الجمعة، 3 فبراير 2012

العيب فينا وفى حبيبنا.. أما الوطن يا عينى عليه بقلم حنان مفيد فوزى ٣/ ٢/ ٢٠١٢


على طريقة البرادعى أعلن تراجعى عن ترشح الأحداث الراهنة كمادة لمقالى، فلن أخوض سباق التعليقات - مترامية الأطراف، ولن أشارك صفوف الصيحات المحذرة منها أو المدبرة لها أو المتوافقة معها أو المستفسرة عنها، وحتماً سأتهم بأنى خارج نطاق خدمة المشاركة والتفاعل.
فليكن، أصلاً كل الذى حاصل وبيحصل وهيحصل مرفوع مؤقتاً من التاريخ لحين عودة شبكة الوحدة الوطنية القومية تحت سقف مصر بين الكتل المتناثرة، لأن الشبكة وقعت والخطوط انقطعت كما فى ٢٨ يناير اللى فات، والذى كان بالأمر المباشر الفاسد، أما اللى جاى بالفعل المضارع المتخاذل والعيب فينا وفى حبيبنا أما الوطن يا عينى عليه، محاصر بدراما تركية عنيفة من نوع العشق الممنوع بكل ملابساته والتباساته، لقد بدأنا موسم العرض الرمضانى حصرياً على جميع الجبهات الترددية قبل قيام الموزعين المعتمدين بعمليات بيع وشراء الأعمال بسبعة أشهر، والصراحة راحة واحنا مابنعرفش لأن الحكاية دى عايزة ناس خبرة، والحقيقة قطاع الإنتاج فى مصرنا مايتوصاش وجاهز بالتمويل لكل الرغبات التخريبية ومعاه شركات الإعلان الله يباركلها حاضرة بالدعاية لكل الأغراض التحريضية، ولو انت قاعد على إيدك اليمين هتلاقى الديكورات منصوبة ومرنة فى التباديل والتوافيق على حسب المشهد المنسوج، أما لو انت قاعد على إيدك الشمال هتلاقى الاستوديوهات مفتوحة لتصوير الليل/ الداخلى وتقرير النهار/ الخارجى، مع امتثال المراسلين للدواعى الأمنية واتفرج يا سلام على أعراض انسحاب الجبهة الحرة من رئاسة دولة ظاظا العظمى.
وفى محطة تانية، شاهد مباراة الوفاق الوطنى بين فريقى النور السلفى والحرية والعدالة الإخوانى فى دورى الألعاب البرلمانية، وعلى قمر صناعى تالت اندمج مع محاكمات القرن الهزلية بصرف النظر عن المط والتطويل فى الحلقات والأجزاء واختم الثورة.. عفواً أقصد السهرة بالبث التجريبى لإقليم الدلتا، حيث البرنامج الوثائقى «فى مثل هذا اليوم» عن الفيلم التسجيلى «تسلم وتسليم المجلس للسلطة فى مائة عام» وابقى قابلنى لو فهمت حاجة من سيناريوهات الانسحاب والتحالف والمحاكمة والتحقيق مع الثوار بتهمة التواطؤ وجمع حق الشهداء اللى انكسر حقهم، ومقايضة «سلمنى نضيف أسلمك نضيف»، نحن فى بحر الظلمات يا لطيف اللطف يا رب،
الأفكار تناقض الأقوال تصارع الأفعال ولا شىء محدداً بتاتاً ألبتة، فإذا طُرحت آراء بناءة من طرف مستنير مثلاً تليها على الفور أقوال هدامة من فكر متحزب تتخللها على ودنه أفعال طامعة لجهة ثالثة، يعقبها فى السريع ترتيب رابع يُعد خلف الأبواب المغلقة من قِبل أشباح يخالف ما سبق كله، ادينى عقلك يا غالى يابو عيالى، ماذا أقول وأى شىء يقال بعد كل ما قيل، ومعظم الاجتهادات نظرية بحتة لا تشبه الحق ولا حتى ابن عمه، إنما جهود المحركين لبواطن الأمور وقائعها منظمة شغل المعلم لابنه، حاجة كده تشطيب لوكس ع المفتاح، لقد أوصلونا إلى مرحلة إحباط عام أجهضوا أحلامنا فى شهورها الأولى، دفعونا لأن نقول اللى عايز يسرق ربيعنا الثورى بالسم الهارى يطفحه، واللى هياخد براءة فى ستين داهية يغور، بس نخلص، وحالة التقشف فى المطالب التى تصاحبنا هذه سببها أنه فى الأزمنة السابقة كان هناك غطاء حماية وضمان للفساد، إنما المحزن الآن أنه لا حماية ولا ضمان للإصلاح.
بكل أسف أعراض الخلط بدأت بإصدار قوانين دون توافق وطنى وانتهت بالصفقات بين المنتفعين وإن كان عاجب، والمحصلة كانت مزيجاً من الارتباك والفرقة والتفكك بين أبناء الوطن الواحد، ومن خلالها نجح مخطط الطائفية، ليكون عنوان مصر من إخوان وسلفيين وليبراليين وأقباط وثوار وغالبية ملتحفة بالكنبة، ثم عشوائيين لا ليهم فى الطور ولا فى الطحين، نتصارع كالإخوة الأعداء على طريقة ميكافيللى لنيل مركز واحد ومقام واحد ومكانة واحدة وكأن الحياة انحصرت، بل اختصرت فى هدف واحد بعينه، وهذه الأهداف هى شهوات انتهازية بالدرجة الأولى ستحولنا إما إلى معتدين نسخّر البشر ونستثمر الظروف ونقتنص الفرص لإعلاء مصالحنا أو إلى متسولين نتجرع المهانة والذل والعوز لسد احتياجاتنا، وفى الحالتين أنظارنا ومسامعنا تتجه نحو الخارج، والخارج هنا ليس المقصود به دول العالم الأول، الخارج فى مخيلاتنا معنى مطلق يمثل كل ما هو ليس فى متناول أيدينا قد يكون عصا سحرية نحلم بأن تنتشلنا من هذا اليوم، أو كناية عن مهدى ننتظره ليحررنا من قبضة الأسياد. الخلاصة أننا دائمو الوقوع فى مصيدة البحث عن الدليل البعيد.. عن الأيادى الخفية.. عن الطرف الثالث، وهكذا.
وهذا يذكرنى بجدتى حين سقطت منها إبرة الخياطة ذات يوم، فذهبت للبحث عنها فى الحديقة خارج حدود منزلنا، بينما هى فى الداخل تختبئ فى أحد الأركان الجانبية، وحين أخبرتها باندهاشى لتصرفها الغريب والعنيد قالت لى يا ابنتى أنا أتبع النموذج السائد عند البشر، فإذا فقدوا الغالى والثمين بحثوا عنه فى الخارج، بينما هو يحيا بالداخل فى قلوبهم.. يا ترى حد فهم المعنى اللى فى بطن الحوت؟! يا نهار ملوش آخر هو أنا مش كنت أعلنت فى بداية المقال أنى تراجعت عن الكتابة أو التعليق على الأحداث الراهنة وأقسمت وحياة خالتى، مع إنى ماليش خالة، بأنى لن أشارك ولن أتفاعل وليكن ما يكون، أُمال إيه اللى جر رجلى فى سكة الندامة تانى؟!.. صحيح كلام عيال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ