الاثنين، 6 فبراير 2012

هل أتاك حديث الغواصة..؟ بقلم حمدى رزق ٦/ ٢/ ٢٠١٢


أعادنى النائب المخضرم أبوالعز الحريرى، عضو لجنة تقصى الحقائق فى مجزرة بورسعيد، إلى حديث الغواصة، يعتقد أبوالعز أن المعلومات التنظيمية التى كانت مخزنة فى غواصة أحمد عز - كما كشفنا عنها فى أول أغسطس الماضى - قد تحمل تفسيرا لما يجرى الآن فى مصر، وأن ما نبحث عنه فوق الماء ساكن فى تلك الغواصة المعلوماتية فى الأعماق تحت الماء.
تحوى الغواصة المختفية أسماء لا قبل لأحد بها من فلول الحزب وتنظيماته المنتشرة بطول البلاد وعرضها، ونعتقد وآخرون أن الوصول إلى الغواصة وما تحوى من معلومات هو السبيل لتفكيك البنية الأساسية لهذا التشكيل الإجرامى الذى يثير الفزع والرعب فى البلاد.
ننشر مقال الغواصة ثانية، لعل وعسى يفيق البعض وينقب عن الغواصة التى اختفت فى أعماق محيط هائج ثائر لا قرار له. وهنا نص المقال المنشور فى ١ أغسطس ٢٠١١.
ليلة جمعة الغضب، يوم الخميس ٢٧ يناير ليلاً، وفى غفلة من ثوار التحرير، الذين كانوا يستعدون بما جادت به أنفسهم لجمعة الغضب - اصطفت خفية وتحت ستر الظلام عدة سيارات نقل ونصف نقل أمام المقر الرئيسى للحزب الوطنى على الكورنيش، وقصد العمال والموظفون الطابق السفلى، تحت مقر الحزب الذى كان يسميه أمين تنظيم الحزب أحمد عز «الغواصة».
«الغواصة» لمن لا يعرف كانت مفخرة أحمد عز التنظيمية، كانت أكبر بنك معلومات مصرى سياسى حزبى، لا يغادر كبيرة ولا صغيرة فى الحياة الحزبية والسياسية إلا أحصاها، بالصوت الانتخابى، بالبطاقة الانتخابية، كل دائرة وكل قسم وكل قرية وكل شياخة، عدد الأصوات إجمالا، وتوزيعاتها جغرافيا على القرى والبنادر، المنتسبين للحزب الوطنى ولأحزاب المعارضة، وأنصار جماعة الإخوان، المرشحين الفعليين للحزب والمحتملين للمعارضة، خصوصاً الإخوان، المواصفات الشخصية والسجلات الشخصية، العيلة وعيلة العيلة والنسايب والقرايب، خلاصة الخلاصات كانت تسكن قعر تلك «الغواصة» الإلكترونية الرهيبة. كلمة السر لدخول تلك «الغواصة» ومفاتيحها الإلكترونية كانت بحوزة أحمد عز وحده، كان يمنح كلمة السر الـ«باسوورد» لمن يشاء بحساب دقيق.
المعلومات تقول أيضا إن عملية إخلاء الحزب شملت مكتب أحمد عز (أمين التنظيم)، وزكريا عزمى (أمين الشؤون الإدارية والمالية)، ولم تحفل بمكتب الأمين العام صفوت الشريف أو أمين الإعلام على الدين هلال، أو أمين السياسات جمال مبارك، والأخير مكتبه تقريبا كان خاوياً باستمرار، باعتبار مكتب أمين التثقيف فى الحزب المنحل محمد كمال كان يعد لأمين السياسات أوراقه، فما حاجة الأخير إلى الأوراق؟
إذن، أخفت ليلة ٢٧ يناير قوائم الحزب، قياداته السياسية المعلنة والخفية، ممولى الحزب من كبار رجال الأعمال المنتمين، والملتزمين من غير المنتمين، اختفت كشوف التبرعات التى كان يتسابق إليها رجال الأعمال، اختفت فواتير المؤتمرات، اختفت قوائم كبار الموظفين فى عصب الدولة المصرية، مسؤولين سياسيين أو أمنيين، معلنين أو مختفين.. اختفت أوامر الحزب وتعليماته ونشراته الداخلية، اختفت قوائم أعضاء الحزب فى البنوك والشركات والمصانع والمتاجر والاتحادات والجمعيات والنوادى والنقابات والمؤسسات الصحفية، اختفى كل شىء كلية فى ليلة واحدة، ما إن طلع قمرها حتى كان مقر الحزب تشتعل فيه النيران وسط فرحة الثوار بنصر قريب.
ليلة ٢٧ يناير كانت مؤشراً، لكن هل تأكد أحمد عز يقيناً من أن النظام ساقط لا محالة، فقرر إخفاء ما استطاع إليه سبيلا من أوراق ومستندات تدينه سياسيا، باعتباره المسؤول الأول عن «الغواصة» وما فيها، وكل ورقة فيها تؤكد أن «عز» كان يجرى تحريات بوليسية وليس استطلاعات انتخابية، الأم والأب والزوجة والعيال ومهنة الأب والأم والخال والعم وصولا لسابع جد؟
وهل تأكد زكريا عزمى من سقوط النظام فقرر إخلاء وتنظيف ساحته الحزبية من أى محاسبة لاحقة فقرر تنظيف مكتبه تماماً، خاصة أنه مسؤول ماليات الحزب والاشتراكات والتبرعات والنفقات والفواتير وحجز الفنادق والقاعات وغيرها من اللوجيستيات ذات التكلفة؟ ماليات الحزب وحدها مشكلة، والوصول إلى ماليات الحزب يكشف النقاب عن عدد من رجال الأعمال راكبى الثورة الآن من علٍ، والمقارنة بين رعايتهم الحزب ورعايتهم الثورة تشكل جرسة.. التبرعات فى الحزب كانت بالملايين بـ(الجعل) التبرعات للثورة بالملاليم (طق حنك).
ليلة ٢٧ يناير كانت مؤشراً، لكن - وهذا هو المهم - أين ذهبت تلك الأوراق والمعلومات، ولماذا لا يأتى على ذكرها أحد؟ ولماذا يصمت عنها كل القريبين من سدرة المنتهى الحزبية، من له مصلحة فى تجاهل هذا الذى حدث ليلة ٢٧ يناير؟ من حرّك السيارات وأمر بإخلاء المقر قبل اندلاع الحريق؟ لماذا اندلع الحريق ليحرق حقيقة أن المقر خاو، وأن دخان الحريق يغطى على عملية إخلاء خبيثة تمت بليل، وبتحرك مدروس لإخفاء معالم جريمة كاملة تمت فى «الغواصة»؟ غاصت «الغواصة» فى أعماق سحيقة لا يمكن الوصول إليها إلا بمستكشف خاص من الذين كانوا فى الغواصة، وهم كثر، لكن أخذتهم الصاعقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ