طلبونى للمحاكمة. أنا لست نجم سياسة. يمكن أن أكون نجماً فى الأدب، وهذا أمر لا يهمهم على الإطلاق.
■ لكن الأديب على اتصال بنبض الشارع ورأيه يعكس الواقع.
- ليذهب أحد ويقل للمجلس العسكرى. يا جماعة حتى تعرفوا ما مشكلات المجتمع الحقيقية استدعوا صنع الله إبراهيم وإبراهيم أصلان وأدباء هذا البلد.
■ فى رأيك لماذا تم تهميش الأدباء بعد الثورة؟
- استمرارا لنهج مبارك الذى همشهم تماما، كان فقط يتقابل معهم فى معرض الكتاب لتلتقط له بعض الصور فيظهر بصورة راعى الثقافة لا أكثر، لكن أن يستفيد منهم لا.
■ ما المطلوب من المجلس العسكرى الآن؟
- موقف حاسم من نظام مبارك الذى مازال يحكم مصر حتى الآن، وأن يقترب المجلس العسكرى من الناس العاديين، لا نريد النخب بل اتصلوا بالناس الذين وثقوا فيكم وبصفة خاصة الثوار الذين اتهمتموهم وحولتوهم إلى المحاكمات العسكرية، كما أطالبهم بتنفيذ مبادئ الثورة، ومحاكمة مبارك ورموز نظامه.
ولو أنهم يتحججون بأن المحاكمات يجب أن تأخذ وقتها حتى يتم الاعتراف بهذه الأحكام فى الخارج، لنستطيع أن نسترد أموالنا المنهوبة فى الخارج، فأود هنا أن أنقل لهم ماذا يقول الناس فى الشارع: «فى ستين داهية الفلوس إحنا عايزين حق الشهدا»، فبعد أن كان كل مواطن يسير بآلة حاسبة ليحسب نصيبه من الفلوس المنهوبة الآن يقولون لا نريدها لكن حاكموا مبارك واقتصوا للشهداء.
■ ما آليات استرداد الدولة المدنية فى نظرك؟
- على دعاة وأنصار الدولة المدنية أن يتعاونوا مع شباب الثورة الذين هم أنبل ما فى مصر، وننطلق فى العمل من التراث الدينى لهذه الأمة المصرية سواء الإسلامى أو المسيحى الذى يتصف بالسماحة والوسطية، فدعاة التنوير من قبل كانوا من خريجى الأزهر، وقادة ثورة ١٩ كانوا من الشيوخ والقساوسة، وأن نكف عن التفكير فى أن العمل فى إطار النخبة سيأتى بنتائج، ولابد من العمل من المجتمع والتفكير فى طرق مبتكرة للوصول إلى الناس.
ويجب التوجه للتعليم والقضاء على الأمية، هذا كان جهد الرواد مثل رفاعة الطهطاوى وطه حسين وعبدالله النديم، ونحن لدينا شخصيات بالفعل تعمل فى مجالات الصحة والتعليم ولكن دون دعاية كما يفعل الإخوان كالدكتور محمد أبوالغار الذى أقام عيادات على نفقته الخاصة لعلاج مصابى الثورة، ومثله كثيرون يقومون بأعمال وطنية دون الإعلان عن ذلك ودون استغلاله سياسيا، ووقتها سيسترد الناس بالتدريج فكرة الدولة المدنية التى اندثرت تماما، ولو افترضنا أن سعد باشا زغلول بعث للحياة من جديد فلن يجد شعبا مدنيا يحكمه.

يا شباب



  بقلم   على سالم  
كل من أراه وأستمع إليه من الشباب على الشاشة الصغيرة، ليس من آحاد الناس، بل هو أمين عام ائتلاف أو كتلة أو جماعة أو حزب تحت التأسيس وهو ما يجعلنى أشعر بالخجل مرتين، الأولى، أننى لست شاباً بالرغم من أننى- وأقسم لك- كنت شاباً يوماً ما، والثانية، هى أننى من آحاد الناس، مجرد مسرحجى وكاتب صحفى، أضف إلى ذلك أننى لست من الثوار لكى أجد ما أفخر به وأتيه به زهوا على الآخرين، كما أننى لست من الفلول كى أستمتع بذلك الإحساس الجميل بأننى مظلوم وسيئ الحظ، وإننى رحت فى داهية لأن أمريكا وإسرائيل وبعض العواصم العربية تآمرت علىَّ وألقت بى بعيدا عن التاريخ.
 ولما كنت لم أتعود الاستسلام فى مواجهة المتاعب والمشاكل الكبرى، لذلك قررت أن أصنع لنفسى بنفسى مكانا ومكانة تحت شمس القاهرة الشاحبة هذه الأيام لكى لا أضيع بين الرجلين. ووجدتها، نعم وجدتها، لا ضرورة هناك للحصول على أى موافقة من أى جهة على تشكيل جبهة أو جماعة أو جمعية أو ائتلاف، يكفى أن تقول تحت التأسيس، اسمح لى الآن أن أقدم لك نفسى فى ثوبى الجديد، وكيل المؤسسين لائتلاف العجائز والكهول المصريين.. وأقول لكم:
أرى هذه الأيام أشخاصاً لهم لحية سوداء كبيرة يحتلون الشاشات الصغيرة، يهرفون بما لا يعرفون، وعلى يقين بأنهم يمتلكون الحقيقة التى يجب أن ينشدها الجميع، يناطحون أصحاب العلم والاختصاص ويدعكون الكلمات ويمضغونها ويمصمصونها ويخلطون بينها وبين متاعبهم الشخصية وتحت لافتة حرية الرأى.
 وفى ظروف تاريخية معقدة دفعت بهم إلى مقدمة الصفوف، يثقون بما يقولونه، يستخدمون الكلمة بمعنى محدد، وفى الجملة التالية يستخدمونها بمعنى مختلف. هدفهم ليس الوصول إلى الحقيقة لأنهم فى اعتقادهم وصلوا إليها منذ زمن بعيد، وإذا لم تقر بما يقولون فلابد أنك وغد على الأقل إن لم تكن كافرا، إنها ثقة المغرورين الذين يظنون غرورهم علما غزيرا.
 لدى اقتراح أطرحه على السادة الذين يجهزون أنفسهم الآن لحكم مصر والمصريين، اسمعوا وفكروا فيما أقول، هل يمكن على أساس شرعى أن تؤجلوا الحديث عن السياحة وعن علاقة الرجل بالمرأة وعن ملابس الناس للأربعة أعوام القادمة، وتنشغلوا فقط بحرية التجارة وحرية المرور، والحفاظ على حقوق الإنسان فى درجاتها العليا كما تقرها المواثيق والاتفاقات الدولية؟ هل يمكن أن تتوقفوا عن التفكير فى شاربى الخمر وضرورة منعهم أو عقابهم لمدة أربعة أعوام فقط؟ هل من الممكن على أساس شرعى، اعتماد قوانين العقوبات فى مصر المعمول بها فى الماضى والحاضر، لمدة أربعة أعوام فقط بغير جلد أو رجم أو تقطيع للأيدى..؟ هل من الممكن، أن تنشغلوا بمحو أمية المصريين وعدم السماح لطفل مصرى واحد بأن يجهل القراءة والكتابة؟
اعلموا ويجب أن تعلموا أن هناك عقوبات تأباها روح العصر، وسيكون من المفزع لنا ولكم وللعالم كله أن تمشوا فى طريق مضاد لروح العصر.
وأنتم يا علماء الأزهر، أرجوكم ..
 بكل ما تحملون من علم أن تقوموا بحمايتنا من الشطط والأفكار المراهقة التى أتوقع أن تنهال علينا بعد قليل. أرجوكم.. أقيموا سداً بيننا وبين كل هؤلاء الذين يتصورون أن شرع الله لن يتحقق إلا بتحويل حياة المصريين إلى سواد، أغيثونا بعلمكم وفهمكم لعلوم الدين. يا فضيلة الشيخ محمد عبده.. أدركنا.. أرسل من روحك رسالة لأصحاب العلم والفضيلة واطلب منهم أن يحمونا لكى نتفرغ للزرع والحصاد والعلم والتجارة والاشتراك مع العالم كله فى صنع الحضارة.. يا رب حد يسمعنى.ظاهره الألقا ب أتفق معك فيها فنحن أدمنا الألقاب ولا نستطيع الأستغناء عنها , وفى العالم الغربى انشئت مؤسسه تقوم بكتابه رسائل الماستر والدكتوراه للعرب, وفى الدعايه عنها تتحدى المؤسسه إن وجد تشابه بين رسالتين مبعاتان عن طريقها, أما أيام الكتله الشرقيه فالدرجات ثمنها نظير الولاء أو رشوه أوغيرها, قبل ذلك كان لقب حاج الأشهر والمشكله ان معظم الناس حصلوا عليه, ألغت الثوره لقب باشا فحصل عليه أمناء الشرطه وصغار الضباط, اما لقب بيك وهو الأدنى ولكن كبار رجال النظام يلقبون بعضهم البعض بلقب البيه مع انه أقل من باشا. الموضه اليوم فى الألقاب هى الداعيه الأسلامى والخبير الأستراتيجى وأمناء الأحزاب واللأتلافات, وتوجت الألقاب بالمرشح المحتمل لرئاسه الجمهوريه. ونقطه أتفاق أخرى وهى طلب انضمامى لتجمع الكهول, فالأدويه الحديثه ساهمت فى اطاله الأعمار وإذا لم يكن للكهل حظا ان يصبح رئيس وزراء أو وزير أو ربنا يرزقه بمجلس أستشارى فيمكث تحت الشمس يسترجع أمجاده وإذا لم تكن موجوده فليخترع شيئا هو فيه حد شايف, فأمل الجميع من العجائز الدخول إلى القفص على سرير والأقامه خمس نجوم فى مستشفى عالمى. نقطه الخلاف فى المقال هو أن أفضل نصيحه هى أن لا تنصح احدا فلا أحدا يقرأ أو يسمع ولكن إذا وقفت لتبيع شربه الحاج محمود التى تطهر البطن من الدود وتشفى جميع المراض إبتداءا من نزله البرد إلى الضعف الجنسى فستجد مستمعين ومشترين. ظنى أن الحل الأمثل وقد فاز هولاء اللذين طالت لحاهم وعلامات الصلاح على وجوهم أن يتولوا الأمر فإذا نجحوا فهنيئا لهم ولنا, وإذا فشلوا فالجميع عرفوا أنواع ونمر الموصلات التى تؤدى للتحرير.

القضاء يحكم والشعب يقرر



  بقلم   على السيد  
يقينا أتمنى أن يعدم كل أركان النظام السابق، ليس لأنهم نهبوا وسرقوا وقتلوا، ولكن لأنهم خربوا هذا البلد وسرقوا مستقبله، وظنوا أنهم مخلدون فعملوا على قتل الشعب سياسياً واجتماعياً. أتمنى أن يعدموا لأنهم شوهوا العقول وقضوا على النخبة بتحويلها إلى نخبة مريضة، ولأنهم قتلوا الوعى وسطحوا العقول، فلجأ الناس إلى الدجالين والأفاقين الذين رباهم، النظام السابق، فى حضانات الدولة إلى حين يفيق الشعب، فيكتشف أنه تخلص من مجرمين، ليقع فى براثن قتلة اختارهم بمحض إرادته، ومع ذلك لو صدرت أحكام قضائية تصل إلى البراءة فلن أعترض ترسيخاً لمبدأ احترام أحكام القضاء، لكنى سأحزن، وسأبقى ككل المصريين حانقاً وغاضباً على هؤلاء الذين لن يستطيعوا أن يعيشوا حياتهم مرة أخرى حتى لو خرجوا من السجون، وهذا هو قرار الشعب.
أتمنى أن يعدم كل من أطلق رصاصة فى صدر شاب مهما كانت المبررات والأسباب، فمن يحمل سكيناً ليس كمن يحمل بندقية، ومن يمسك حجراً ليس كمن يطلق الرصاص من مسدسه، أتمنى والتمنى شىء أقرب إلى الحلم بينما حكم المحكمة شىء آخر أقرب للواقع. القاضى يحكم بناء على ما معه من وقائع وأدلة ومعلومات، ثم ينظر إلى القانون. القاضى يحكم بعيداً عن تأثير الرأى العام، أو هكذا يجب أن يكون، لأنه يقدم حيثيات حكمه بعد إصدار الحكم، ومن حق أصحاب الحق أن يعترضوا على الحكم.
الاعتراض على الحكم القضائى حق أصيل، لكن ينبغى أن يكون، بطريقة قانونية، أى باللجوء إلى الدرجات القضائية الأعلى. الحكم القضائى لن يرضى كل الناس، فمن المؤكد أن هناك طرفاً متضرراً يعتبر الحكم معيباً، وهناك طرف مستفيد من يعتبره قمة النزاهة واستخدام صائب للقانون وعودة الحق لأصحابه، نعلم أن القاضى بشر يصيب ويخطئ، ولا يصحح هذا الخطأ سوى قاض أعلى، وليس أمامنا وسيلة أخرى وإلا سيتحول الاعتراض إلى فوضى، وبالتالى يحق لكل من صدر ضده حكم أن يتهم القاضى ويسبه ويتظاهر ويعتصم، وكل هذه طرق تقوض العدالة وتخيف القضاة، وتعطى انطباعا بأننا لا نحترم الأحكام.لذلك لم يكن اللائق أن يكون اعتراضنا على حكم البراءة لضباط السيدة زينب بالتظاهر وسب القاضى واتهامه عبر الفضائيات.
ولا تنسوا أن هناك قاضياً برأ ممدوح إسماعيل فى جريمة قتل أكثر من ألف مصرى غرقاً فى عرض البحر الأحمر، ثم جاء قاض آخر وحكم عليه بالسجن سبع سنوات، وقبل أن يصدر أى حكم كان الرجل قد خرج سالما بمعرفة من سكنوا طرة نيابة عنه وعن كل من أجرم معهم فى حق هذا البلد، هناك ألاعيب قانونية وحيل يستخدمها المحامون، لكن وكما نعرف فالمعارضة والاستئناف والطعن درجات تقاضى، اللجوء إليها يعتبر اعتراضا على الحكم القضائى. ويحق للقانونيين مناقشة الحكم والكشف عن عيوبه علانية فى الصحف وعبر الفضائيات دون الطعن فى ذمة القاضى الذى أصدر الحكم، أو التفتيش فى ضميره.
إذ انتهى عصر عدم التعليق «القانونى» على الأحكام، خصوصاً أنه لا يوجد نص يمنع ذلك، لكن أيضا ينبغى أن تنتهى طريقة الاعتراض على هيئة المحكمة أو التشكيك فى قضاتها. علينا أن ندعم قيم العدل، ونرسخ لاحترام الأحكام حتى لو اعتقدنا أنها خاطئة حتى لا تسود الفوضى، فقمة الظلم أن يتحول المتقاضون إلى قضاة، نعرف أن القضاة يحكمون بالقانون وربما يخطئون، لكن ليس من حق أحد أن يحكم نيابة عن القضاة.

لوحات على جدار النفس



  بقلم   مفيد فوزى    ٣١/ ١٢/ ٢٠١١
ليلة ميلاد سنة جديدة من رحم الزمن، أوثر الحكمة القديمة «مراجعة لا تراجع» أوثر مراجعة دفتر أحوالى فى كل المواسم وأحذف من فيس بوك حياتى وجوهاً سرقت منى الفرح أو مزقت أوصال المحبة أو خانت العهد أو ارتدت أقنعة الشجاعة، وهى تقطر جبنا أو سقطت منى صريعة حادث خيانة. لكنى لا أتراجع عن مبادئ ثابتة لعلها توليفة ذات نكهة من جينات وراثية واحتواء أهل وتربية مسيحية وصلابة ذاتية نسجتها تجارب العمر الصعبة.
 والحياة- بنظرة فاحصة- هى مجموعة لوحات معلقة على جدران النفس فى معرض دائم للترحال والسفر فى البشر. معرض لا يغلق أبوابه ولا شريط له يقصه وزير.
 لوحات ملونة بالسعادة، وأخرى فيها ظلال الأسى. لوحة توقظ فيك الحذر من المنحدرات العاطفية، وأخرى تنعش فيك الأمل رغم صخور التحدى. لوحة مبتلة بدموع على فراق حبيب، وأخرى ذائبة فى عناق رفيق.
 لوحة بريشة الحقد تفترس هناءك وتتمنى زوال نعمتك، وأخرى تسير بك بين الأدغال تحرسك عين الله الساهرة. لوحة رسمتها سواعد قوية وحناجر فولاذية، زئيرها أسقط نظاماً وأنجب ثورة، وأخرى تلمح بالعين المجردة الذئاب والضباع تقفز على الثورة، لوحة تبكيك من أصوات نقيق الضفادع ونعيق الغربان، وأخرى تشجيك من إرادة الميدان، وزغردة العصافير، لوحة تطالع فيها القوة عندما تنكسر وراء قضبان طرة، وأخرى تطالع فيها عطش الانتقام لشعب مهان. لوحة لصداقات عمر معمرة سكنت قلبك واستكانت، وأخرى لصداقات دفنتها فى صدرك وشيعتها.
هناك فى اللوحات بورتريهات أى: وجوه متعددة، وتعال نطوف: وجه فتى نفرت عروق رقبته ويصرخ «الشعب يريد». وجه فتاة احتلت كرسياً فى الفضائيات انتفخت ذاتها رغماً عنها تتكلم من أنفها. وجه صبية فقدت معالم صباها فى حريق مدبر. وجه فنان كان فى جرة وطلع لبرة واعتلى المنصات فى المليونيات.
 وجه من التحرير يهتف «يسقط». وجه من العباسية يهتف «يحيا». وجه مسؤول يذكرك بخيبة الأمل راكبة جمل.
 وجه فلاح أمى ينتخب الراجل اللى يعرف ربنا. وجه أم شهيد جفت دموعها ولم يجف حزنها. وجه بلطجى ينشل الطمأنينة بسلاح. وجه رجل أمن يصلب طوله بعد انهيار. وجه شاب ثائر يحاول ويبدأ الجدل بكلمة «لا».
 وجه يبيع أقراص الصبر للشفاء من الكآبة. وجه محترف فوضى يجيد فن أفخاخ الانقسام ونصب كمائن الفتنة. وجه ملثم يمد يده بنقود ويدسها فى يد أخرى تحمل مولوتوف. وجه ضابط جيش يكظم غيظه رغم كلمات بطعم الإهانات تجرح الكبرياء. وجه منافق يتنطط فوق الأكتاف ومتلون كالحرباء ولديه قناعة بأن الناس بلا ذاكره.
الحياة ليست لوحات ووجوهاً فقط لكنها «أمكنة وشوارع»، الميدان الشرارة التحرير، وألمح عذاب «سكانه» من جمعة ورا جمعة تحمل اسماً وهمّا. هم يعانون والسياح يتفرجون.
 شارع محمد محمود: التدمير بالأمر المباشر! شارع القصر العينى وحرائقه تطال التاريخ والمكان والمكانة! أمام ماسبيرو حيث الفزع يحمل صليباً! خيام الاعتصامات مغزولة من خيوط الألم والمعاناة، فيها أنين الجياع له صوت كعويل ريح الشتاء! قضبان سكة حديد الصعيد مقطوعة احتجاجاً ومقطوعة أرزاق البسطاء أيضاً.
 أكاديمية «المحاكمات» بالقانون، لا بالشارع.
اللوحات رسمتها خطاى وأنفاسى، والتوقيع: مصرى يحلم بترميم الوطن من كل كسوره وانكساراته ويراهن على شبابه وعقلائه.

هل هى الفوضوية؟



  بقلم   رفعت السعيد    ٣١/ ١٢/ ٢٠١١
دفعنى ما يجرى حولنا والحالة الانفعالية التى يتعامل بها طرفا الصراع الدائر فى ميدان التحرير وما حوله من شوارع وأزقة إلى التأمل، وإلى استخلاص أننا إزاء حالتين من العنف المتبادل، السلطة من جانب وقطاع معين من الجماهير من جانب آخر.
وإذا كان يحلو للسلطة أن تشير دوماً إلى طرف ثالث باعتباره المحرض والممول والمحرك لعرائس من أطفال الشوارع والبلطجية، فإن كل التصريحات والاعترافات- التى لا يعلم إلا الله مدى صدقها أو تطابقها مع الواقع- لا تعدو أن تشير إلى تحريض بدائى ولا يمكنه بأى حال أن يفسر ما يجرى، فالاشتباكات التى تتوالى وتجسد رفضها بالعنف الجائر ويتعرض مرتكبوها للقتل أو الإصابات أو السجن، لا تفسرها رشوة مكونة من خمسين جنيها وعلبة سجائر ووجبة من ساندويتشات فقيرة.
هذا بالإضافة إلى كون الكثيرين من متظاهرى العنف ليسوا ممن يمكن رشوتهم أو استدراجهم أو إقناعهم مقابل خمسين جنيها أو أكثر. وهنا يثور سؤال ملح، من أين يأتى هذا العنف؟ ولماذا؟ للإجابة على هذا السؤال احتجت إلى سلسلة من الحوارات التى تبدت فى البداية وكأنها مملة أو مكررة أو مجدبة، لكنها تفتحت فى نهاية الأمر على فهم أخشى تماما أن يكون التفسير المنطقى لما يجرى.
استمعت بإمعان لعديد من هؤلاء الشبان. طبعا اخترت عينات ليست من أطفال الشوارع ولا من البلطجية، فهم بعيدون عن اهتمامى، لأنهم ليسوا العنصر الأساسى فيما يجرى، هم مجرد رتوش أتت ربما للتغطية على الحقيقة، أو لإظهارها فى غير صورتها الحقيقية. وألخص ثمار حواراتى فى عدة جمل موجزة.
هؤلاء الشبان يعانون حالة من الإحباط المتراكم فهم متعطلون، ومن أسر أقل من المتوسطة فى قليل من الحالات وأسر تحت خط الفقر فى حالات هى الأكثر عدداً.
هم يشعرون فى مجملهم بأنهم خدعوا، وأن ثورتهم سرقت منهم، وحتى الذين طمحوا إلى تمثيل الثوار فى مجلس الشعب فشلوا فى أحيان كثيرة ولم تفلت منهم إلا نماذج تستحق التأمل فى كيفية إفلاتها.
وهم خرجوا فى ٢٥ يناير من أجل دولة مدنية ديمقراطية عادلة فإذا بالثمار تأتى معاكسة تماماً، وإذا بالإخوان والسلفيين يتبارون فى احتجاز ضوء شمس الثورة بعيداً عن فضاء الوطن.
وهم يحملون المجلس العسكرى مسؤولية الصعود المتأسلم والصمت عليه وتشجيعه.
والميدان، الذى كان مزارا للثورة والثوار يحجون إليه كلما أرادوا أن يستمتعوا بدفء الجماهير، فقد بريقه فى جمعة قندهار، إذ تحول إلى شىء مختلف تماماً، رايات طالبانية وصور لبن لادن، وحتى عندما رحل عنه التتار المتأسلم تحول إلى سوق تفتقد المذاق الثورى وتفتقد الحماس والقدرة على الإبداع، ويختلط فيها البلطجية بالثوار.
وهم لا يصدقون كل ما يقدم لهم من وعود، وأكدوا عدم السماح باستخدام الشعارات الدينية فى الانتخابات.. وتركوها لتكون أساس الدعاية الانتخابية.
وضعوا حداً أقصى للإنفاق الانتخابى ولم ينفذ.
وعندما شعر محدثى بأننى أتململ قال يكفيك هذه العينة، وثق أنها مجرد عينة.
وبعد هذه الحوارات بدأت أقترب من بعض من الفهم، نحن إزاء شباب غاضب، رافض، لا يصدق، مقهور، عاطل، فقير، بلا مستقبل. ويتراكم ذلك كله فى أعماقه ليخلق مناخاً رافضاً لكل شىء، فأنا إذا ناقشتهم كانوا يرفضون، يرفضون. يرفضون ثم يتوقفون فإذا سألتهم: وماذا تريدون؟! لا يجدون إجابة أو يقدمون إجابات هشة وغير منطقية. وهنا أعود إلى التاريخ لأكتشف ثمار هذه الحالة من الرفض الكلى للمجتمع القائم بخيره وشره، بل الرفض لمجمل المنظومة الإدارية والحكومية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتشريعية.
وهم يؤكدون أنهم يواجهون عنف النظام بعنف مقابل ويؤكدون رفضهم حجج النظام بأنه يمتلك الحق فى فرض سطوة قانون هم يرفضونه ويرفضون من وضعوه، مؤكدين أنه لا شرعية لحق الدولة فى فرض نظامها عبر العنف أو حتى عبر القانون الذى يعتبرونه جائراً.
وذلك كله ليس ابتكاراً جديدا، بل هو سلوك يتسلل عبر توالى القهر المجتمعى والاقتصادى والسياسى إلى أعماق عديد من الشبان، فينقمون على المجتمع ككل وعلى منظومة قوانينه وسلوكه وأخلاقياته ويجردون النظام القائم من كل مشروعية.
وهذه الأفكار قد تبدو الآن غير مرئية، لكن التأمل المتأنى يكشف لنا أنها إرهاصات لحركة قد تكون جنينا، والويل لنا إذا انتشرت. والجنين يتبدى، ليس فى هذه الأحداث الدامية، وإنما أيضاً فى بداية خلق تنظيم فوضوى ربما كان جنينه هو الذى ملأ مداخل محطات المترو فى ميدان التحرير بالشعار التاريخى للحركة الفوضوية.
هل هى بداية؟ مجرد بداية؟ أخشى ذلك ويكفى أن أقرر أن واحداً من الفوضويين أراد إرباك المجتمعات الأوروبية فى صراعات دامية فاغتال ولى عهد النمسا، وكانت الثمرة هى الحرب العالمية الأولى التى قدمت البشرية على مذبحها خمسة ملايين قتيل ودمرت وهدمت دولاً عديدة وأعادت تشكيل دول أخرى، واعتبر الفوضويون أن هذا هو انتصارهم التاريخى الأكبر.
والسؤال الملح هو: هل الفوضويون قادمون؟ وهل سنمضى فيما نحن فيه فنمنحهم المساحة والقدرة على مزيد من الدمار.. أم نلجأ إلى الحل: العدل، الديمقراطية، الليبرالية، الدولة المدنية، المساواة، حق الاعتقاد، حقوق الإنسان، الشفافية، حق العمل، حق السكن، حق العلاج الطبى...إلخ.
أم أن البعض يفضلها فوضوية حتى يمارس ما يشاء، كما يشاء؟، ويبقى أن أقرر أنها مجرد إرهاصات لحفنة محدودة، فحذار أن نتركها حتى تنمو.
أرى تحت الرماد وميض نار
ويوشك أن يكون له ضرام
فهل نتعظ؟

التمويل الأجنبى وسوق النخاسة



  بقلم   عمر حسانين    ٣١/ ١٢/ ٢٠١١
لم تتوقف حروب المصالح بين الدول الاستعمارية منذ فجر التاريخ، استخدمت هذه الدول كل الوسائل للسيطرة على الدول والشعوب الأكثر فقراً وقهراً وتخلفاً، وتنوعت وسائل الهجوم حسب الظروف التاريخية.. ومن أخطر هذه الوسائل شراء مجموعات من الدول المستهدفة، سواء بالدفع المباشر لأشخاص بأعينهم، أو منظمات حكومية رسمية، أو أخرى تمثل المجتمع المدنى، يتم تحريكها - مثل «الدمى» والعبيد فى سوق «النخاسة» - إلى الوجهة التى تخدم مصالح المستعمر وأهدافه.
وبعد أن ثبت فشل تحريك الجيوش والآلات العسكرية فى إنجاز المهام الاستعمارية، صار المال هو السلاح الأخطر والأنجز فى تحقيق الإصابة القاتلة للهدف، ونبتت كتائب موالية من الشعوب المستهدفة تتولى القتال لمصلحة من يدفع لها، وتُخلص فى الدفاع عن مصالحه، وتنغص على حكوماتها وأنظمتها حياتها، بالضبط مثل «شوكة محشورة فى الحلق».
وحكومات الشعوب المقهورة تغض الطرف عن الموالين للأنظمة الاستعمارية، إما عجزا عن المواجهة، أو لتركهم حتى يلفوا حبالهم حول أعناقهم، فيشنقوا أنفسهم بها، وأحيانا تستخدمهم ديكورا وممثلين فى مسرحية الديمقراطية، فإذا أبوا الاشتراك فى فريق التمثيل، لوحوا لهم بالأوراق التى تكشف عوراتهم، وتنقلهم إلى صفوف الخونة والعملاء للأعداء.
ومنظمات المجتمع المدنى وأصحاب الرأى والفكر ووسائل الإعلام، هى أكثر المواقع المستهدفة للتجنيد فى الدول التى تعانى فساداً وقهراً، وهذا ما حدث فى مصر، من دول لها أطماع فى بلادنا، أو دول تنفذ سياسات الطامعين بالوكالة، ووقعت فى هذا الفخ منظمات للمجتمع المدنى وإعلاميون ووسائل إعلام، دخلوا فى معارك مع نظام مبارك، وشنوا عليه حملات تدمير منظمة، وهاجموه من أبواب فساده وقهره وتنكيله بالشعب المصرى.
واستخدم نظام مبارك أدوات المعركة نفسها.. انتشرت فى الداخل والخارج عصابات مهمتها تحسين صورة النظام الفاسد، وإظهاره فى صورة الزعيم الأوحد، والقائد الملهم، والربان المنقذ للسفينة الضالة وسط بحر مظلم متلاطم الأمواج.
ووسط هذا الصراع المميت، بقى المصريون المخلصون، من منظمات أهلية مخلصة وإعلام حر، ومسؤولين وطنيين، وشعب يفهم «الفولة».. حسموا الصراع لصالحهم.. أسقطوا النظام الفاسد بثورة أذهلت الدنيا، واليوم.. يكشفون عورة المأجورين، الذين يريدون إفساد الثورة بالفوضى والخراب، وقريبا جدا سيحتفل كل الشرفاء بالقصاص من كل الأعداء، فقط، علينا أن نزن الأمور بالعقل ونتحلى بقليل من الصبر.

الإمام والمفتى.. والسؤال الخطأ



  بقلم   محمد أمين    ٣١/ ١٢/ ٢٠١١
أصيب الرأى العام بالرعب بعد تصريحين غريبين.. الأول يتعلق بتوجه سلفى لإنشاء هيئة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».. الثانى يتعلق بفتوى تحذر من تهنئة الأقباط بأعياد الكريسماس والميلاد.. واشتد الجدل حول التصريحين معاً.. مصدرهما سلفى.. ولأول مرة ينتظر الأقباط النظر فى أمر تهنئتهم.. فلا الثورة كانت لنبذ المسيحيين؟.. ولا الأقباط أصبحوا من الكفار فجأة!
أثارنى أن البعض طالب مفتى الجمهورية بضرورة إصدار فتوى.. إما بتأكيد فتوى السلفيين، وإما بجواز تهنئة المسيحيين فى أعيادهم.. وكانت المفاجأة أن دار الإفتاء تصدت للقضية.. وأصدرت فتوى شرعية أو سياسية، تسمح بجواز تهنئة الأقباط فى الكريسماس.. واستغربت جداً أن مفتى الجمهورية الدكتور على جمعة قد أصدر فتوى بهذا الشأن.. أذاعها التليفزيون الرسمى!
وجه الغرابة أن السؤال أصلاً غلط.. وبالتالى لا يصح أن يكون محل بحث.. وما كان ينبغى على دار الإفتاء أن تتصدى له، وتصدر بياناً يشبه استطلاع هلال رمضان.. ما كان ينبغى أن يصدر بيان، لأن السؤال خطأ.. وما كان ينبغى أن يذاع على التليفزيون الرسمى.. ثم تتناقله الفضائيات.. وتنشره الصحف.. ويوزعه الأقباط على مواقعهم.. رداً على مزاعم الشيخ ياسر برهامى!
الطريف أن الشيخ السلفى مكتشف الكارثة لم يرد بعدها على المفتى.. ولم يتمسك بأن الأقباط كفار.. ولا عادل عبدالمقصود، رئيس حزب الأصالة، ومساعد وزير الداخلية السابق، قد فعل أيضاً، واعتبر أن تهنئة الأقباط إثم عظيم.. مع أن فتواهما قد أحدثت حالة من الانقسام، والفزع فى المجتمع.. وأرى أن الرد الطبيعى عليه أنه كلام فارغ لا يستحق عناء الرد عليه أبداً!
أتصور أن السؤال خطأ.. ولذلك استحسنت تصرف الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب.. فلا هو عقد اجتماعاً فى المشيخة، ولا هو أصدر بياناً، ولا أى شىء من هذا.. ولكنه ببساطة شديدة هنأ البابا شنودة، والإخوة الأقباط بعيد الميلاد المجيد.. كعادته.. وهو رد عملى جداً، على فتوى السلفيين.. وأرسل برقية تهنئة لقداسة البابا شنودة، بمناسبة الكريسماس!
هذا هو الرد.. لا فتوى ولا بيان ولا اجتماع.. برقية نصها: «يسرنى فى مناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد أن أبعث لقداستكم، والإخوة الأقباط، بأصدق التهانى وأطيب الأمانى».. وأضاف: «إننا فى أرض الوطن، الذى يضمنا جميعاً، نبتهل إلى الله أن يرعى خطواتنا المشتركة، دعماً لما بيننا من مشاعر الإخوة، ووشائج القربى فى الإيمان والكفاح الوطنى، لما فيه الخير لأبناء مصر»!
معناه أن الحكاية لا تحتاج إلى فتوى.. ولا تحتاج إلى إجابة على سؤال غلط.. فقط برقية، لم تختلف عن العام السابق فى مضمونها، وإن اختلفت فى دلالتها بالطبع.. وكان على مفتى الجمهورية ألا يستقبل السؤال، وكان عليه ألا يتعامل معه.. التعامل مع خطأ خطأ آخر.. يجعل لصاحبه قيمة.. فهذه الأسئلة هى التى تشق الصف، وتنذر بحرب طائفية تحرق مصر؟!
لا برهامى كان موفقاً، ولا عبدالمقصود، ولا حتى المفتى، رغم أنه حسم الجدل.. أعجبنى شيخ الأزهر، لأنه تصرف بما يليق.. هنأ البابا شنودة كما كان يفعل، وهنأ رؤساء الطوائف المسيحية.. فلا يعقل أن يكون الإمام الأكبر قد اكتشف شيئاً من الدين فجأة.. بعد الثورة.. ولا يعقل أن يكون الأزهر فى مصر، ومازال هناك من يوزع اتهامات الكفر، أو يذبح المخالفين، على الطريقة الإسلامية؟!

أرشيف الزمان


٣١ ديسمبر.. الحادية عشرة مساء.
كان الليل قد أوغل. والسيارة تقطع الطريق الذى لا ينتهى. وأغلب من فى السيارة قد ناموا فيما عدا ذلك الرجل الجالس جوارى، ويبدو عليه القلق. لم أستطع أن أتبين ملامحه بوضوح بسبب الظلام السائد. الشىء العجيب أنه يبدو كأنه يكتب، رغم أنه لا يمسك ورقة ولا قلماً. لكن حركات يده تقول إنه يكتب. فهل هو مختل العقل مثلا؟ ابتعدت بجسدى عنه فى حذر.
الحادية عشرة والربع مساء!
كان الصمت مهيمنا، والليل قد ازداد غموضا وعمقا، لكن هذا الجالس جوارى مازال يكتب فى ورقته الوهمية. سألته وقد تغلب فضولى على حذرى: «ماذا تكتب؟». بمجرد أن كلمته نظر إلىّ مذهولا وكأنه لا يصدق! قال هامسا: «هل تكلمنى؟». قلتُ باسما: «نعم! أراك تكتب دون ورقة وقلم، فأحببت أن أعرف الحكاية؟». عاد يردد فى ذهول: «هذا معناه أنك ترانى! أليس كذلك؟». قلت وقد تأكدت أنه ليس على ما يرام: «وهل هذا غريب؟». راح يهز رأسه يمينا وشمالا، وهو يقول: «مذهل! مذهل!».
وساد الصمت لدقائق. كانت الساعة تناهز الحادية عشرة والنصف مساء، والسيارة تهتز، والأضواء البعيدة الخافتة تلوح متناثرة فى الطريق. ترى ما الذى يعنيه ذلك الجار غريب الأطوار؟ قلتُ محاولا أن أزجى الوقت: «حضرتك من هنا؟». بدا مترددا بشكل لا يتحمله سؤالى! ثم قال بصوت مبحوح: «أنا من كل مكان، وفى كل مكان!».
إذن فهى النغمة القديمة. مرة قابلت عجوزا ادّعى أنه مخلوق فضائى! على كل حال هو يبدو غريب الأطوار ومسالما. سألته: «ما عملك؟». قال بعد تفكير عميق: «يمكنك أن تعتبرنى رئيس أرشيف! هذا أقرب شىء لفهمك».
الثانية عشرة إلا بضع دقائق.
كان الأمر قد صار مسليا. يا ليتنى حادثته من البداية وقطعت الطريق الطويل معه بالسمر. عقارب الساعة تتحرك صوب العام الجديد. الدقائق الفاصلة بين عام مضى وعام قادم. أليس غريبا أن أقضى هذه اللحظات فى سيارة تنهب الطريق بسرعة، تشق الليل المظلم مع غرباء لا أعرفهم! ولكن أليست رحلة الحياة كلها كذلك؟
سألته: «أى أرشيف تقصد؟»، بدا مترددا للحظات، ثم قال هامسا: «ما دمت قد رأيتنى فهذا معناه أننى مأذون لى أن أخبرك. أنا رئيس أرشيف الزمن، المُوكّل بأرشيف كل إنسان على وجه الأرض، أسجل كل شىء فعلته خلال هذا العام. أنا موجود فى هذه السيارة وموجود فى كل مكان. لا أفعل شيئا سوى أن أكتب وأكتب. الناس لا ترانى، أنت فقط رأيتنى لحكمة لا أعلمها! ربما لتخبر الآخرين بوجودى. ينسى الناس كثيرا وجودى. يتناسون أننى أكتب وأكتب. كل ما قالوه أكتبه. كل ما فعلوه أسجّله. وفى نهاية كل عام أختم الملف وأضعه فى الأرشيف حتى يتم استدعاؤه».
قلت وأنا أرتجف من الخوف: «كل شىء مكتوب؟». قال وعيناه تتسعان رعبا: «كل شىء مُسجّل بالكلمة! بالصوت والصورة». قلتُ فى قلق: «ماذا عنى أنا؟ هل ورقتى سيئة؟». غاص فى مقعده وهو يهمس: «أسوأ مما تتصور».
قلت وقد أصابنى الرعب: «طيب هل تعرف ماذا سيُفعل بالأرشيف بعد ذلك؟». قال فى رثاء: «ماذا سيفعلون؟ المحاسبة طبعا! وإلا فلماذا أكتب؟!».
وساد الصمت تماما، وقد أصابتنى رعدة من فكرة «الحساب» القادم. الفكرة التى كانت كلما خطرت على بالى أتجاهلها، ولكن جارى الغريب وضعها أمامى. آه يا ليتنى قد أخذت حذرى! يا ليتنى متُ قبل هذا!
كانت السيارة قد وصلت الموقف، تعالى ضجيج الحياة المألوف، ونظرت حولى فى السيارة، حتى أسأله ما الذى أفعله لأنجو! فوجدته قد اختفى تماما.

فى انتظار «رفاعة»


  بقلم   جلال عامر    ٣١/ ١٢/ ٢٠١١
تمر السنوات ويظل «التخلف» ضيفاً دائماً وكأن «رفاعة الطهطاوى» لم يعد من البعثة بعد، فهل السنوات خصم من أعمارنا وإضافة إلى خبراتنا أم العكس؟
إذ لا يتغير فينا إلا الرقم المكتوب على أجندة الحائط، وفى منتصف هذه الليلة سوف أنظر إلى القمر وأتذكرك وأدعو لك أن يكون نوره فى عينيك وظلامه تحت قدميك، وقد تعودنا فى عروس البحر أن نتخلص من بقايا العام الذى مضى من النافذة فور سماع «سارينة» البواخر فى منتصف الليل وقد أخذنا هذه العادة الغريبة من «الطلاينة» وبدأت بإلقاء الملابس القديمة والراديوهات التالفة وقطع الأثاث.
 ثم بسبب التطور الذى أصاب المدينة وصلنا إلى رمى «فضلات الفراخ»، فلا أحد يودع ماضيه عندما يتخلص من ملابسه، فهناك زميل محترم وعلامة يتزعم جماعة «آسفين يا فرعون» وزميلة محترمة وليست علامة لا تعجبها ثورة يوليو الصيفية ولا ثورة يناير الشتوية وتتزعم جماعة «آسفين يا ملك» يا أبورجل زمبلك وهناك «آسفين يا ريس»، وهى غير «المنحة يا ريس» التى كنت عضواً فيها.
 لكن لا أحد يتأسف لهذا الشعب المسكين الذى عانى من الفرعون والملك والرئيس، وعشق الماضى جعل بيننا وبين «جرينتش» ليس ساعتين، بل قرنين فى انتظار عودة «رفاعة».. فلا تلوموا «رفاعة»، لأنه عاد من البعثة ليحدثنا عن عربات «الرش» فى شوارع باريس، لكن لوموا من لا يزال حتى الآن يجرى وراءها.. وأى واحد فى هذا البلد حافظ اسمه وعنده بدلة ممكن يعمل فيها «رفاعة» ويؤكد أن عروس البحر جسمها جسم سمكة ورأسها رأس إنسان، ومع ذلك يتعايشان، فلا الرأس تأكل السمكة ولا السمكة تبتلع الإنسان.. وأسوأ أنواع الإدمان هو إدمان الماضى، وفى منتصف الليل ارمه من النافذة على رأس الفرعون والملك والرئيس وانظر إلى نور القمر، وعندما يغيب توجه إلى المطار لتكون فى استقبال «رفاعة».

دستور وليس لائحة لـ«مصلحة عموم الزير»



  بقلم   صلاح عيسى    ٣١/ ١٢/ ٢٠١١
بأسرع مما كان متوقعاً، توقفت مظاهرات المبادرات التى انطلقت خلال الأسبوع الأسبق، تهتف ـ على صفحات الصحف وشاشات الفضائيات ـ بشعار «اليوم حرام فيه الدستور»، مطالبة باختصار ما تبقى من زمن المرحلة الانتقالية، بحيث تنتهى فى ٢٥ يناير أو ١١ فبراير من العام المقبل، بإجراء الانتخابات الرئاسية فور إتمام انتخابات مجلس الشعب، بما يعنى إلغاء انتخابات مجلس الشورى وانتخاب الهيئة التأسيسية التى ستضع الدستور، وبالتالى عدم إجراء استفتاء شعبى عليه، بحيث يتسلم الرئيس المنتخب سلطته فى العيد الأول للثورة، ويحتفل ثوار يناير بالعيد، وقد حققوا هدفهم الأسمى، فأسقطوا النظام السابق، الذى كان يحكم بدستور معيب، ليحل محله نظام ثورى بطريقة ديمقراطية، يحكمه تحالف الإخوان المسلمين والسلفيين من دون إحم.. ولا دستور.
المدهش أن معظم الذين قدموا هذه المبادرات ومهروها بتوقيعاتهم كانوا من المنتمين إلى الجناح المدنى الديمقراطى من ثوار يناير، الذين تمسكوا بشعار «الدستور أولاً»، وأن الذين اعترضوا عليها كانوا من المنتمين للجناح الدينى من الثوار، وفى مقدمتهم حزب «الحرية والعدالة»، الذى أعلن تمسكه بالجدول الزمنى المتفق عليه، بحيث يوضع الدستور أولاً ثم تأتى الانتخابات الرئاسية ثانياً، وبذلك تبادل الطرفان مواقفهما، وأصبح أسيادنا الذين فى الجناح الدينى لثورة يناير، يطالبون بـ«الدستور أولاً» وأصبح أسيادنا الذين فى الجناح المدنى لها يطالبون بـ«الانتخابات أولاً» وسبحان مغير الأولويات من حال لحال!
وهكذا أسفرت مظاهرة المبادرات، عن اقتراح بإجراء انتخابات الشورى على مرحلتين، وربما مرحلة واحدة، مما يوفر ما بين أسبوعين وأربعة أسابيع، يمكن إضافتها إلى المدة القصيرة، التى حددها الجدول الزمنى لوضع الدستور، وهى عشرة أيام لانتخاب هيئة المائة التى ستضع مسودته، وشهر لصياغة المسودة، وخمسة عشر يوماً لمناقشة عامة فيه لتمتد من سبعة أسابيع إلى تسعة إذا اختصرت انتخابات الشورى إلى مرحلتين، أو أحد عشر أسبوعاً إذا اختصرت إلى مرحلة واحدة، وهى مدة لا تكفى فى حدها الأدنى أو الأقصى، لوضع لائحة مصلحة عموم الزير، فما بالك بدستور بلد مثل مصر، يصعب فيه أن يتفق اثنان على رأى، أو يتوافقا على سياسة، حتى لو كانا ينتميان إلى الحزب نفسه أو الثورة نفسها!
لكن بعض أسيادنا الذين فى التفاؤل أسرعوا يعلنون فى الأسبوع الماضى أن وضع الدستور مسألة سهلة وبسيطة، وأن مصر بها ثروة من الخبراء تستطيع أن تضع الدستور فى أسبوع واحد لا أكثر، وهو ما يؤكد أنهم يتصورون أن وضع الدساتير لا يختلف عن وضع لائحة لمصلحة عموم القلة وليس الزير.. بينما ألمح التحالف الديمقراطى، الذى يتزعمه حزب «الحرية والعدالة»، إلى أنه لا حاجة إلى وضع دستور جديد، وأن كل ما هو مطلوب هو إدخال تعديلات على الباب الخامس من دستور ١٩٧١، وهو الباب الخاص بنظام الحكم، لإعادة التوازن بين سلطات الدولة الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتقليص سلطات رئيس الجمهورية، وكفى الله المصريين شر الاختلاف على مواد الدستور!
وبصرف النظر عن أن الباب الخامس من دستور ١٩٧١ يتضمن مائة وإحدى عشرة مادة من أصل ٢١١ هى كل مواده، أى ما يزيد على نصف مواد الدستور، فإن تعديل هذه المواد، سوف يتطلب بالضرورة، إعادة النظر فى بقية المواد لتحقيق الانسجام والتناغم بين كل مواد الدستور، فضلاً عن أنه يتطلب إعادة النظر، وربما إلغاء مواد الباب السابع من الدستور، الذى أضيف إليه بمقتضى تعديلات ١٩٨٠، فصلان فى ٣٧ مادة، أحدهما عن مجلس الشورى والثانى عن سلطة الصحافة، ومعنى ذلك أن التعديل سيشمل ١٤٨ مادة، من أصل ٢١١ أى ما يزيد على ثلثى عدد مواد الدستور
وبالتالى فهو لن يوفر وقتاً يتيح لهيئة المائة وضع الدستور فى الوقت الذى يخصصه له الجدول الزمنى.. حتى بعد إضافة الأسابيع الأربعة التى قد يتم اختصارها من المدة المحددة لإجراء انتخابات الشورى، بل سيقودنا فى الغالب إلى دستور مرقع، كالذى انتهى إليه دستور ١٩٧١ بعد التعديلات التى أدخلت عليه عام ٢٠٠٧، فإذا وضعنا فى الاعتبار أن كتابة الدستور، طبقاً للجدول الزمنى الراهن، سوف تجرى بالتوازى مع فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية فمعنى هذا أن المرشحين للرئاسة سوف يتقدمون للترشح ويقومون بحملاتهم الانتخابية، لشرح برامجهم من دون أن يعرفوا ما إذا كان ما يعدون به الناخبين يدخل فى اختصاصاتهم، بمقتضى الدستور الذى سيكون ـ آنذاك ـ محل مناقشة وبحث، أم سيكون فى اختصاص غيرهم، ودون أن يعرفوا طبيعة هذه السلطات، أو يقبلوا القيام بها، فى ظل تركيبة مجلس الشعب الحالى، التى أصبحت معروفة لهم.
 ومعنى الكلام أن مسألة وضع الدستور لا يجوز أن تؤخذ بالخفة التى تعالجها بها كل الأطراف على الساحة السياسية، ولابد من البحث عن حل يكفل وضع نصوصه فى مناخ بعيد عن الاستقطاب الحالى، ويكفل مساحة من الوقت لمناقشات جادة، داخل اللجنة التى ستكتب مسودته، وعلى نطاق المجتمع قبل طرحه للاستفتاء.. ليكون دستوراً لدولة وليس لائحة لمصلحة عموم الزير!

أهم إنجازات الطب فى ٢٠١١



  بقلم   خالد منتصر    ٣١/ ١٢/ ٢٠١١
كما كان عام ٢٠١١ عام الثورات السياسية فى العالم العربى، كان أيضاً عاماً للإنجازات الطبية، ولكن بالطبع خارج العالم العربى الذى نتمنى أن تكون ثورته السياسية بداية لثورته العلمية والطبية ومشاركته للغرب فى صنع النهضة والحضارة، وسنستعرض أهم الإنجازات الطبية فى سنة ٢٠١١.
١- نبدأ بما يهم المصريين من مرضى الكبد الذين يمثلون أكبر نسبة من المصابين بفيروس «سى» على مستوى العالم، حيث وافقت مؤسسة الغذاء والدواء الأمريكية فى ٢٠١١ على دواءين هما تيلابريفير (telaprevir)، وبوكيبريفير (boceprevir) لعلاج التهاب الكبد الوبائى من النوع «سى» مع الأدوية التقليدية المستخدمة للعلاج حاليا والتى سترفع نسبة الشفاء. الأدوية الجديدة لها فلسفة مختلفة ستحدث ثورة فى التعامل مع هذا الفيروس اللعين، فهى من مثبطات إنزيم يساعد الفيروس على النمو اسمه البروتِياز، هذا المثبط يرتبط بالفيروس ويمنعه من التكاثر.
٢- ناقش العلماء بشكل موسع دور ما يسمى السى رياكتيف بروتين CRP فى مرض القلب وتلف شرايينه، وحلوا لغز كيف لشخص عنده مستوى منخفض من الكوليسترول الضار أن تصاب شرايينه بالمرض، وجدوا أن الإجابة هى المستوى المرتفع لهذا البروتين، وُجدت دراسة أو بالأصح مشروع ضخم أطلق عليه «جوبيتر» الذى تم على ١٨ ألف رجل وامرأة، أكثر من ثلثهم بدناء ومتوسط أعمارهم ٦٦ عاماً، وتم تقسيمهم عشوائياً، بحيث يتلقى أحدهم يومياً قرصاً بعشرين مللى جراماً من دواء معين ينتمى إلى طائفة الستاتين، أو قرصاً من البلاسيبو(سكر ونشا)، تبين للباحثين انخفاض مضاعفات شرايين القلب بنسبة ٤٤%.
٣- بشرى لأصحاب الوزن الثقيل وحزب البدناء جاءت دراساتها الأولية فى ٢٠١١ وهو دواء الـadipotide الذى يقال إنه يوقف تدفق الدم للخلايا الدهنية، ولكن مازال السؤال المحير: وماذا عن الأوعية الدموية الأخرى وتدفق الدم فيها؟ وقد جاء الاكتشاف بالصدفة عند إجراء اختبارات عليه لعلاج السرطان فوجد العلماء أن استخدام العقار لمدة شهر على قرود المختبرات أدى إلى خفض ١١ فى المائة من متوسط الوزن و٣٩ فى المائة من مخزون الدهون بالجسم، وتراجع حجم الخصر (البطن) بجانب تعزيز وظائف التمثيل الغذائى، بما فى ذلك مقاومة الأنسولين، العامل المسبّب لداء السكرى من الفئة الثانية، بحسب بحث أجرى حول إنقاص الوزن.
٤- اعترفت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية بأول لقاح ضد سرطان البروستاتا وهو لقاح سيبوليوسيل - تى Sipuleucel-T، ويتم تكوينه عن طريق أخذ خلايا غصنية Denderitic Cell - خلايا محفزة للجهاز المناعى - من جسم المريض وتحميلها بمادة اسمها Prostate Acid Phosphatase وإعادتها ثانية للجسم، فتقوم بتحفيز للجهاز المناعى محدد ضد الخلايا السرطانية فى البروستاتا، وهذا اللقاح لا يعطى فى السرطان المنتشر، لكن سعره مازال فلكياً فهو يصل إلى أكثر من سبعين ألف دولار!!.
٥- عاد الجدل بصورة حادة فى ٢٠١١ حول علاقة الموبايل بسرطان المخ حين أعلنت منظمة الصحة العالمية فى مايو الماضى نصيحتها بالإقلال من استخدامه لأنه من المحتمل أن يصيب بالسرطان، وأصدرت عدة توصيات مهمة لطريقة استخدامه.
٦- كان عام ٢٠١١ عام الاكتشاف المبكر لأخطر مرض محير يصيب المسنين وهو ألزهايمر تمهيداً لإمكانية علاجه فى السنين المقبلة، وذلك من خلال حقن مادة مشعة بالوريد AV-٤٥ ترتبط بلويحات المرض داخل المخ فتسهم فى الكشف المبكر عن المرض.

متاهات ٢٠١١



٣١/ ١٢/ ٢٠١١
لو لم يكن عام ٢٠١١ عام الثورة، لكان عام المتاهات باقتدار، متاهات قانونية بالأساس، إعلامية فى كثير من الأحيان، متاهات تجعل المواطن البسيط والمثقف، وربما العالم المطلع الخبير فى الشؤون السياسية والاستراتيجية وغيرها من الشؤون التى اكتشفت أهميتها حديثاً، فى حيرة من أمره، لا يدرى ماذا يفعل أو لأى فريق ينضم، ليس الحياد دائماً البديل المتاح، فالاستفتاء على تعديل الدستور كان بمثابة تقرير مصير، أحسسنا جميعاً فى ذلك الوقت، بضرورة المشاركة فيه، فما من عاقل يرضى بأن ينفرد الإسلاميون بالحكم، بعد أن كانت لهم اليد الطولى فى تعديل الدستور، أو أن يتولى أمرنا علمانى - معاذ الله - يطيح بالمادة الثانية من الدستور، كلنا كان أحد الرجلين، وجميعاً لم ندر، أى المعسكرين انتصر فى معركة الصناديق، فلا الدستور عدل كما أراد فريق (نعم)، ولا وضع دستور جديد كما كان يطمح المصوتون بـ(لا).
ما نعلمه جميعاً أن الانتخابات أصبحت أولاً، وأنها قد صارت طقساً، يدعى كثيرون كونه دينياً، ويكاد أن يكون هناك إجماع على ارتباطه بحب الوطن، إن لم يكن هو حب الوطن ذاته، والسبيل الوحيد إلى نصرته ورفعة شأنه، اختزلت الديمقراطية بمفهومها الواسع فى الانتخابات، التى ما هى إلا آلية للاختيار، توجهت الجماهير الغفيرة - التى أخذت أعدادها تتناقص بعد ذلك - إلى لجان الانتخاب لتواجه المتاهة الكبرى، فلا أحد يعلم من كل هؤلاء المرشحين على المقاعد الفردية، ولا ماهية هذه الأحزاب السياسية الجديدة، ومن ثم كان النصيب الأوفر للقوى المحافظة المتجذرة فى المجتمع، دينية وعشائرية وعلمانية.
قبل هذه المتاهة، التى ندعو الله أن يعين عليها إخواننا بالمحافظات التى لم تجر بها الانتخابات بعد، كانت هناك متاهة أخرى أضيق نطاقاً، وإن لم تخل من حدة، تلك هى متاهة النظام الانتخابى، التى تابعتها الجماهير على شاشات التلفاز لفترة حتى سئمت من تعقيداتها فتركتها للنخبة، الأكثر علماً ودراية، والتى يتنصل الكثير من وجوهها الآن من النظام الانتخابى المختلط المطبق حالياً، فلم يأت بشباب الثورة، أو يضمن تمثيلاً جيداً متوازناً لمختلف القوى والتوجهات داخل البرلمان.
الإصرار على بقاء مجلس الشورى، رغم ما لذلك من أثر على تأجيل البدء فى وضع الدستور، إصدار قانون العزل أو الإفساد السياسى بعد فتح باب الترشيح للانتخابات، بقاء كثير من قيادات النظام السابق فى مواقعها، الانتظار الطويل من أجل تطبيق الحد الأعلى للأجور، رغم ما تمر به البلاد من ضائقة مالية..
متاهات وعلامات لعام ٢٠١١، يتضاءل كل ذلك بالطبع أمام متاهة الدستور، الذى ربما يكون الأول - على مستوى العالم - الذى يختار برلمان جمعيته التأسيسية، دستور سيمر عام على بدء الثورة قبل عقد أول اجتماع لوضعه، وبرلمان سيكون له دور محورى فى وضع الدستور، رغم كونه هو ذاته سيمارس «اختصاصاته»، ربما لدور تشريعى كامل دون دستور.

فيلم هندى



  بقلم   محمد منير    ٣١/ ١٢/ ٢٠١١
أسرة تفترق فى بداية الفيلم وتجمعها المصادفة غير المتوقعة، كأن يخرج الابن الذى أصبح ثرياً فى جولة بطائرته الخاصة، وأثناء تصفحه الجريدة الصباحية يرى رجلاً عجوزاً يعمل حامل حقائب بمحطة القطارات، وأثناء حمله حقيبة أحد الأشخاص تقع منه على الأرض، فيثور الرجل وينهر العجوز ويدفعه بقوة، فيقع فوق القضبان الحديدية فى اللحظة التى يأتى فيها القطار، فيقرر الابن الذى يتابع هذا المشهد، متأثراً من طائرته إنقاذ هذا العجوز، فيأمر الطيار بالهبوط، والذى رفض فى البداية، إلا أنه فى النهاية وافق على خوض المغامرة، ويقترب الطيار من القضبان الحديدية فى اللحظة نفسها التى يقترب فيها القطار من العجوز، وفى هذا الوقت يتدلى الابن من الطائرة حتى يمسك بالعجوز، وتحدث المعجزة وينقذ العجوز من موت محقق، وطبعاً قميص الابن تمزق نتيجة لتنفيذ المعجزة، فيرى العجوز (الوشم) على كتفه اليسرى، فيكتشف أنه ابنه، وهنا تبدأ مغامرة جديدة ألا وهى رحلة البحث عن باقى أفراد الأسرة، هكذا تكون الأفلام الهندية قصة متكررة مع اختلاف الأشخاص، ورغم أنك تستطيع أن تتوقع النهاية وكذلك البداية، فإنهم ينجحون فى كل مرة فى رفع (الأدرينالين) إلى درجاته القصوى لدرجة قد تُصيبك بالضغط أو السكر.
هذه كانت التيمة الأساسية للسينما الهندية قبل الثورات العربية، أما بعدها فقد تغيرت الشخصيات الأساسية التى تقوم عليها الأحداث، لتبدأ برجل ظالم يغتصب هو وحاشيته مقدرات البلاد، ويستولى على حقوق الناس، ومع الوقت يزداد عدد مَنْ ظلمهم، وعدد مَنْ يريدون الانتقام منه هو وحاشيته، بعد أن فشلت الشرطة المتواطئة فى حمايتهم منه، فيقررون الانتقام بعد أن أصبحوا موتى على قيد الحياة، وأصبح الموت بالنسبة لهم مرادفاً للحياة، وبعد أن أصبحوا يخشون على أبنائهم من حياة لا أمل فيها، ورغم أن هذا الرجل يعلم أن كل مَنْ ظلمهم يريدون الانتقام منه، إلا أنه لا يصدق أن هؤلاء الضعفاء يستطيعون فعل شىء وكأنه أصابه عمى السلطة، وظل فى عناده حتى وهو يشاهد الملايين أمامه لا يمنعهم عنه سوى بضعة أمتار، إلى أن يسقط فى أيديهم، وفى هذه اللحظة تتدخل الشرطة ليس للقبض عليه، لكن لحمايته من هؤلاء الغاضبين الثائرين، الذين يتركونه للشرطة، ويصدقون أنه قُبض عليه، ولن يفلت من العقاب ويُحاكم أمام الجميع، وتدور الأحداث ويكتشف الجميع أن هناك تواطئاً بين الحكومة وهذا الرجل الذى أصبح فى حمايتهم من الثائرين، وأن من قُتلوا فى سبيل القضاء على هذا الطاغية قد ذهبوا هباء منثوراً، وأن أموالهم وأملاكهم التى نهبها لاتزال فى قبضته
ومازال يتحكم فى كل شىء من خلال رجاله المنتشرين فى كل مكان، بين الناس وبين أعضاء الحكومة نفسها، وتبدأ النيران داخلهم فى الاشتعال مرة أخرى، ويقررون القيام بثورة أخرى ضد الحكومة التى تحمى هؤلاء الفاسدين، وينتهى الفيلم باختفاء هذا الرجل الظالم على طريقة الأفلام الهندية أثناء محاكمته، بعد أن يكتشف الغاضبون والثائرون أن (شبيهاً بالطاغية) كان يجلس فى القفص مكانه، وأنه يعيش فى بلد آخر، مستمتعاً بأموالهم. ورغم أننى لا أصدق الأفلام الهندية ولا أتفاعل معها فإننى لا أعلم ما سر انجذابى للنوع الأخير من أفلامهم، ربما لشعورى بأننا نعيش الآن فى فيلم هندى كبير.
شىء واحد فقط أزعجنى فى الفيلم، وهو أنهم لم يتخلوا عن الطريقة الهندية فى نهاية الفيلم، ليجعلوك تردد وأنت فى أوج انفعالك: «صحيح فيلم هندى».

الجمعة، 30 ديسمبر 2011

أرشيف الخارجية البريطانية

 يكشف صفات وأسرار مبارك "نائب الرئيس": ليس مفكراً.. وسيخوض قتالاً سياسياً للحفاظ على منصبه.. أسرته "مسلية".. وسوزان "مغرمة بالباليه"

الجمعة، 30 ديسمبر 2011 -
المخلوع حسنى مبارك قبل توليه الحكم المخلوع حسنى مبارك قبل توليه الحكم
كتبت ريم عبد الحميد
كشفت وثائق بريطانية، عن وزارة الخارجية فى المملكة المتحدة، فى تقييمها لحسنى مبارك عام 1980، أى قبل توليه الحكم، قد وصفته بأنه "رجل خال من أى تلوث بالفساد، لكنه ليس مفكراً، وسيخوض قتالاً للحفاظ على منصبه". وكانت الخارجية البريطانية تعد تقريراً عن مبارك قبيل زيارة رسمية يقوم بها لإنجلترا، عندما كان يشغل منصب نائب الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.

وتوقع مسئولو الخارجية البريطانية، حسبما تقول صحيفة التليجراف، فى هذا الوقت، أن يكون مبارك هو الرجل القادم فى الحكم، لكنهم قالوا عنه إنه ليس بمفكر.


وحذر التقرير، الذى تم تقديمه لرئيسة الحكومة البريطانية آنذاك، مارجريت ثاتشر، من أن يتم الحديث عن أنسابه من ويلز، حيث إن والدة زوجته سوزان ثابت كانت إنجليزية من منطقة ويلز، ونصح التقرير ثاتشر بعدم الحديث فى هذا الأمر ما لم يتطرق إليه حسنى مبارك.


ومن ضمن ما ذكرته الخارجية البريطانية عن مبارك فى هذا الوقت، أنه ليس مفكراً، لكنه دائماً شخص ودود ومبهج، وقد مكنته سفرياته الكثيرة إلى الخارج من تكوين علاقات قوية بقادة دوليين. وأضافت أنه أصبح رجل سياسة ذا خبرة، رغم أنه لا يتمتع بالعمق ولا يزال يفضل التعبير عن وجهات نظر تتسم بالبساطة، ولفتت إلى أن وضوحه الخارجى يخفى وراءه درجة من القسوة، ترجح أنه سيخوض قتالاً سياسياً ناجحاً للحفاظ على منصبه، فقد نجح فى الإطاحة، أو على الأقل، تخطى كل الشخصيات البارزة فى الحكومة أو القوات المسلحة، ومع ذلك، فإن سمعته تخلو من أى تلوث بالفساد أو الممارسات الخاطئة ولا يعتقد أن لديه أعدء كثر.


وزعمت الخارجية البريطانية حينها أن مبارك يتحدث الروسية، إلى جانب الإنجليزية، كما أن زوجته وابنيه يتحدثان الإنجيلزية أيضا.


ووصفت الخارجية البريطانية عائلة مبارك بأنها عائلة جذابة ومسلية تتمتع بمستوى معيشة جيد، وصحبة جيدة.


وأشار التقرير إلى الأصول الويلزية لسوزان مبارك، لكنه أوصى بعدم ذكرها ما لم يذكرها مبارك نفسه، وقال، "يعتقد أنهم سيقللون من أهمية هذه الصلة".


وقالت الخارجية البريطانية عن سوزان مبارك، إنها مغرمة بفن الباليه، وإنها ستصاب بخيبة أمل لأنه سيفووتها حفل "لا سيلفيد"، وتابعت، إن عائلة مبارك منغلقة، لديه ابنان، علاء (20 عاما)، وجمال (16 عاما) ووصفت جمال بأنه يتمتع بالذكاء، مشيرة إلى أنه وشقيقه مهتمان بكرة القدم والتنس والتزلج على الماء والموسيقى الشعبية.

الثورة


صور الاولاد






















العظمة


صور الزعيم















موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ