الاثنين، 6 فبراير 2012

بكالوريوس فى حكم الشعوب بقلم جلال عامر ٦/ ٢/ ٢٠١٢

يفصل بين البحر المتوسط(بحر العلم)،والمحيط الأطلنطي(بحر الحياة العملية).أرسل مسئولو المضيق لبعض طلبة بكالوريوس تجارة شعبة لغة إنجليزية من بحر العلم ،والذين حصلوا على شهادة إضافية معتمَدة من المعهد المصرفي تفيد نجاحهم في اجتياز اختباراته المؤهِلة لهم لسوق العمل،وفعلاً تم إرسالهم للفروع المختلفةللبنك الأهلي المصري لتدريبهم في هذا المجال،وبناء عليه وبعد أشهر معدودة أرسل المسئولون يطلبونهم للعمل كما سبق توضيحه،وتعاقدوا معهم (رسمياً) لمدة 6 شهور قابلة للتجديدلمن يلتمسون جديته والتزامه،ووعدوهم (شفهياً)أنه سيجري تثبيتهم بنسبة عشرين بالمائة سنوياً بمعنى أنه سيتم تعيين جميعهم في مدى 5 سنوات،وبالفعل جددوا لهم التعاقد لمدة 6 شهور أخرى ،ثم مرةثالثة فرابعة،فتشبث الشباب بالأمل الموعود رغم تعجبهم لنوعية العمل المنوط بهم القيام به والتي تقتصر على تحديث بيانات العملاء-مما لا يمت بصلة لمجال دراستهم أو تدريبهم،وأثناء ذلك كان البنك يعلن عن قبول طلبات لتعيين الخريجين من دفعتهم،فيقوم شباب التحديث بتقديم أوراقهم أسوة بزملائهم من خارج البنك،فيرفض البنك قبول طلباتهم متعللاً بأنهم بالفعل يعملون به بواقع العقود المبرمة معهم-وكان البنك قد برهن لهم على ذلك بفتح حسابات مصرفية لهم على أساس أنهم من العاملين به،و كانت ثورة يناير قد قامت في هذه الأثناء،ثم توالت الأحداث والحوادث،فلمس هؤلاء الشباب تغييراً جذرياً في أسلوب التعامل،وبدأ المسؤلون في التنصل من الوعود ،وعندما أحس الشباب بالقلق ،ووحاولوا استيضاح الموقف واجهتهم الإدارة بأن العقد شريعة المتعاقدين وأن القانون لا يحمي المغفلين!فحاول الشباب مقابلة قمة الهرم المصرفي ليشرحوا حالهم،فقوبلوا بالرفض مراراً وتكراراً ،فلم يجدوا أمامهم سوى الاعتصام أمام مقر الفرع الرئيسي ليعلنوا مطالبتهم بحقهم المشروع،-والتزموا كافة مظاهر الاعتصام المحترم،فاضطر الجالس على القمة للموافقة على الحديث مع وفد من شباب التحديث ،فتفضل متنازلاً بتوضيح الفارق بين الجالس أعلى الجبل (وراتبه الشهري يجاوز 2مليون جنيه مصري)وبين أمثالهم في السفح،وأن العمل الذي يتشدقون به يستطيع أي عامل (بدبلوم صنايع) أن يقوم به!،منهياً المقابلة بطردهم قائلاً:"أنا ما ليش كبير"!ملحوظة:أعلم ان الموضوع يرتدي ثوب الخصوصية،لكن لو نشرتموه قد يجد من يقرأ سطوره بموضوعية فيتقلد درع المسئولية ويحمي أرواح شريحة من الشباب فقدوا إيمانهم بمصداقية القرارات،واكتسبوا يقينية تغلغل الفساد في كافة المؤسسات،وعلى أعلى المستويات! 
  مضيق جبل طارق
بعد أيام هروب «نابليون» حتى أيام هروب «المساجين» يبدأ تاريخ مصر الحديث بـ«مذبحة المماليك» لينفرد «محمد على» بالحكم وينتهى بـ«مذبحة الجماهير» لينفرد «البلطجية» بالساحة.. ورغم أن محمد على «شاويش» فى الجيش التركى والمشير طنطاوى «ضابط» فى الجيش المصرى فإن الذى تطور هو تركيا وليس مصر فقد تغيرت الخريطة السياسية ولم تتغير الخريطة الاجتماعية، والمشكلة ليست فى أنه لا يوجد حل ولكن المشكلة أنه لا أحد يريد الحل.. فالبعض يبحث عن الدخول الآمن إلى البرلمان والبعض يبحث عن الخروج الآمن من الميدان ولا أحد يبحث عن الأمن نفسه.. وربما التغيير الوحيد هو الانتقال من حرق الكنائس إلى حرق الأقسام، ومن أيام لجنة تقصى الحقائق برئاسة «جمال العطيفى» (١٩٧٢) حتى لجنة تقصى الحقائق برئاسة «أكرم الشاعر» (٢٠١٢) لم نتوصل إلى «الحقيقة» فحولناها إلى برنامج مسلى يقدمه وائل الإبراشى..
 والحقيقة تقول إننا أول دولة فى «التاريخ» وآخر دولة فى «العلوم» وهذا النوع من الشعوب يسهل تحويل رأسه إلى كرة يتم التلاعب بها.. فمعظمنا يأكل ويشرب بمعرفته لكنه يفكر بمعرفة الآخرين.. هذا بلد الحرائق فابحثوا عن «صول» فى المطافئ ورشحوه رئيساً.. فهل تخلص الشعب من النظام أم أن النظام يتخلص من الشعب؟!.. ومن المسرحيات التى لا أنساها مسرحية «بكالوريوس فى حكم الشعوب» لنور الشريف ويحيى الفخرانى وأحمد بدير، التى عرضت على مسرح الغرفة التجارية بباب اللوق عام ١٩٧٨، حيث قام انقلاب ثلاثى قاده طلاب السنة الثانية فى الكلية الحربية «بدعم واشنطن» وطلاب السنة الثالثة «بدعم موسكو» وطلاب السنة الرابعة «بدعم لندن»، لكن سرق ثماره طلاب السنة الأولى «بدعم بترولى»، فتوالت الاضطرابات والاعتصامات والثورات والثورات المضادة والثورات المضادة للثورة المضادة،
وعندما جاء الرئيس ومنح الحريات للشعب ومنها حرية السفر غادر الشعب كله البلد فلم يجد الرئيس من يرد على تليفوناته، وعندما غادر المواطن الأخير البلد نسى أن يطفئ وراءه الأنوار، فأصبح هناك نور بلا شعب بعد أن كان شعب بلا نور.. لكن شبابنا الآن مختلف عن زمان ومختلف مع بعضه ولأننا نحترم العلم ونقدره لذلك فإن قانون انتخاب الرئيس الآن لا يشترط الحصول على بكالوريوس فى حكم الشعوب، ولكن يكفى إجادة القراءة أو الكتابة أو كليهما مثل عامل الأرشيف ومع ذلك حاولوا أن تطفئوا حرائق الجهل ثم تضيئوا أنوار العلم.. هذا هو الداء والدواء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ