الاثنين، 26 ديسمبر 2011

على شفا جرف هار



  بقلم   حمدى رزق    ٢٦/ ١٢/ ٢٠١١
لولا الملامة، لبكى الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، بكاء الرجال على حال مصر، مصر على شفا جرف هار، مصر تفلس، يا مصريون، يا كل من له ضمير حى، مصر تصرخ وتنادى وتخاطب فيكم النخوة والشهامة، مصر تعانى، مصر تجوع، يا الله، يا الله!
لن أنادى عربيا أو أجنبيا كان، لن أنتظر ريالات النفط، ولا دولارات الثمانى الكبار، ولا معونات العم سام، معونات مسمومة، معونة يتبعها أذى، ملعون النفط وملياراته، سحقا للثمانى الكبار والصغار، لن أنادى ما حييت عربيا أو غربيا، لن أمد يدى ما حييت إلى مائدة اللئام الممدودة فى قصور الدوحة، الكريم لا يضام، لن تضام مصر ونفر من أبنائها مليارديرات، وفى حساباتهم المليارات، مليونيرات وفى خزائنهم الملايين، لن يضنوا عليها أبدا، لحم أكتافهم من خيرها، وشربوا من نيلها.
ما هم ولادها ولا يستحقون الحياة تحت سمائها ولا مشوا على ترابها إذا ضنوا، وصاروا يكنزون، يراؤون ويمنعون الماعون، بأيكم المجنون، ماذا تنتظرون، ثورة جياع، والله لو ثار الجياع لأكلوكم ما تبقى منكم نتفة لحم على عظم، ومن ملياراتكم بنس على بنس، لو تضوّر الجياع لافترسوكم وأهلكم أجمعين، لو تقاعستم وضننتم لا تلومن إلا أنفسكم، ماذا أنتم فاعلون، أتتركون الجمل بما حمل من آلام وأحزان، برك الجمل، جمل الحمول، صابر وقانع، حذار من غضبة الجمل، غضبة الصامتين، أطعموا الجمل، أشبعوا الجياع، تبرعوا لأنفسكم، لأمنكم، لسلامتكم، زكاة عن ملياراتكم وملايينكم، زكاة المال، حان وقتها، طهروا أموالكم، واحفظوها من الزوال، إذا وقعت الواقعة ليس لها من دون الله كاشفة.
«وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ»، ما لكم تبخلون، تكنزون، قست قلوبكم على بلدكم فصارت كالحجارة أو أشد قسوة، لو طلبها الجنزورى من الفقير ما عزها عنه، لو طلبتها مصر لتبرعوا بالمال والولد، لأخرجوا اللقمة من أفواههم، القرش ما يهون إلا على الفقير، الفقير ربه كريم.
تجوع الحرة ولا تمد يدها، ومصر حرة ولن تمد يدها، لا نريد مليارات العرب ولا العجم، من يقرض مصر قرضا حسنا، يقرض بلده ووطنه وأهله وناسه، قرضا حسنا، من يفك كرب المكروبين، وعسر المتعثرين، من يحمى شبابها ونساءها وشيوخها من الفاقة، من يوفر الحليب الساخن لأطفالها، ما لكم ماسكين فى الدنيا، اللقم تزيح النقم، والنقم جمع نقمة هى ثورة الجياع، أطعموهم لقيمات يقمنون صلبهم لا تدعوهم فى الطرقات يهيمون.
ملياراتكم التى بين أيديكم هى ملياراتنا، وملايينكم هى ملايينا، ومصانعكم من كدنا وشقانا، وصروحكم الاقتصادية من عرق الجبين، لا نريد جزاءً ولا شكورا، نريد ثمن الأرض أم دولار، والطاقة أم قرش، والعمالة أم عشرة جنيهات، لا نطلب حسنة، حسنة يتبعها أذى، لا نريد منة ولا قرضا، نريد ضريبة الوطن، حق مصر، حق الله فيما كسبتم فى زمن كان الكسب بالساهل، والأرض بالهكتار، والبترول بالبرميل، والغاز لإسرائيل، وكان الشعار يموت الحمار، مت يا حمار حتى يأتيك العليق.
يا أيها المستثمرون لا أعبد ما تعبدون، تعبدون المليار، لكن بلد المليارات يعانى شظفاً، الوطن بعافية، مصر بعافية، دمتم بعافية، من يمد يد العون، من يغبر الخطى، من يلبى النداء، وإن أتانى الوطن يمشى أتيته هرولة، من يتقدم الصفوف، ويقول أنا لها أنا وما أملك، المال والولد، ما لى هو مالها، ما لى مهرها، والمهر غالى المهر غالى، كريمة يا مصر.
إلى متى تنتظرون، إلى متى تقفون على الحياد، إلى متى تتفرجون على الانهيار الاقتصادى، إلى متى تعاقبون شعبا إذا صلى فى محراب الحرية، لن نكتوى بنيران ثورة تفجرت ينابيع خير على الفقراء، لن يرحمكم الفقراء، لا منجاة اليوم من غضب الفقراء، الفقراء عند ربهم يرزقون، وستمر المحنة التى تنتظرون، لن نأتى إليكم ركعا سجدا، نطلب صفحا وغفرانا، لن نغادر ميادين ثورتنا إلى قصوركم خدما وعبيداً، لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا لن نستعبد بعد اليوم.
تبرعوا هو أقرب للتقوى، وسارعوا إلى مغفرة من شعبكم، طهروا أموالكم، شعبكم ينظركم وينظر إليكم ولن يرحمكم، وقت الحساب قادم، وعسير، سارعوا، استحثوا الخطى إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، كفّونا ذل السؤال، السؤال لغير الله مذلة، والخليج والغرب يذلنا ويتأخر علينا، تشفيا، يريدونها نارا وقودها الناس والحجارة، يريدونها حطاما، يريدونها خرابا، لن يمدوا أيديهم لمن فى عزتها وشموخها تكسر رقابهم، إنهم يثأرون منا، يثأرون من ماض، ألا إن قدر الله مماتى لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى، مصر تتحدث عن نفسها بأموال أبنائها، ليس بسؤال اللئيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ