الاثنين، 6 فبراير 2012

هل يدركون ماذا يفعلون ؟ بقلم د. يحيى الجمل ٦/ ٢/ ٢٠١٢


هل يدرك الشباب الذين وقفوا على قناطر إسنا ومنعوا عشرات المراكب السياحية من العبور وحاصروا عدداً من السياح جاءوا إلى مصر رغم المخاطر وكانوا يستحقون أن نقبلهم ونهدى إليهم الزهور فإذا بمجموعة من شبابنا يحيطون بهم ويمنعون حركتهم ويجعلونهم يندمون أنه خطر بذهنهم أن يحضروا إلى هذا البلد البائس الذى يحاول بعض أبنائه بقصد أو بغير قصد هدمه وتدميره. هل يدرك هؤلاء ماذا فعلوا بهذا البلد الذى منحهم الحياة ونور العين، وأولئك الذى قطعوا الطريق الدولى فى وسط سينا وحاصروا بعض الخبراء الصينيين هل يدركون مدى شناعة ما يفعلون بهذا البلد الذى أعطانا جميعاً بغير حدود.
ماذا يريد هؤلاء بمصر، هل يدركون ماذا يفعلون؟
والذين يريدون الحيلولة بين النواب ودخول مجلس الشعب- أول مؤسسة يختارها الشعب- بإرادته الحرة سواء رضى البعض عن النتائج أم لا- لكى يمارسوا مهامهم فى التشريع والرقابة. ماذا يقصدون إليه وماذا يبتغونه من وراء ذلك.
وكذلك الذين حالوا بين رئيس الحكومة وأعضاء الوزارة من الوصول إلى مقر مجلس الوزراء، لكى ينجزوا ما تعهدوا به ويضطروهم إلى اللجوء إلى أماكن أخرى يتحايلون من أجل الوصول إليها- ماذا يريد هؤلاء الثوار الصناديد الذين يغارون على مستقبل مصر ويريدون لها الخير كل الخير. هل نحن فى مسرح للعبث أم نحن نعيش فى وطن يريد بعضنا بناءه ويصمم بعضنا الآخر على هدمه على رؤوس الجميع؟
هل ندرك حقاً ماذا نفعل بهذا البلد الذى أخرج أنبل ما فيه فى الأيام الأولى لثورته ثم أخرج بعد ذلك أسوأ ما فيه من عناصر مهما كانوا قلة إلاّ إنها قادرة بالصوت العالى وبعدم الإحساس بالمسؤولية وبما قد يكون وراءها من أصابع تحركها- شعروا بذلك أو لم يشعروا- على تخريب هذا البلد وتعطيل مسيرته نحو البناء. تعالوا نسأل أنفسنا بهدوء ماذا تريد مصر الآن وماذا نريد من مصر الآن وذلك مع افتراض أننا حريصون على هذا البلد وأننا لا نريد له الخراب والدمار والعياذ بالله ولن يجرؤ أحد أن يقول- حتى ولو أبطن غير ذلك عن غفلة أو عن عمالة لا قدر الله- أنه يريد لهذا البلد الخراب كما يفعل بعض «الثوار» الآن فى سينا حيث يعتقلون خمسة وعشرين خبيراً صينياً- ينتمون إلى العدو الإسرائيلى فيما يبدو- ويحاصرون مئات السياح السذج الذين جازفوا وجاءوا إلى مصر وذهبوا إلى الجنوب يريدون زيارة الأقصر وأسوان.
ويعلن هؤلاء «الثوار» الأماجد أنهم لن يفرجوا عنهم حتى يتأكد لهم أن كل من يفكر فى زيارة مصر أو السياحة فيها قد تاب وأناب حتى يكتمل الخراب والعياذ بالله.
وأنا أكتب هذا المقال ولم أكمله بعد، حدث ما حدث فى بورسعيد وفى استاد القاهرة.
وتذكرت بيت أحمد شوقى أمير الشعراء الذى يقول فيه:
لحاها الله أنباءً توالت على سمع الوليّ بما يشق
لم أشعر قط بسحابة من الحزن والاكتئاب والخوف على هذا البلد قدر ما أحسست وأنا أسمع ما حدث فى بورسعيد بعد مباراة كرة قدم ولم يكن مصدر الحزن والاكتئاب هو عدد القتلى والمصابين فقط ولكن كان المصدر الأساسى لهذا الشعور هو ذلك السلوك الهمجى التخريبى الذى ساد الجمهور. ولم يكن الشعب المصرى أبداً هكذا. لقد نشأت فى قرية صغيرة ثم انتقلت إلى مدينة كبيرة فى وسط الدلتا ثم جئت إلى القاهرة حيث قضيت أغلب العمر حتى الآن وأكاد أجزم أننى لم أشاهد سلوكاً مثل هذا السلوك على مدار قرابة ثلاثة أرباع القرن.
هل هى مصادفة وأمر عابر أن يحدث ما حدث وهل هو نتيجة انفعال عارض لدى مجموعة من الشباب المتحمس. يستحيل أن يكون هذا العنف وهذه الحوادث المتتالية فى سيناء وفى الصعيد وفى القاهرة ثم فى بورسعيد وفى الاستاد الكبير ليس من الممكن أن يكون هذا مجرد مصادفة ومجرد انفعال بل هو أمر مدبر بعناية من أجل تخريب مصر. أكاد أجزم أن هذا الذى حدث بهذا التوالى هو أمر محكم التدبير ولا أستبعد إطلاقاً أنه نتيجة التقاء بين عناصر داخلية وعناصر خارجية.
أما الداخل فلا أعفى منه عصابة طرة وعناصر الثورة المضادة التى تحدثت عنها منذ مارس الماضى كذلك أكاد أجزم أن هناك أيدى إسرائيلية تخطط لكل هذا من أجل هدم مصر وعدم قيام دولة ديمقراطية مدنية قوية تقود المنطقة من جديد.
وقد قرأت أن المشير طنطاوى قال «الحادث مدبر لزعزعة الاستقرار فى مصر» وهذا صحيح جملة وتفصيلاً.
كذلك قرأت أن الصديق د.عصام شرف رئيس مجلس الوزراء السابق صرح بأن هذه الأحداث مدبرة وأنه لا يستبعد وجود أيد خارجية وراء ما حدث، وهذا أيضاً صحيح تماماً. وأدرك أن الجميع يتفادى الحديث عن الأصابع الإسرائيلية ولكننى لا أخفى ذلك من زمن.
وقد احتجت الحكومة الإسرائيلية على تصريحاتى عندما كنت عضواً فى حكومة عصام شرف. احتجت إسرائيل على تصريحاتى مرتين لدى وزارة الخارجية المصرية عندما قلت إن إسرائيل وراء إثارة أحداث الفتنة الطائفية.
وأكرر الآن أن إسرائيل لن تنسى أبداً أنها فقدت كنزاً إستراتيجياً عندما أزيح حسنى مبارك وعندما حاول الشعب المصرى أن يبدأ ثورته. وها هى تخطط بكل ما تقدر- وهى للأسف قادرة- على تدمير هذا البلد على يد بعض أبنائه. هل يدرك هؤلاء أن مصر الآن بها قرابة أربعون مليون شاب تحت سن الخامسة والعشرين وأن كل واحد من هؤلاء ينتظر وظيفة ومسكناً ويؤمل فى حياة زوجية؟ هل يدرك هؤلاء هذا وأن هذا يحتاج إلى بناء وليس هدم.
هل يدرك هؤلاء أن أربعين فى المائة من الشعب المصرى تعيش تحت خط الفقر وأن نصف هؤلاء فى فقر مدقع. وأن مصر محتاجة إلى كل لحظة عمل وبناء.
ليتهم يدركون أن المعبد عندما يهدم سيهدم على رأس الجميع والعياذ بالله.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
http://www.almasryalyoum.com/multimedia/video

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ