السبت، 27 أكتوبر 2012

«خطوط» العنكبوت فريدة الشوباشى الأربعاء 24-10-2012 08:40

من بين البلاوى التى حلت بمصر فى الآونة الأخيرة، ظاهرة اقتحام مختلف «فنون» الخط العربى كل مجالات وأنشطة الحياة.. يخضع كل شكل من أشكال فنون الخط العربى إلى رؤية أو مزاج كاتبه، وهنا تكمن المصيبة التى ابتُلينا بها والتى تنتشر انتشار النار فى الهشيم.. والسؤال: لماذا هى مصيبة؟ فى اعتقادى ومن منطلق معاناتى الآن فى التعامل مع «فنون» الخطاطين والمبتكرين، فأنت وبعد اجتياز مراحل التعليم الابتدائى والثانوى وحتى الجامعى وربما ما هو أكثر، تجد نفسك أمام طلاسم!.. وصدقونى أننى اندهشت يوماً وأنا ألحظ عنوان فيلم كان يذاع من قناة مصرية وحاولت جاهدة أن أتبين الأمر، حيث تصورت أن الكتابة بالعبرية وليست بالعربية.. المهم أننى، وبعد متابعة جزء من الفيلم، استنتجت ولا أقول.. قرأت، العنوان!.. وما حملنى على إثارة الموضوع اليوم، هو أن الفنون المختلفة انتقلت إلى اللافتات التى تُرفع على الطرق السريعة والتى تتضمن الإرشادات!! شيئاً فشيئاً تختفى اللغة العربية التى كنا نتواصل معها عبر الحروف التى نعرفها جميعاً ويحل محلها عدة لغات عربية.. فأنا أعرف أن فنون الخط العربى مكانها اللوحات الجميلة فى المتاحف أو تلك التى تزين دور العبادة.. ولكن أن يصبح على المواطن الآن أن «يفك الفزورة» التى تطالعه من كل حدب وصوب، فهذا والله كثير علينا، لا سيما وأن الخط الذى اعتمده التليفزيون يُظهر الكتابة التى تشعرك بالاختناق لانعدام البراح المعتاد بين حروفها وتضيع جهدك وأنت تجتهد فى الفصل بين هذه الحروف التى تختلط معالمها.. والأدهى والأمر أن مسايرة هذه «الموضة» الغريبة انتقلت إلى الصحافة وإلى رسامى الكاريكاتير وكأن الرسالة لم تعد إيصال المعلومة أو المساعدة على الوصول إليها، بل وضع الجميع أمام معضلة لم نكن فى حاجة إليها فى هذا الزمن الصعب الذى لم نعد نعرف فيه هل إسرائيل عدو أم صديق.. وهل رئيسها صديق عظم لرئيسنا أم لا، ولم نعد نجد من يكاشفنا بحقائق الوضع الاقتصادى والاعتراف بأن مشروع النهضة لا وجود له، وكذلك المائتا مليار دولار التى وعد الرئيس قبل فوزه بأنها تعتبر فى جيبه، ولن أطيل عليكم بكل ما يكدر حياتنا من نقص مواد إلى زحمة مرور يصل إلى حد الاختناق والإصابة بالإحباط والحزن على الوقت المتبدد، ناهيك عن انحدار لغة الحوار فى حال الاختلاف فى الرأى بدءاً من الطعن فى الشرف والأخلاق حتى التخوين والتكفير، بحيث بدا وكأننا ندخل متاهة محاكم التفتيش وإلى حد يجعلنى أتساءل: هل متاهة الخطوط العربية التى غرقنا فيها بلا أى مبرر أو حاجة ملحة، تخفى وراءها غرضاً أو هدفاً تحجبه الحروف الملتوية والمتشابكة والخارجة عن النسق الذى اعتدنا عليه وتعلمناه.. تماماً مثلما تحجب خيوط العنكبوت ما وراءها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ