الاثنين، 26 ديسمبر 2011

البرلمان القادم

  بقلم   د.حسن نافعة    ٢٦/ ١٢/ ٢٠١١
انتهت المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب، وأصبح فى الإمكان تحديد الملامح الرئيسية لخريطة مصر السياسية وأوزان القوى المتنافسة على الساحة فى المرحلة الراهنة. فقد أصبح فى حكم المؤكد أن تيار الإسلام السياسى، بفصائله المختلفة الإخوانية والسلفية والوسطية، سيحقق فوزاً كبيراً فاق كل التوقعات، وأصبح قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على أغلبية تفوق الثلثين، مما سيمكنه من الهيمنة الكاملة ليس فقط على آلية التشريع فى المرحلة الراهنة، وإنما على التحكم أيضاً فى تشكيل الجمعية التأسيسية التى سيعهد لها بكتابة الدستور المصرى الجديد.
بوسعى أن أتفهم بعض بواعث القلق لدى البعض، لكننى أحذر من المبالغة أو الانسياق وراء تضخيمه الذى قد يشكل فى حد ذاته كارثة يتعين العمل على تجنبها بكل الوسائل الممكنة. فعلى كل من يدعى الإيمان بالديمقراطية أن يقبل ما تفرزه صناديق الاقتراع، حتى ولو شابت العملية الانتخابية سلبيات كثيرة يتعين العمل على تلافيها فى المستقبل، لكن المهم أن يقتنع الجميع بأن الانتخابات كانت نزيهة فى مجملها، وأن الجهات الرسمية لم تتدخل لتزوير إرادة الناخبين. لذا، دعونا ننظر إلى الوجه المضىء من الصورة،
 فلا جدال فى أن مجلس الشعب المقبل سيكون مختلفاً نوعياً عن كل المجالس التى عرفناها فى حياتنا، بالنسبة لجيلى على الأقل. صحيح أن وجوهاً قديمة ستدخل مجلس الشعب المقبل، لكن الأغلبية الساحقة من أعضائه هم من العناصر الجديدة التى لم يختبرها الناس من قبل. لذا، أتوقع أن نرى مجلساً للشعب شديد الحيوية، وأن يشد أداؤه اهتمام المواطنين خلال المرحلة المقبلة.
أود أن أعبر هنا عن سعادتى الشخصية بدخول عناصر شبابية عديدة أصبحت معروفة إعلامياً، لكنها لم تختبر برلمانياً بعد، من أمثال: د. مصطفى النجار ود. عمرو الشوبكى ود. زياد بهاء الدين والأستاذ عبدالمنعم الصاوى ود. عمرو حمزاوى وغيرهم. ولأننى أتوقع، وآمل أيضاً، أن يكون أداؤهم البرلمانى رفيع المستوى،
 لا يخالجنى شك فى أنهم سيتمكنون من تقديم مساهمة جادة، لتحسين صورة البرلمان المصرى ودفع العملية الديمقراطية والحوار المجتمعى خطوات إلى الأمام. وأعتقد أن أمامهم فرصة حقيقية للمساهمة فى خلق تيار ثالث أظن أن مصر باتت فى أمس الحاجة إليه فى هذه المرحلة، وينتظره مستقبل واعد، إذا ما أتيح للتجربة الديمقراطية أن تتطور وأن تثبت أقدامها، وتنجح فى إقناع الجماهير بأنها الوسيلة الوحيدة لقيام دولة القانون التى يتطلع إليها الجميع.
بوسع مجموعة صغيرة من الكوادر الواعية أن تلعب دوراً تاريخياً مهماً، إن تمكنت من استيعاب أهمية وحساسية اللحظة التى تمر بها مصر، وقدمت أداء يليق بها وباللحظة التى نمر بها. وربما يكون من المفيد هنا أن نذكر القراء بأن مجموعة صغيرة من البرلمانيين العظام، من أمثال ممتاز نصار ومحمود القاضى وغيرهما استطاعت حتى فى أحلك الظروف وفى زمن السادات نفسه، أن تحدث فرقاً وأن تضع بصمتها الدائمة كنموذج للأداء البرلمانى الرفيع. وربما لا تمتلك مجموعة البرلمانيين الشبان الجدد نفس خبرة محمود القاضى أو ممتاز نصار،
 لكنها تملك حماس الشباب والعلم والإرادة، والأهم أنها تأتى فى اللحظة المناسبة وبعد ثورة كبرى نقلت الشعب المصرى كله من ساحة المتفرجين فى ملعب السياسة إلى لاعبين ونقاد كبار.
مبروك لكل الذين فازوا بمقاعد فى مجلس الشعب فى المرحلتين الأولى والثانية، ومبروك مقدماً لكل الذين سيفوزون فى المرحلة الثالثة، ونرجو أن يكون الجميع على مستوى المسؤولية، وأن يتعاونوا لتثبيت دعائم نظام ديمقراطى يتسع للجميع ولا يستبعد أحداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ