أولا : .. وأبدأ بإقرارى بـِـرُقـَـىِّ "الفكر" و"الصياغة" لمادة سائر
تعليقات الزملاء اليوم ـ وحتى لحظة كتابة هذه السطور ـ فى هذه الزاوية
الأثيرة للكثيرين ، فضلا عن توفر الوطنية والإخلاص فى "الاجتهاد" لدى
أصحابها ، وربما تنوب تعليقات من مثل : 1 ـ تعليق الأستاذ / ميدو مصطفى
(الذى "أشـَـبـِّـه" عليه أنه أحد زملاء التعليق القدامى "العتيدين" فى
المعرفة الموسوعية ، والرصانة الصياغية) تحت عنوان : " المناقشه الهادئه
والمحتوى العاصف" والذى قدم فيه ربطا "متميزا" بين "المتغيرات الفاعلة"
و"أطرافها" المحلية ، وظروفها المرحلية الواقعية ، وتلك الإقليمية والدولية
عامة ، والأمريكية الإسرائيلية خاصة ، وتقديمه تفسيرا "واعيا" لـ
"تمريرهما" المحسوب ضمن مشروعهما "الشرق أوسطى" ، لـ "تفوق" التيار
الإسلامى "السنى" لما مر حتى الآن فى الانتخابات فى مصر على وجه الخصوص
(بعد أخذ التطمينات الكافية ـ من خلال بيانات الطمأنة ـ من هذا التيار على
أمن إسرائيل ، والمصالح الأمريكية فى المنطقة) بأنه " أستنزاف الشيعه
والسنه فى مواجهات ومحاور تنهك الجميع" كما ذكر سيادته نصا فى تعليقه * 2 ـ
ومن مثل تعليق الزميل الأستاذ / الحنش (الأليف جدا) ، تحت عنوان : "
احتراما لعنوان مقال اليوم" ونفاذه مباشرة إلى "تناقض" حقيقى بين مدلول
عنوان المقال ، وما "غمسه" الكاتب من "غمز" لا ينسجم مع العنوان ، أو يليق
بصاحب المقال ، وهو تناقض يباعهد بيننا ـ كمثقفين وطنيين مخلصين ـ و"حدود
الهدوء للمضي قدما بقضيتنا أي بقضية الوطن" كما ذكر سيادته نصا فى تعليقه *
3 ـ ومن مثل تعليق الزميل المهندس / محمد شاهين ، تحت عنوان : " خلط
الأوراق" ، والذى أجاد فيه ـ كعادته ـ "تفنيط "الأوراق ، قبل تورزيعها على
"اللاعبين" ، وحتى يكون "دور" المجلس الاستشارى متناسبا مع "صفته"
و"رسالته" الوطنية " كبطانه صالحه تمنع حدوث أى انحراف فى الفتره القادمه
قد تضع المجلس العسكرى فى مواجهه مع الشعب ليست فى صالح أحد" كما ذكر
سيادته نصا .. هذا ـ وكما أقررت ـ لا تقل بقية التعليقان عن هذه الإجادة فى
"الرأى" و"الرؤية" الوطنيين والمخلصين فى الاجتهاد ** ثانيا : لم يبق لى
إذن سوى الانصراف إلى ما أنحاز إليه من دور أتشرف به بينكم ، ويتفق مع
"التأمل" فيما يدور ويفور ويثور ، و"التأصيل" له بما يفيض به الله على من
معرفة أو اطلاع ، محاولة متواضعة للعودة بما شاع وضاع وانماع من
"المرجعيات" و"المعايير" و"المعانى" ، والتى انحرفت عن معانيها ومدلولاتها
"الأصلية" و"الأصيلة" ، والتى بدونها ـ فهـْـما صحيحا ، واتــِّـباعا
وإعمالا ـ تتفرق بنا السبل عن السبيل "القويم" والطريق "المستقيم" فى مسيرة
الأوطان والشعوب ، وبناء نهضتها ، وصنع تقدمها على أسس "واعية" و"مستنيرة"
من القيم والمبادئ والأعراف والموروثات التاريخية والحضارية ، والإنسانية
الأخلاقية ، وكما قالوا : الإنسان "عدو" ما يجهل ، فهو أيضا "يحمى" ما
"يعرف" و"يصح" و"ينفع" ، وهو ما أرجو أن أكون "نقطة" فى "بحره" ، بسرد هذه
الـ "حدوتة" البرلمانية ، تعريفا ـ متواضعا وبسيطا ـ بالبرلمان ،
والبرلمانيات ، ملخصة عن دراسة قديمة لى عن هذا "الكائن" المجتمعى
والإنسانى "الجميل" ، ،
** ثالثا : 1 ـ كان "إسم" البرلمان منذ أن كانت وظيفته عند نشأته ، هى
إتاحة الفرصة لمناقشة الأمور العامة ، يحمل المعنى "الحرفى" ـ و"الطريف" ـ
لكلمة برلمان فى البداية ، بأنه مكان التحدث ، أو "المكلمة"، فتطور حتى
أصبح يسمى "السلطة التشريعية" ، وتعددت "وظائفه" فجمعت بين وضع القوانين
والتشريعات ، والرقابة على أعمال الحكومة ، والتأثير فى الشئون السياسية
الإقليمية والدولية ، وأصبح البرلمان "محورا" لنظام الحكم ككلٍ فى بعض
الدول ، حيث تتركز معظم السلطة السياسية فى البرلمان * 2 ـ كما وأن نشأة
البرلمانات فى العالم الديموقراطى ، قد جاءت بالتدريج ، وبعد أن خاضت
أحداثا تاريخية ، استطاعت البرلمانات خلالها انتزاع سلطاتها من الملكيات
المطلقة ونظم الحكم الاستبدادية ، فقد بدأ البرلمان فى مصر منذ حكم محمد
على (مؤسس مصر الحديثة وحاكمها بـ "المبايعة" من أعيان البلاد ومشايخها ،
ما بين عامي 1805 م إلى 1848م = 43 عاما من الحكم) ، وحتى إعادة تأسيس
الأحزاب السياسية منذ منتصف السبعينات من القرن العشرين ، مرورا بـ "مجلس
شورى النواب" فى عهد الخديوى إسماعيل ، ومرتبطا بتاريخ الحركة الوطنية
المصرية ومحفزاً لها ، منذ حركة عرابى ، ومرورا بثورة 1919م بزعامة سعد
زغلول ، وصدور دستور 1923م ، وحتى ثورة 23 يوليو 1952م * 3 ـ باتت الحياة
البرلمانية لأى دولة ، هى صورة صادقة لواقع وحقيقة مجتمع هذه الدولة ، حيث
أن معظم التيارات السياسية والأفكار والآراء والمبادئ والقيم التى تسود فى
هذا المجتمع ، تنعكس سلبا وإيجابا على البرلمان وأعماله ودرجة فعاليته ،
كممثل مباشر للجماهير ، يشرع القوانين التى تحكم المجتمع ، كما يراقب
الحكومة فى تصرفاتها نحو تنفيذ ما يتطلع إليه الشعب ** رابعا : دور
البرلمان فى "التطور" الديمقراطى : 1 تهدف الديمقراطية الى إنشاء برلمان
سليم ، كما أنها تعتمد على وجود برلمان قوى فى نفس الوقت * 2 ـ اعترضت هذا
المفهوم والدور للبرلمانات ، تطبيقات حولت هذه الديمقراطية النيابية
البرلمانية ، إلى واقع متسخ بـ "ديمقراطية نخبوية" أو "ديموقراطية خداعية" ،
أدى إلى ظهورها مجموعة من النظم الشمولية تقوم على سيطرة الدولة على كل شئ
(مثل الفاشية فى إيطاليا والنازية فى ألمانيا ، والشيوعية فى الاتحاد
السوفيتى) ، وأصبحت البرلمانات فيها ذراعا طويلة للحكومة والسلطة التنفيذية
وتأييد الحاكم المطلق ، فالانتخابات لهذه البرلمانات لا تعبر عن المواطنين
، الذين انصرفوا بدورهم عن المشاركة فيها ، بعد أن أصبحت البرلمانات عقبة
فى طريق الديمقراطية ، وليست أداة لتحقيقها ، مما أدى إلى البحث عن وسائل
أخرى للتعبير عن المواطنين والتأثير فى الحكومة ، وفى مقدمتها ما يسمى
"منظمات المجتمع المدنى" ، مثل النقابات والجمعيات الأهلية * 2 ـ ولأن
القانون الطبيعى الذى يقضى بأن الشيء متى زاد عن حده ، إنقلب إلى ضده ، فقد
اتضح للعالم أن التحول الديمقراطى فى حاجة الى برلمان قوى ليدعم تحقيق
الديمقراطية ، ويعزز الثقة بين الحكومة والمواطنين بالتعبير عن مطالب
المجتمع ، ومراقبة أعمال الحكومة ، ومحاسبتها ،
** خامسا : أهمية وجود البرلمان : 1 ـ حددت الدوافع لوجود البرلمانات ،
ماهية وطبيعة الوظائف وأساسا لها ، وهى "التمثيل النيابى" لمختلف فئات
الشعب ، وممارسة "السيادة" ممثلة فى وضع القوانين أساسا ، وأتاحة حلبة لـ "
الحكم النيابى" تتنافس فيها الأحزاب والتيارات السياسية ، مع وجود دافع
"إضافى" لتأسيس البرلمانات فى الدول النامية ، وهو "بناء الدولة القومية" ـ
بعد التحرر من الاستعمار ـ وتأكيد الهوية الوطنية المشتركة لأبناء الدولة
الواحدة ، والحفاظ على تماسكها ، سواء من الانقسامات الداخلية والحركات
الإنفصالية ، أو فى مواجهة القوى الاستعمارية ذاتها ، ولتحقيق الاستقرار
الاجتماعى بمعناه الشامل ، وتقليل فرص الصراع بين المواطنين ذوى الانتماءات
المختلفة ، من أجل تحويل تلك "التعددية" الى مصدر ثراء وقوة * 2 ـ التحول
الاقتصادى جعل من الضرورى تحقيق تطور مواكب فى الحياة السياسية ، ينتهى
بتشكيل حكومات نيابية ، عن طريق انتخابات حرة ونزيهة ، والعديد من المؤسسات
السياسية والدستورية ، ووجود صحافة حرة وقوية تعبر عن كافة الآراء
والاتجاهات .. ، وكل ذلك هو الذى يشكل المناخ السياسى والاجتماعى الذى
يزدهر فيه العمل البرلمانى ، ويقدم الضمانات الأساسية لاستمرار النظام
الديمقراطى ** سادسا : خصائص البرلمان : هناك أربعة أمور يتسم بها البرلمان
المعاصر ، وهى : 1 ـ أنه "قاعدة" النظام الديمقراطى : وذلك لعدة أسباب :
أولها : أن البرلمان هو المؤسسة الأكثر ارتباطا بالجمهور وانفتاحا عليه ،
وأن مناقشاته تكون معروضة أمام الجمهور ، وثانيها : أن البرلمان ـ وحده ـ
يجمع بين وظيفتين رئيسيتين : هيكل نيابى يعبر عن مشاعر وآراء المواطنين ،
كما أنه من ناحية أخرى آلية تشريعية ، تصنع القوانين التى تحكم الدولة
بأسرها ، وثالثها : قيام البرلمان بدور هام فى مجال الوعى السياسى وخلق رأى
عام فى مواجهة السلطة الفردية المطلقة ، ورابعها : أنه يضم عددا كبيرا من
الأعضاء ، أكثر تنوعا ـ من الناحية السياسية والحزبية ، وأيضا من ناحية
الانتماء الى المناطق الجغرافية والثقافات المحلية المختلفة فى المجتمع ،
وخامسها : أنه يعتمد على آلية الانتخاب ، وسادسها : أن البرلمانات "مؤسسات
جماعية" تعمل فى إطار قاعدة المساواة بين كافة أعضائها ، ولهذا ، يتسم نظام
صنع القرار البرلمانى بآلية الاتفاق الجماعى بين أعضائه ، ورئيس البرلمان
يكون بالانتخاب الداخلى ، وهو رئيس للبرلمان وليس رئيساً للأعضاء ، وبالرغم
من أن المؤسسات الأخرى قد تشارك البرلمان فى بعض تلك الخصائص ، إلا أنها
لا تتمتع بها مجتمعة * 2 ـ أنه "هيئة" لتمثيل المواطنين فى الحكم : وذلك
باتباع شكل الديمقراطية "غير المباشرة" أو "النيابية" ، التى يمارس الشعب
سيادته من خلالها بواسطة نواب عنه ، يمارسون مهام النيابة بإسمه ، ولمدة
معينة ، ثم يتجددون فى انتخابات دورية ، ويجمعهم "البرلمان" كهيئة أساسية
تمثل المواطنين فى شئون الحكم ، مع "الاحتفاظ" بـ "السيادة" للشعب ذاته ،
والكلمة فى نهاية الأمر هى كلمة الشعب ، وتصبح "الديمقراطية النيابية" هى
أكثر صور الديمقراطية استجابة للضرورات العملية فى تطور المجتمع ، وإلى
الجزء (4) ، تحياتى للجميع ، وتحيا مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق