الأحد، 28 أكتوبر 2012

رسالة إلى الأستاذ الأحد 23-09-2012 08:34



فريدة الشوباشى 
كل سنة وأنت طيب يا أستاذ فى يوم ميلادك الذى نحتفل به فى قلوبنا وأيضاً فى عقولنا.. ما زلت أذكر أول مرة شاهدت فيها الأستاذ محمد حسنين هيكل، وكنت ضمن عدد من زوجات المعتقلين والمسجونين، وتحدثنا معه فى الهجوم الذى وقع على سجن الواحات الخارجة وقُتل خلاله أحد السجناء.. بدت علامات الدهشة على ملامح الأستاذ وقال لنا: غريبة فأنا أعرف أن الرئيس عبدالناصر قد وقّع قراراً فعلاً بالإفراج عن جميع المسجونين والمعتقلين اليساريين ولا أجد تفسيراً سريعاً لما أقدم عليه المسئول عن سجن الواحات!! حاول الأستاذ تهدئتنا كالعادة.. ورغم أننا كنا بالتبعية خصوماً للنظام، فإننا صدّقنا الأستاذ وبالفعل تم تنفيذ قرار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بالإفراج عن جميع السجناء والمعتقلين، بعد أيام من هذا اللقاء رسّخ هذا الحادث لدىّ الشعور بمصداقية الأستاذ وجدّيته، وكان الشعور يزداد عمقاً فى كل يوم جمعة مع مقاله الأشهر: بصراحة.. لم يحدث أن كتب هيكل كلمة واحدة لا تتسق مع الواقع، وكان ناقداً عنيفاً، إذا دعت الضرورة، حيث لا يمنع الإيمان بقائد وخياراته السياسية والاجتماعية أن يكون الصديق شديد الأمانة فى التنبيه إلى السلبيات، بعد المرة الأولى التى شاهدت فيها الأستاذ شخصياً فى منتصف الستينات كنت أتابع ما يكتبه وما يُكتب عنه فى الخارج، وأهم ما يستوقف الانتباه أن الأستاذ كان نجماً إعلامياً بالغ الأهمية على مستوى العالم، ولن أنسى أنه كان محور البرقيات التى تدفقت إبان اعتقاله فى أواخر عهد الرئيس الراحل أنور السادات وكلها أشارت إليه بأنه كان قريباً جداً من عبدالناصر وأنه قامة إعلامية لا مثيل لها فى الوطن العربى وقل نظيرها على مستوى العالم.. وطبعاً لا داعى للتوقف أمام ما ردده البعض من أن المكانة التى بلغها هيكل سببها قربه من الزعيم.. فبعد أكثر من أربعين عاماً على رحيل عبدالناصر يزداد نجم الأستاذ بريقاً ويشهد له الجميع، العدو قبل الصديق، أنه ظل، رغم كل الأنواء والعواصف، مدافعاً شرساً عن المبادئ التى يؤمن بها ومرجعاً يلوذ به ويحتمى من يبحث عن دواء لعلاج أى من أمراضنا، ويكفى فى ذلك العودة إلى أحاديثه الأخيرة والتى شخّص فيها طبيعة المرحلة من كل زواياها: مصرياً وعربياً ودولياً، واليوم وأنا أقدم له وردة فى يوم ميلاده، وقد أسعدتنى الظروف بأن اقتربت منه، أنقل له إحساسى وإحساس كثيرين بحاجتنا إلى أن يتكلم، أن يقول لنا هل هذه هى مصر التى حلمنا بها وانتظرناها بعد الثورة؟ هل ازدادت حدة وعنف وشراسة المتربصين بها؟ ولماذا ارتفعت أصوات تكفّرنا بكل ما تباهى به مصر من حضارة وإبداع وانتفاضة للكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية؟ واعذرنى يا أستاذ.. فبدلاً من أن أقدّم لك وردة، أثقلك بالمخاوف والأسئلة، ولكنى أبرر ذلك كله لنفسى.. بأن هذا هو قدرك، وكل عام وأنت بألف خير ومنور حياتنا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ