الأحد، 25 ديسمبر 2011

حرب الميادين

هى ليست حروبا كما يصفها البعض، ولكن التعبير الأقرب هو الصراع، فكل ميدان يعبر عن قوى سياسية، ويعبر عن توجه وتصور سياسى، وسيظل هذا الصراع أو الاحتدام لفترة طويلة هو وسيلة التعبير السياسية الأولى والأكثر فعالية.

المهم أن كلا الميدانين، العباسية والتحرير ومعهما ميدان القائد إبراهيم فى الإسكندرية لا تختلف فى حتمية احترام حقوق الإنسان، حتى هؤلاء يلفون ويدورون حتى يصبح القتيل والضحية هو المخطئ، وليس القاتل والمعتدى، ومن الصعب فى النهاية أن يوافقوا على انتهاك حقوق الإنسان، ومن الصعب أن يعلنوا موافقتهم على قتل المصريين والاعتداء عليهم.

لكن لماذا سوف يستمر صراع الميادين؟

لأن وسائل التعبير السياسى الأخرى من خلال مؤسسات سياسية مازال معظمها معطلا، وبعضها لم يعمل بكفاءة حتى الآن، ناهيك عن الثقافة السائدة والتى لم يصبح جزءًا أساسياً فيها العمل السياسى بمختلف تنويعاته.


فمؤسسات مثل مجلس الشعب أو حتى الشورى مسار فى غاية الأهمية للعمل السياسى، وأظن أن بمجرد عمله، سيشعر قطاع كبير من المصريين أن ما يريدون التعبير عنه فى الميادين يجدونه فى البرلمان.


المؤسسات الحزبية لا تعمل بكفاءة، فما زلنا فى سنة أولى ديمقراطية، وما زالت هناك قيود على تأسيس الأحزاب، وما زالت الكثير منها يعمل بالطريقة القديمة، مثل خلط الدين بالسياسة، أو محاولة تسييد الأفكار التى نمت فى غرف مغلقة، وليس فى مناخ حرية، منها مثلاً ما ردده بعض من الاشتراكيين الثوريين حول ضرورة هدم الدولة، فالكل يختبر أفكاره مهما كان شططها على الأرض، وسوف يصل بالتدريج إلى موائمة بين ما يقوله وبين ما يمكن أن يقبله الناس، أى يغير هو فى الجمهور، ويغير فيه الجمهور، فنحن ندفع ثمن ستة عقود من الحرمان السياسى.


هذا لا يعنى أن دور الجماهير سينتهى، ولكنها ستكون حاضرة طوال الوقت، وفاعلة طوال الوقت، عندما تتعطل مسارات الحرية، أو عندما يعطل هذه المسارات من يتصور أنه يستطيع احتكار المصريين واعتقالهم فى قوقعة أفكاره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ