الجمعة، 24 فبراير 2012

مقالات مختارة للكاتب الراحل جلال عامر .. بقلم جلال عامر ٢٣/ ٢/ ٢٠١٢

البلطجية قادمون 
إلهى ليس لى فى الكون عون فكن عونى إذا رام رمانى.. فأنا- والحمد لله- لا بيت ملك ولا طاحونة شرك، فالدنيا مثل «التاكسى» لا تقف لأحد لكن قلبى أكبر من «خيمة القذافى»، وأعتقد أن رجل الأعمال يقوم بدور اجتماعى مهم وهو الزواج من السكرتيرة، وأن من يطرحون أسماء المرشحين للرئاسة يجب أن يحددوا من الآن من الفائز ومن المحبوس؟

وفى أسبوع واحد أخطأ عضوان من البرلمان الأول اقتحم «مركز شرطة» واعتدى على الضابط والثانى اقتحم «مدرسة بنات» واعتدى على الناظر فرفعوا الحصانة عن الأول وحبسوه وتمت مداعبة الثانى لأن «الأمن» فضلوه عن «العلم» ثم إن الضابط كتب «المحضر» لكن الناظر لم يكتب «الواجب» ومصر هى بلد الأمن وليست بلد العلم والبنت تكسر لها «ضلع» يطلع لها اتنين لكن الضابط تقطع له «زرار» ما يطلعش تانى.

فالعضو الأول نال «العدل» والعضو الثانى وجد «الدلع»، وقد حافظ وزير «الداخلية» على كرامة «ضباطه»، وأضاع وزير «التربية» كرامة «نظاره»، لذلك امتنع الناس عن اقتحام أقسام الشرطة لكنهم اقتحموا بعدها المعهد الأزهرى ودمروه واعتدوا على البنات.. صحيح عندنا «يد» للعدالة لكنها تنتهى بصوابع «زينب».

ولأن الأمن يسيطر على العلم حتى فى الجامعة تجد بعض العلماء بدرجة مخبر (راجع التقارير التى يكتبها بعض الأساتذة ليحصلوا على الترقية) وبعض المخبرين بدرجة عالم (راجع الأوراق التى يكتبها بعض الحرس ليحصلوا على الدكتوراه) وتمضى الحياة بلونها البمبى ويا لابسة البمبى تعالى جنبى.. بدلاً من الوجبة المدرسية وزعوا على التلاميذ «مطاوى» ليدافعوا عن أنفسهم.. ذهب زمن «الإرهاب» وجاء زمن «البلطجة».. فالبلطجية هم أكبر حزب فى مصر الآن ولا يخضع لقانون الطوارئ ولا أحد يتحرك فمصر لم تهتز طوال تاريخها الحديث إلا مرتين، مرة عند اعتزال الكابتن «أحمد شوبير» ومرة عند القبض على المغنى «تامر حسنى».
: وزير عموم الزير
فى مسرحية «وزير عموم الزير» تستولى الحكومة على «زير» وضعه فاعل خير لعابرى السبيل وتنشأ من أجل «الزير» الهيئة العامة للفخار لفحص ومتابعة جسم الزير، والهيئة العامة للأخشاب لفحص ومتابعة غطاء الزير، والهيئة العامة لمياه الزير والهيئة العامة لأمن وحراسة الزير، وقسم إحصاء الشاربين، وفرع الكوز، ثم تضمها جميعاً إلى «وزارة عموم الزير».. وأصبحت كل الهيئات موجودة لكن الشىء الوحيد الذى اختفى هو «الزير» نفسه.

وكلنا نعشق مصر منذ فجر التاريخ حتى الواحدة ظهراً ثم نريح ساعة بعد الظهر، ونقوم لنكمل العشق فنكتشف اختفاء «الزير».. وهى الاستراتيجية التى تتبعها الحكومة منذ عهد محمد أبوالدهب حتى عصر أحمد أبوالحديد.. تفريغ الجهاز من المضمون لتلعب فى المضمون.. أعادت الرقابة الإدارية بدون صلاحية ليعرض الجهاز اكتشافاته على الوزير المختص.. ليستدعى الفاسدين إلى مكتبه ويطلب منهم أن يتلموا فيتلموا عليه ويضربوه.. أنشأت المحاكم الاقتصادية لتبخرها كل يوم وترش أمامها ميه ورملة لعل الله يرزقها بزبون من حيتان الليمون الذين يبيعون «الليمون» بأزيد من التسعيرة دون أن يلتزموا «بفصوص» الدستور الذى تم تعديله حتى لا يأكل بنزين، وهى اللعبة التى تمارسها الآن مع الجهاز المركزى للمحاسبات عندما تهمل تقاريره وتناقش صلاحياته تحت قبة «البرطمان»، لتنزعها من الجهاز المركزى وتمنحها للأمن المركزى يعملها «خوذة».

فى مصر يموت المواطن ليسير وراءه المشيعون ويعيش ليسير وراءه المخبرون، لكن الحكومة ترفض الرقابة إلا على المصنفات الفنية وتعامل مصر كأنها متهمة ضبطتها فى حضن النيل.. وخلاصة ما تقوله لنا إذا كان عندك «صنعة» فإن عدوك هو ابن كارك وإذا كان عندك «بنت» فإن عدوك هو ابن جارك أما هى فتسكن فى القلوب كما يقول المتنبى: «لك يا منازل فى القلوب منازل» وهو البيت الذى قاله أو بناه قبل ظهور أزمة الإسكان ووضع أمامه زيراً وعين له وزيراً. السباحة فى بانيو الوطن
فى العالم العربى التأمين على الإنسان «اختيارى» والتأمين على السيارة «إجبارى»، لهذا نحن لا نفرق بين معارض الحكومة ومعارض السيارات أو معارض الموبيليا ونظل نعبث فى آلة التنبيه حتى تفاجئنا صفارة الإنذار.. فى العالم العربى فقط يجب أن تحصل على رخصة من لجنة أحزاب البلد الذى تقيم فيه حتى يسمحوا لك بالمعارضة.

تكتب البيانات وتملأ الاستمارة وبطاقة ضريبية وصحيفة حالة جنائية و٦ صور، منها صورة بلبس السجن ثم يسألك الموظف «ناوى تعارض فى إيه بالظبط؟!» وحتى تحصل على الموافقة يجب أن تكون إجابتك دبلوماسية «ناوى أعارض فى حكم نفقة حصلت عليه مطلقتى».

بعض الدول يشترط فى المعارض أن يكون متزوجاً ويعول حتى لا يهرب وبعضها يشترط طولاً معيناً للشخص حتى لا تخبط رأس المعارض فى سقف الحرية ويوقع النجفة.. والذى ينجح فى كشف الهيئة يُعطى بعض الأناشيد ليحفظها ويوقع على أوراق يتعهد فيها بعدم المعارضة ثم يُسجل عبارة «ليس فى الدكان أجمل من المانيكان.. هذه رسالة مسجلة».

يقولها عند أى أزمة حتى لو كانت أزمة «ربو».. والحصول على رخصة حزب أصعب من الحصول على رخصة «مسمط» لهذا تجد أن أصحاب «المسامط» هم فى الحقيقة معارضون فشلوا فى الحصول على رخصة حزب ففتحوا مسمطاً ويتحينون الفرصة لتحويل المسمط إلى حزب أو العكس مثلما فعل «الريان» الذى حول «المسمط» الذى يملكه إلى إمبراطورية مالية معارضة، فاضطرت الحكومة لأن تتحفظ على كوارع الإمبراطورية، حفاظاً على حقوق الزبائن، بينما حدث العكس وتحولت بعض الأحزاب إلى مسمط فيها «لسان» و«مخ» لكن فى الساندويتشات.

إحدى الدول العربية الشقيقة «سوريا» لاحظت أن زعيم المعارضة فيها «المرحوم الحلو» يذوب عشقاً فى الوطن فحققت له أمنيته ووضعته فى بانيو وملأت البانيو بحامض كبريتيك مركز ساخن وتركته يذوب عشقاً فى حب الوطن.. أطلقوا حرية الأحزاب المدنية حتى لا يظل المثل السائد تحت القبة «لومانجى بنى له بيت إخوانجى سكن له فيه».
اللى ما يعرفش يقول «مصر»
الدين النصيحة.. فيا وزير الأوقاف صدقنى بعد أن أستمع إلى خطبة الجمعة بابقى عايز أقتل أى حد يقابلنى، رغم أننى عاشق للحياة، وأنا بعشق البحر زيك يا حبيبى حنون وساعات زيك مجنون وساعات مليان بالصبر، ومن عجائب البحار أن «السردين» عندما يشعر بدنو الأجل يسافر آلاف الأميال عبر البحار والمحيطات ليموت فى غرفة «المأمور»، وأن الحيتان لها زعانف جانبية سوداء وبطاقة ضريبية صفراء، وأن «قنديل» البحر قطعوا عنه الكهرباء وألزموه بتركيب عداد.. حضرتك من المنطقة دى ولاّ جاى تقرا وتمشى؟

كنت أريد أن أسألك عن عنوان أقرب «مائدة رحمن لقلبك» فإذا ذهبت إلى هناك حاول تفتكرنى وافتح الحنفية وهات القناة الأولى لتشاهد عودة الصيادين المصريين من بلاد «بونت» على سفينة «حتشبسوت» ومعهم التوابل، أما البخور فهى تصريحات وزارة الخارجية التى لا يصدقها المارة فى «ميدان التحرير» ولا المقيمون خارجه..

وأنا بعشق «الطريق» لأن فيه لقانا وفرحنا وشقانا وكمان فيه «الكمين» أنا بعشق «الكمين».. وأى عجوز من بقايا مسلسل «الملك فاروق»، أو شاب من تنظيم «ابنى بيتك» يعلم أن الموقع ممتاز والمناخ معتدل والخطاب تاريخى، ومع ذلك لم يعد يشدنا إلى أرض الوطن إلا قانون الجاذبية الأرضية الذى يريدون استبداله بقانون الإرهاب.. هل تصدق أن الحكومة أصدرت كتاباً أبيض تتحدث فيه عن إنجازاتها؟

وأصبح للحكومة صحف وتليفزيون وموقع وكتاب وبقى أن تكون لها إنجازات.. وكتاب حكومتى يا عين ما شفت زيه كتاب، الصدق فيه سطرين والباقى كلام كذاب، فأحياناً تكون الحقيقة أغرب من الخيال، والحقيبة أكبر من الشوال، فلا تسمع الشائعات ولا تشم زيت التموين ولا تقرأ كتاب الحكومة.

أنا بعشق السما علشان دايماً مسامحة ومزروعة نجوم وفرحة ومكتوب فيها التاريخ.. أنا بعشق التاريخ من أول «محمد أفندى رفعنا العلم» وحتى «محمد أفندى بعنا مصنعه» وصولاً إلى «محمد أفندى سرقنا كلوته».. فعلاً اللى ما يعرفش يقول «مصر».. قانون محاكمة العفاريت
منذ ألغينا الطرابيش وضعنا مكانها «بطحة»، فهل هذا بلد مريض يستحق الإفراج الصحى؟ أم عليه عفاريت؟ إذ تجوب العفاريت العالم كله لكنها لا تجد مقاساتها إلا فى بلادنا، فيركب العفريت المواطن ويركب المواطن الأتوبيس ويركب الأتوبيس العربة التى أمامه ليطبق قانون المرور ويطبق رفرف العربية.. لذلك يركب رجل لجنة وتركب اللجنة حزباً ويركب الحزب دولة فيصبح عندنا أربعة توائم ملتصقين لو فصلت أحدهم مات، هم الحزب والحكومة والنظام والدولة، فلا تستطيع أن تحدد اتجاه العربة ولا موضع الأتوبيس، ومن العفريت الذى عنده سلطة بلا منصب.

ومن الشبح الذى عنده منصب بلا سلطة، فهذه دولة تديرها العفاريت والأشباح.. فكلنا يعرف واجبات المسؤول فى منزله لكننا لا نعرف واجباته فى مكتبه.. وفى هذا الضباب يخرج الوزير براءة وتقيد التهمة ضد «عفريت» يتم «صرفه» من سراى النيابة.. وهو العفريت نفسه الذى يربط بين «أسانسير» البنك و«سلم» الطائرة.. وهو العفريت الذى قتل المطربة ولوث الدم وسرق اللوحة.. وعندنا فيلم بعنوان «الفقراء لا يدخلون الجنة» والعفاريت لا يدخلون السجن.

والفرق بين الدستور وكتاب «الكباريت فى إخراج العفاريت» أن الثانى واضح ومحدد ويؤكد أن الدكتور زاهى حواس هو الذى اكتشف «البنسلين»، وأن البلهارسيا هى أحد شروط «كامب ديفيد»، وأن أبوتريكة سوف يرفع الطوارئ من عند راية الكورنر، وأن مصر هى ابنة الحزب الوطنى من زوجته الأولى، وهات إيديك ترتاح بلمستهم إيديا، وما دستور إلا بنى آدم، وقد مشيت كثيراً فى الظلام فلم يطلع لى دستور.. وأتذكر أن «الباتعة الكيكى» عندما قتلوها فى طابور الفرن كان لها عفريتة تطلع لنا ليلاً على سلم العمارة وتصرخ: «أنا اللى سرقت الأراضى ونهبت البنوك وزرت الانتخابات».

وكان «التيحى» يخرج إليها على باب الشقة ويقول لها: «عيب يا باتعة امشى الناس عايزة تنام».. فتسأله: «إنت عامل إيه يا تيحى»، فيرد بانكسار: «آهى ماشية».. فتنصحه: «مادامت ماشية حاول تاكل زيتون وجوافة، وخد مطهر للمعدة، وحط الدستور تحت مخدتك».. سؤال الحلقة: من الذى حول البرلمان إلى خمسين فى المائة فئات وخمسين فى المائة ضباط شرطة؟.         العثور على شعب فجأة

ماذا تفعل عندما تعثر على شعب فجأة؟ هل تسلمه أم تسجله باسمك فى الشهر العقارى؟.. فمن غرائب الطبيعة أن الحكام العرب اكتشفوا أن بلادهم فيها «بترول» فى الثلاثينيات من القرن الماضى، ثم اكتشفوا أن بلادهم فيها «شعوب» الأسبوع الماضى فقط.. وراحوا يصرخون فى فيلم «أهل القمة» (شعبى.. شعبى)، بعد أن تعرفوا عليه من «وحمة» موجودة على الكتف.. وأيام «الكشوف الجغرافية» كان البحّار إذا اكتشف «شعباً» أباده لكن أيام «كشوف البركة» لا يمكن فعل ذلك، بسبب انتشار عواميد النور والإنترنت والحمى القلاعية..

وكان «البحّار» يبدأ بإهداء السكان الأصليين «الخرز» الملون، وينتهى بإطلاق الرصاص عليهم.. وكان الحاكم يبدؤهم بعبارة «حكمتكم»، ويودعهم بعبارة «فهمتكم»، ثم يتفرغ لتطبيق ما فهمه فى المنفى.. والمشكلة أن الحكام الذين تخلصوا من البترول بتصديره ليحترق فى الخارج لا يستطيعون ذلك مع شعوب تحترق فى الداخل.. فماذا هم فاعلون؟ وحبيبتى من تكون؟.. كلها أسئلة شرحها يطول وإجاباتها فى آخر كتاب التاريخ.. وعندما قلت فى الأفلام فقط ينتصر الضعفاء، نسيت مهرجان «قرطاج»، حيث الفساد يؤدى إلى المطار، والبطالة تؤدى إلى الانتحار وحرق عربة الخضار، فعلينا ألا نكون بطيئى الفهم خوفاً من الرادار، وأن نعرف أن «الطلعة» الجوية لا تمنع «النزلة» الشعبية، لكن يمنعها الخبز والحرية.. وجرحونى وقفلوا الأجزاخانات..

لذلك يتحول الدستور فى بعض البلاد من «أبوالقانون» إلى «أبوالفنون»، بدليل اهتزاز مصر زمان عند القبض على «سعد زغلول»، واهتزازها الآن عند القبض على «تامر حسنى».. مشكلة أن يعثر الحاكم على شعب فجأة، ويقول «ميكافيللى» فى كتاب (الأمير): إن الحاكم إذا تباسط وجلس مع الفلاح ليشرب معه الشاى، فإن الفلاح يطمع ويطلب أن يلاعبه «دومينو»، لذلك إذا عثرت على شعب فلا تسلمه لأصحابه، وقدّم له مسكنات وخرزاً ملوناً.. وفى (ثورة على السفينة بونتى) طرد البحارة الكابتن «وليم بلاى»، بسبب قسوته، وحبسوا أصدقاءه ومعارفه، وقال لهم وهو يغادر السفينة: (فهمتكم.. فهمتكم.. إنتوا عايزين تلعبوا دومينو!).                                                                                                                                                                حديث آخر الأسبوع
احترس فهذه المقالة تؤدى إلى خارج الصفحة، واليوم إجازة من السياسة، وغداً إجازة من الكتابة لأتفرغ لقراءة مكافآت مجلس الشورى وأحلل الأسماء والأفعال، لأن كل اسم له فعل قاده إلى «التعيين»، وحرف جر وضعه فى أول الكرسى.

وأنا كنت أريد أن أتعين فى مجلس الشورى ولو بعقد مؤقت تقديره هو، لأن المجلس هو مالك الصحف، وكنت أنوى أن «ألم» له الإيجار الشهرى بدلاً من «إسماعيل يس»، لكن ما يعزينى أن القوة الناعمة لمصر ليست المجالس ولكن مراكز التدليك وإوعى يغرك جسمك.. حضرتك لو مولع البوتاجاز روح اطفيه وتعالى.. وأنا ضد الأدب النسائى والأغنية الشبابية، لكننى أقرأ لكثيرات وأحترمهن جداً لكن حبى محجوز لكريمة العنصرين (صافى ناز ونجم) نوارة النهار وكوكب الليل، وللناس فيما يقرأون مذاهب.

أما فى كتابات الرجال فيعجبنى أى واحد طويل وله شنب وليس مهماً ما يكتب، المهم أن يكون طويلاً وفاهم الحياة ومتصور ببدلة أو على الأقل بنظارة شمس أو نظارة لحام.. لذلك عندما لم أجد اسمى فى تعيينات الشورى كنائب أو فى تشكيل المنتخب كلاعب امتنعت عن تناول الدواء، وهددتنى زوجتى بأن تستدعى (٢) أطباء «يضربونى فى مدخل العمارة المجاورة ويبلعونى الدواء».

راجع حضرتك الأسماء التى اختاروها والأسماء التى استبعدوها، واسأل البواب وسوف تكتشف أن المفهوم الوحيد هو إعادة تعيين الجنين الذى يبايع فى بطن أمه لاستكمال فترة الحمل (أسباب طبية)، وتعيين المقاول الذى أصلح مبنى المجلس بعد الحريق لاستكمال أعمال الترميم والدهان (أسباب هندسية)، وكنت أتمنى تعيين بعض المارة من أمام المجلس تخفيفاً للزحام.

كان أبى رحمه الله «بحاراً» لمدة نصف قرن، ومع ذلك لم يكتشف قارة جديدة لكنه اكتشف تكية «كولس» فى قبرص، التى كان البحارة يأكلون ويشربون فيها مجاناً، وكانوا كلما رأوا طيور «النورس» يصرخون «يعيش كولس.. يعيش كولس».. يعيش كولس وطيور النورس ونموت نحن.

منين أجيب ناس

منين أجيب ناس، فأسعد فترة مرت على البشرية عندما كان «آدم» وحده، لأنه كان من المستحيل وقتها عقد المؤتمرات أو تشكيل اللجان والهيئات والمجالس التى تسبب تعاسة البشر.

وعلى مدار التاريخ كانت «اللجان» أخطر على البشرية من الحروب والأوبئة.. فأى دمعة حزن لا على المشروع النووى المصرى الذى ضاع فى دهاليز الروتين وظلمات اللجان بعد أن أرسل السيد مدير المخازن بوزارة الكهرباء خطاباً باستبعاد الشركة الأمريكية المشرفة على المشروع واستدعاء الشركة الأسترالية التى سبق استبعادها لإعادة قيدها بعد كتابة تعهد من ولى أمرها وتسليمها رقم الجلوس على مائدة التفاوض من أول وجديد، وكأنك يا أبوزيد ما سبت الرى ومشيت، لنعود من جديد إلى مربع البداية ومثلث المرور.

ورغم أن معلوماتى فى التاريخ تقتصر على أن العرب خرجوا من «الأندلس» ودخلوا «الأوبرج» ليكملوا السهرة، وأعرف فى الفيزياء أنه عند إضافة هامش الربح إلى هامش الحرية تحدث فرقعة ويتصاعد غاز الهيدروجين من فوهة الأنبوبة ويظهر «راسب» أبيض و«ناجح» أحمر، فإننى أعرف أن طريقة إنشاء محطة نووية تختلف بالتأكيد عن طريقة إنشاء محطة أتوبيس، وأن هناك يداً خفية تمنع مصر من دخول العصر النووى والاكتفاء بعصر الليمون.

وعندما أرسل الروس الكلبة «لايكا» ثم «جاجارين» إلى الفضاء شاهدت الرئيس الأمريكى «جون كيندى» يقول سوف نرسل إنساناً إلى القمر، بعدها رأيت «أرمسترونج» يهبط على سطح القمر بدون كراسة شروط أو دفع تأمين ابتدائى.

لذلك عندما قال كبار المسؤولين إن مصر سوف تدخل العصر النووى تساءلت: هل ستدخل صحراوى أم زراعى؟.. ثم سمعت من خالى عب الحفيظ أن «(الدخلة) اتأجلت وإنهم اتخانقوا ع العفش والعريس إتعور فى دماغه وحماته عضته وراحوا القسم عملوا محضر وعندما سأل الضابط العريس عن سبب الخناقة قال: (يا أفندم عروستى بتعاندنى كل ما أقول لها إن مصر سوف تبنى محطة نووية تقول لى اسكت بلاش هبالة)».

بالمناسبة مجلس الشعب غرقان لشوشته فى مناقشة مشروع جعل «الجلابية» هى الزى القومى للمصريين أهمه لحين انتهاء إسرائيل من بناء مفاعلها على حدودنا، ثم الانتقال إلى جدول الأعمال وجدول الضرب.

:حياة عشوائية
نعيش حياة عشوائية على طريقة «تبات فول تصبح فلافل.. لها سيخ يقلبها»، فالكتب فى أرصفة مظلمة، والأحذية فى فتارين مضاءة، ومالك يا بخت من دون البخوت لبخت.. الناس بتمشى فى الطين وأنا فى الناشف لبخت.

فأنا أكتب ما أكتبه احتساباً لوجه الله والوطن، فإذا رضيت يا عزيزى فأنا «ممنون»، وإذا غضبت فأنا «مجنون»، فكلنا زائلون على يد مدرس أو ضابط أو طبيب مهمل.. والباقى من المائة جنيه التى يحصل عليها خريج الجامعة، هو الوطن الغالى الذى احتاج منها إلى خمسين سنة لينتقل من الخطة الخمسية إلى الكرة الخماسية، والخمسون الأخرى أنفقها فى عمل دراسة جدوى للمفاعل النووى لمعرفة حقيقة زواج عبدالحليم حافظ من سعاد حسنى.

وهل حدث تخصيب لليورانيوم أم طرد مركزى، فعندنا الأمن المركزى والجهاز المركزى والبنك المركزى والمواطن اللامركزى، الذى يقرأ الأذكار بعد صلاة العشاء، ثم يبيع الدقيق فى السوق السوداء بعد صلاة الفجر، ويضع عربته فوق الرصيف ليسير هو فى عرض الشارع، ويلحق ابنه بالمدارس الأمريكية، ويحرق علم أمريكا فى المظاهرات، لذلك صار فى معظم العمارات السكان عاطلين والأسانسير شغال، وأصبحنا نعالج الدولة على نفقة المواطن، وأخذنا نتساءل: هيه حضارة سبعة آلاف سنة وشهرين يعملوا كام باليورو؟

وأصبح عندنا عيد للنظافة نقاطع فيه الصابون تضامناً مع «غزة».. لقد أخرجنا الملك فاروق من مصر إلى إيطاليا عن طريق البحر، ليموت هناك وهو ما نفعله مع الشباب الآن.. نودع الوطن ولا نودع العشوائية.. فى ترام «النزهة» صعد شحاذ، فأخرج كل راكب نقوده ثم صعد مخبر، فأخرج كل راكب بطاقته.

ثم صعد مفتش فأخرج كل راكب تذكرته، وقال المفتش: (كل راكب يرفع تذكرته لفوق)، فاعتقدنا أنه سيجرى سحب على شقة، لكن سيدة يبدو أنها ماتت ثم عادت بحكم محكمة قالت: (أنا معايا تذكرة التأمين الصحى)، وقال رجل يبدو على وجهه أن الفساد موجود فى العالم كله: (وأنا معايا تذكرة الانتخابات)، فقال عجوز ممن خرجوا مع الملك فاروق وهو يطوى الصحيفة: (كله ينفع.. كله عند العرب صابون أنا ابنى عَطوه حتة أرض يبنى بيته ودخّلوا له الميه والكهربا وطالبين منى خمسين ألف جنيه).

سأله الفاسد: (وإيه المشكلة؟) قال العجوز: (المشكلة إن ما عنديش أولاد) قال الرجل الذى يبدو عليه الفساد: (استعيذ بالله واقرأ البرنامج قبل النوم)، نظرت السيدة التى عادت بحكم محكمة إلى العجوز، وقالت له: (إوعى تسمع كلامه..

أنا كل ما أقرا البرنامج يقطعوا معاشى)، ثم سمعنا المفتش يقول: (خلاص نزل إيدك إنت وهوه وارفعوا التذكرة بالإيد التانية).


 طلبات الإحاطة وطلبات البوفيه
نحن نمر بمرحلة خطيرة ونحن نمر بمرحلة حساسة لذلك بدأت أشعر أننا نمر بمرحلة «المراهقة»، وقد دخل «بيكاسو» المرحلة الزرقاء الكئيبة بسبب موت صديق، ثم انتقل إلى المرحلة الوردية المبهجة بسبب لقاء حبيبة دون أن يمر على جهاز كشف المعادن أو بمرحلة النهضة حين يصبح ظل كل إنسان مخبراً، وعندما تشاهد لوحاته بألوانها الزاهية لا تستطيع أن تفرق بين «الرسوم المضيئة» و«الضرائب المسيئة» التى أبدعها الفنان «يوسف بطرس غالى» على جدران بيوتنا.
وانتقلت الحكومة والشعب إلى مرحلة جديدة، هى تتهمه بالكسل وهو يتهمها بإخفاء المسروقات، وعلينا أن ننتظر قرار النيابة لنعرف مَن المخطئ، ونتيجة التحليل لنعرف العيب من مين!
كما انتقل البرلمان المصرى إلى مرحلة أخرى، فلأول مرة تتوحد المعارضة مع الأغلبية مع موظفى المجلس وأفراد الأمن والسُّعاة لإلغاء قرار حكومى ظالم، فالبرلمان يغلى ويشتعل وتدور المناقشات والخناقات، لأن الحكومة أصدرت قراراً بأن تكون المشاريب من بوفيه البرلمان على حساب العضو، بعد أن ظلت مائتى عام (من أيام إسماعيل وأوجينى ولا تغدينى) على حساب الدولة، ليكتشف الناس أن الاستجوابات كانت بالمشاريب، وأن هناك خلطاً بين طلبات الإحاطة وطلبات البوفيه.
وأن العضو كان يحاسب الحكومة على الجنيه، والحكومة تحاسب البوفيه على الشاى والكركديه فلا تعرف الفرق بين القميص المقفول والجامعة المفتوحة ولا بين حجج الأوقاف التى يسرقونها وعزبة الهجانة التى يهدمونها.
وإذا كان الشعب لا يغضب إلا من أجل «الكرة» والنواب لا يغضبون إلا من أجل «البوفيه»، فمن الأفضل أن نحولها من دولة إلى كافيتريا.
ولذلك فإن مصر بخير والدكتور سوف يكتب لها «خروج» من التاريخ.. يا إلهى، بعد مائتى عام من بدء الحياة البرلمانية فى مصر اكتشفنا أن هذا التصفيق الحاد الذى كنا نسمعه كان لعامل البوفيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ