الجمعة، 3 فبراير 2012

الرئيس أولاً بقلم محمد سلماوى ٣/ ٢/ ٢٠١٢




اليوم تخرج مصر فى مليونية جديدة لتطالب بإنهاء المرحلة الانتقالية التى دامت أكثر مما يجب، والتى ألقت بالبلاد، ولمدة سنة كاملة، فى حالة من التخبط وعدم الاستقرار لم تعد مقبولة من أحد.
اليوم تخرج مصر لتطالب بعودة جيش مصر العظيم إلى مهمته المقدسة فى حماية البلاد والحفاظ على أمنها القومى، فتعود بذلك علاقة الجيش والشعب إلى سابق عهدها، حيث الترابط الوجدانى الوثيق الذى تختص به مصر دون بقية دول العالم، فالجيش فى مصر ليس مجرد قوات عسكرية تتم تعبئتها فى حالات الحرب، كما هو الحال فى الكثير من دول العالم، وإنما هو جزء من النسيج الوطنى للشعب المصرى، منذ خرج يوم ٢٣ يوليو ١٩٥٢ لينهى فساد الحكم الملكى الذى كان قد وصل إلى أقصى درجات التردى، وليحقق الاستقلال لمصر بعد ٧٠ عاماً من الاحتلال، فكانت الثورة التى أطلقت حركة التحرر والاستقلال فى جميع أرجاء الوطن العربى، وامتد أثرها إلى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ثم إن الجيش المصرى، بحكم تكوينه منذ بداية إنشائه فى عصر محمد على، مكون من أبناء الشعب من فلاحين وعمال ومهنيين وليس مقصوراً على فئة واحدة أو ملة بعينها كما فى بعض الدول العربية الأخرى.
ولا شك أن العام الماضى قد أساء، بشكل غير مباشر، لصورة الجيش المصرى، حيث اختلطت المهمة العسكرية للجيش بالمسؤولية السياسية التى ألقيت على عاتقه، فاختلط موقع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المتولى المسؤولية السياسية بمكانة القوات المسلحة التى ينبغى أن تكون فوق السياسة، ولقد عانى الشعب من ذلك الوضع كما عانى الجيش، وما كان يجب أن يدخل الجيش معترك السياسة منذ البداية، وإنما كان الأفضل ترك السياسة للسياسيين عن طريق مجلس مدنى مؤقت يدير المرحلة الانتقالية بضمان من الجيش الوطنى وهو ما كان قد اقترحه البعض، لكننا انسقنا جميعاً وراء شعار «الجيش والشعب إيد واحدة»، فتداخلت الأيدى كلها فى المواضع كلها بلا تحديد ولا تمييز. واليوم تخرج مصر فى مليونية جديدة وراء شباب الثورة الذين أطلقوا الشرارة الأولى فى يناير ٢٠١١ لتطالب معهم، فى يناير ٢٠١٢، بوضع حد لتلك المرحلة الملتبسة، التى دفع ثمنها الشعب من أرواح أبنائه ودمائهم الذكية، كما دفع ثمنها الجيش من سمعته ورصيده التاريخى فى وجدان هذا الشعب.
اليوم تخرج مصر لتقول إنه آن الأوان لفك الاشتباك بين الجيش والسياسة ليعود كل منهما لتحمل المسؤولية التى خلق لها.
اليوم تخرج مصر لتطالب بأن يكون لمصر رئيس مدنى منتخب ينهى المرحلة الانتقالية المضطربة التى نعيشها، لتجرى فى عهده عملية وضع الدستور، فيستعيد الجيش مكانته الغالية التى لا نرضى لها بديلاً، وتستعيد البلاد استقرارها.
اليوم تخرج مصر لتطالب الجيش ليس بترك السلطة لأى ما كان ــ حيث تم فى الآونة الأخيرة تداول بعض المقترحات اليائسة والبائسة بأن يسلم الجيش سلطة الرئاسة لرئيس مجلس الشعب أو لرئيس مؤقت أو لمجلس ثلاثى لم يقم الشعب بانتخاب أى منهم ليتولى مهام الرئيس ــ وإنما لتطالب، بحكمة وإصرار، بانتخاب رئيس شرعى كما تفعل كل المجتمعات الديمقراطية المتحضرة، وهو ما ظللنا نتطلع إليه طوال العام الماضى.
اليوم تخرج مصر فى مليونية جديدة رافعة شعار «الرئيس أولاً» للخروج من ذلك المأزق الذى دام أطول مما يجب، ولتخرج مصر أخيراً من ذلك النفق المظلم إلى نور الحرية التى طالبت بها الثورة، وللديمقراطية حتى تبدأ بعد سنة من الشلل السياسى فى تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع راية الكرامة الإنسانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ