الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

إنهم يغتالون الفجر.. فهل يفعلون؟ بقلم أمل السامرائى

كلما تحدثوا عن الربيع العربىّ يحضرنى سؤال ربما لا يرضى البعض.. أىّ ربيع عربىّ ذلك المشتعل قتلا؟.. المترقرقة غيماته دماً؟.. والمتساقطة وروده السوداء حزنا فى أحضان الأوطان؟.. هل هو ربيع سوريا؟ أم بغداد؟ أم مصر؟ هذا إذا استثنينا أوطانا هدأت قليلا وأخرى تتأرجح على حبال الحذر.. «ربيع عربى».. مصطلح يستحق أن يضاف إلى ما سبق من مصطلحات سياسية اخترعها الأوصياء وتزخر بها موسوعتنا العربية.. فإن كان هذا هو الربيع فكيف هو الشتاء؟ كيف وهناك من يتربص بالبراعم كلما أينعت.. ويجتز رقبة الفجر كلما ارتفعت؟ كيف والأوطان إما مزرعة وملك مشاع للجلادين وإما مقبرة للحالمين؟ فهذا العراق.. لم يعرف من الفصول غير صقيع شتاء ونيران صيف منذ عصور الاستعمار والغزوات والتتار والمغول إلى أنظمة تعسفية مطلقة واحتلال أمريكىّ وفارسىّ وطائفىّ جاء محمولا على مفخخات وأحزمة وميليشيات وفرق موت تتبارى فى فنون القتل بأسلحة الطائفية السياسية.. سنوات والهجرة تزداد والمنافى تضجّ..
والعنف يتصاعد والفقر يتنامى والسجون تزدحم والاعتقالات لا تهدأ والفساد السياسى والإدارى والمالى يزكم الأنوف.. سنوات والشعب ينتظر بارقة أمل بفرحة ربما تجود بها نهاية الاحتلال!! نهاية كانت وللأسف بداية لانفجار أزمة ليست ككل الأزمات.. أزمة (الهاشمى) نائب رئيس الجمهورية وما وجهت إليه من اتهامات جنائية بشهادة بعض من حمايته.. وإصرار المالكى على محاكمته فى بغداد وتحميل رئيس الجمهورية مغبّة عدم تسليمه مع تمسّك (الهاشمى) بحقه فى محاكمته فى جهة عمله (كردستان).. ليفجر ذلك انقساما بين الكتل السياسية، خاصة بعد سحب (المالكى) الثقة بنائب رئيس الوزراء السنّى (صالح المطلك)، وتتجه الأمور إلى منحى طائفىّ يخفى وراءه ما هو أعمق من قضية (الهاشمى).. العالم قلق من تداعيات الأزمة التى لا يستبعد أن تؤدى إلى حرب أهلية إذا ما استحال حلّها الذى يراه البعض فى تنحى المالكى وسحب الثقة منه وحل البرلمان وإعادة الانتخابات..
فيما لجأت القائمة العراقية إلى الجامعة العربية بعد تعليق (المالكى) حضورها جلسات البرلمان.. وازدادت مطالبة المحافظات السنّية بتحويلها إلى أقاليم، توفيرا للحماية من البطش الطائفى والاعتقالات.. بينما رحبت طهران بالانسحاب الأمريكى مبدية استعدادها للتعاون الأمنى والعسكرى فى بغداد، والتعاون معها فى اجتثاث «مجاهدى خلق». أما التيار الصدرى الذى ساهم فى وصول المالكى إلى سدّة الحكومة فقد حذر من تداعيات الأزمة المؤدية إلى حكومة الحزب الواحد.. الوضع فى العراق خطير لا يبشر بانفراج مع تعنت (المالكى) ورفضه المبادرات والحلول والدفع بالبلاد إلى نفق مظلم وفصول بلا ربيع.. أما الوضع فى سوريا فحدّث ولا حرج..
من سيئ إلى أسوأ، والدليل مجزرة حمص التى وقعت بعد توقيع (بروتوكول) الجامعة العربية الذى وافقت عليه سوريا بعد رفضها المبادرة، فبالرغم من وجود المراقبين فإن الانفلات الدموى لايزال مستمرا دون ضوابط إنسانية أو قانونية، وكأن (البروتوكول) لم يكن سوى مناورة وكسب وقت من طرف النظام.. وسيناريو لفتح باب التدخل الدولىّ من قبل الجامعة كما يراه بعض المعارضين والمحللين.. الشتاء العربىّ قارس شديد فى ظل أنظمة ضيقة الأفق، فاقدة الشرعية، ذات غباء سياسى ومعادلات صفرية (قاتل أو مقتول) وفبركات وترهات مكشوفة فى زمن الوعى وانطلاق الإرادة من مخابئ الجهل..
فالكل يسخر من فبركة النظام السورى لإعلان الإخوان عن مسؤوليتهم عن التفجيرات الأخيرة.. فى حين اتهم قبل يوم من ذلك تنظيم القاعدة.. متناسين أن الشعوب تعلم جيدا استغلال الأنظمة الديكتاتورية التفجيرات لطمس حقائق أو التشويش على صوت الشعوب.. متناسين أن أوان الرحيل حلّ ولم يعد لتغيير الخطاب جدوى.. الوضع خطير، والحل يحتاج من النخبة المعارضة وقفة مع الذات وترفُّعاً عن المصالح الشخصية والحزبية والتناحر والتنافس.. وتقديم مصلحة الوطن العليا قبل كل شىء..وكشف أصحاب الأجندات المتحفزين لاغتيال الفجر.. فلا تَدَعوهم يفعلوا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ