الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

القضاة بين حقوق وحريات المواطن وسلامة الوطن



  بقلم   د.سلامة فارس عرب    ٢٧/ ١٢/ ٢٠١١
يتجلى دور القضاة الذين ينظرون فى موضوعات الحقوق والحريات فى أوقات الأزمات والثورات التى تؤثر على كيان المجتمع وتماسكه ووحدة صفه، فهم ضمير الأمة وحماة المشروعية ورعاة سيادة القانون، فعلى بابهم يقف الأفراد، ناشدين الحرية والعدالة، طامعين فى حسن تطبيق القانون على المنازعات التى نشأت بسبب، أو بمناسبة الأحداث المصاحبة لثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وبعض القضاة منهم يكتفون بأن يكونوا قضاة قانون فقط، وبعضهم الآخر يطمحون لأن يكونوا قضاة متصلين بالواقع الذى يعيشه مجتمعهم فى وقت الثورة، لاسيما أن النزاعات التى تعرض عليهم دائماً ما تقع فى منطقة رمادية لا تحكمها نصوص قانونية صريحة، وإن وجدت فإن الخلاف يحتدم حول أسلوب تفسيرها مما يترك لهم مساحة واسعة تسمح لهم بالاعتماد على كثير من مستجدات الظروف الموضوعية الواقعية التى نشأت على إثر التغيرات فى الواقع الاجتماعى والسياسى والاقتصادى الجديد للمجتمع.
فإذا كان بعض القضاة يتشبثون بأهداب القواعد القانونية ولا ينظرون خارجها ويؤكدون على أنه لا شأن لهم بنتيجة حكمهم أو بإمكانية تنفيذه ولا بآثاره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على المجتمع، فالقانون فى نظرهم يجب ألا يخضع للآراء والمعتقدات، فإن بعضهم الآخر يرى أن القانون ليس نصاً جامداً وإنما هو معنى هادف تجدده يومياً قواعد التفسير الواقعى فى ظل الظروف والأحداث والمستجدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة، والقاضى عندما يتدخل فى تفسير القانون تحت تأثير المستجدات الواقعية إنما يجرى على سنة الطبيعة، فهو لا يبدل أو يغير فيه وإنما يوائم فقط بين مبادئه وروحه ونصوصه وبين الحالات الواقعية التى يفصل فيها بحكمه، لاسيما فى الموضوعات التى تختلف الرؤى وتتعدد المذاهب بشأنها. فالقانون لم يسن لخدمة المجتمع ككيان جامد وإنما لخدمة العدالة داخل المجتمع، هذه العدالة قبس من رحمة الله لا يؤتيها إلا لمن يفهم جوهرها ويتحرى مضمونها.
إن منطق القضاة المتصلين بالواقع يقود إلى ضرورة أن ينتهج القضاة المصريون فى هذه الأوقات دورا خلاقا فى ابتكار الحلول التى تحمى الحقوق والحريات داخل المجتمع وتحد فى الوقت ذاته من المحاولات التى قد يقوم بها البعض للالتفاف على نصوص القانون أو الهروب منها بقصد الافتئات المبتدأ على هذه الحقوق أو تلك الحريات أو ذلك الذى قد يحدث أثناء الدفاع عمن اتهموا بتقييد الحريات وإفساد الحياة السياسية فى وقت محاسبتهم على ما اقترفوه من إثم.
فالقضاة يقع عليهم فى أوقات الثورات التى يستغل فيها البعض ضعف سلطة الدولة تحت تأثير تظاهرات المواطنين عبء ثقيل، فهم ضمير الأمة وسدنة العدالة وحماة الحرية فيها، ومهمتهم ضبط إيقاع التعامل بين السلطة التنفيذية والمواطنين عن طريق تضمين أحكامهم حلولاً قانونية سليمة توفق بشكل متوازن بين ضرورة سلامة الوطن وحماية أمنه وحرية المواطن أو المحافظة على حقوقه فى آن واحد، فالحكم القضائى يتعين أن ينبض بالحياة وإلا كان قطعة ورق لا قيمة له.
وبناء على ما تقدم بات من الضرورى أن يرتفع القضاة إلى مستوى آمال بعض المواطنين فى تأكيد حقهم فى مزيد من العدالة والحرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ