الاثنين، 26 ديسمبر 2011

أمة فى خطر داهم (وحتمية التوافق على سبيل الخلاص)



  بقلم   يحيى الجمل    ٢٦/ ١٢/ ٢٠١١
لم أشعر قط وأنا مقدم على الكتابة أننى حزين مكسور من أجل مصر مثل إحساسى الآن. مصر تستأهل أفضل مما هى فيه بكثير. التنافر والتناحر والتنابذ هى السمة الغالبة على أغلب مظاهر الحياة فى وقت كان يتعين فيه أن تتكاتف كل الجهود من أجل بناء مصر. أكاد أحس أن مصر تترنح وتتوسل إلى أبنائها أن ينقذوها وأن يجيروا عثرتها بدل أن ينهال عليها البعض تمزيقاً وهدماً.
أحس أحياناً- كما أحس الآن- أننى عاجز عن التفكير وليس أصعب من الإحساس بالعجز شىء. لعل ذلك يعود جزئياً إلى ما أعانيه من نزلة برد قاسية أرجو أن تزول وأن يزول معها هذا الإحساس الكئيب، الذى أتصور أنى لست وحدى فيه وإنما يشاركنى فيه الغالبية من المصريين الذين يحبون هذا البلد ويشعرون بفداحة المسؤولية الملقاة علينا جميعاً فى هذه الأوقات العصيبة.
ما أبعد المسافة بين صورة مصر فى ٢٥ يناير الماضى وصورتها الآن فى نظر العالم.
فى ٢٥يناير والأيام القليلة التالية له كان العالم كله يتحدث عن ثورة رائعة بيضاء وحّدت المصريين جميعاً- من خرج منهم ومن لم يخرج إلى الميدان- على قلب رجل واحد. والآن، أظن أننى لا أحتاج إلى وصف ما يجرى حالياً على أرض الكنانة. التى أرجو أن تبقى كنانة الله فى أرضه.
الذى استمع إلى خطاب د.كمال الجنزورى من يومين يهوله الفارق الشاسع بين ما كان يعرض على مصر فى أعقاب ثورتها وما هو حادث الآن.
الكل كان مستعداً وبصدق لمد يد العون إلى مصر. دول الخليج العربى ودول الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى كلها أعلنت عن استعدادها لتقديم مليارات الدولارات إلى مصر، لكى يأخذوا بيدها ويقيلوا عثرتها. أما الآن فقد تغيرت الصورة تماماً. صورة مصرالآن لا توحى لأحد بالثقة. وكيف توحى بالثقة، والمصريون أنفسهم لا يثق بعضهم فى بعض. هذا هو موجز ما قرره الدكتور/ كمال الجنزورى عن علم وبينة. وهو كلام خطير أتصور أنه يجب علينا جميعاً أن نقف عنده ونفهم دلالاته.
نشرت صحف أمس الأول السبت ٢٤ ديسمبر، نقلاً عن الصحافة العالمية «أن المأزق الحالى الذى تمر به مصر لا يليق بها»، ووصف المقال نفسه أن كل القوى الموجودة على الساحة «قد أساءوا إلى هذه الأرض المقدسة».
هذا ما قاله الإعلام العالمى وهو للأسف المّر صحيح تماماً.
فما الدلالات وما هو سبيل الخلاص مما نحن فيه.
الاجتهادات كثيرة والرؤى مختلفة، ولكن مصر لا تستطيع أن تستمر طويلاً على هذا الحال.
فما العمل؟
الحل هو مسؤولية الجميع. كل مصرى عاقل مطالب بإنقاذ مصر مما وصلت إليه ولن يكون ذلك إلا نتيجة توافق قومى بين كل أطياف المجتمع وأجياله ورجاله ونسائه ومسلميه وأقباطه. الكل مدعو للمشاركة ولا حجر على أى أحد لأى سبب من الأسباب .
ولكن ما هى الآلية التى تدير هذا التوافق لتصل به إلى غايته من تفريغ الاحتقان واستقرار الأمن وعودة عجلة الإنتاج رويداً رويداً.
اقتراح موجه إلى منصور حسن:
عندى إقتراح محدد أن يقوم الصديق منصور حسن بصفته رئيس المجلس الاستشارى ومعه كل أعضاء المجلس، بتوجيه الدعوة على نطاق واسع إلى كل القوى والنشطاء السياسيين والمفكرين وأهل الخبرة والرأى فى جلسات متتالية وتطرح عليهم كل الموضوعات الخلافية للوصول إلى كلمة سواء.
واقترح على سبيل المثال لا الحصر أن يدعى إلى هذه الاجتماعات:
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا شنودة الثالث المعظم.
الدكتور كمال الجنزورى، المكلف بتشكيل وزارة الإنقاذ الوطنى.
عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة يختارهم المجلس.
كل الأعضاء الذين فازوا فى انتخابات المقعد الفردى لمجلس الشعب فى كل الدوائر.
أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان.
مجلس أمناء مدينة زويل ومجلس أمناء مؤسسة مجدى يعقوب.
الجمعية الوطنية للتغيير.
جميع المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية.
عدد من الشخصيات العامة التى تحظى بتقدير واحترام عام.
أن يسمح لكل من يطلب من أفراد الشعب قاطبة أن يحضر وأن يتكلم، ملتزماً بآداب الحوار والأخلاق العامة والنظام العام.
وأقترح أن تعقد جلسات التوافق هذه إما فى قاعة الإمام محمد عبده أو فى قاعة جامعة القاهرة أو فى قصر المؤتمرات، وأن تذاع المناقشات والحوارات على الهواء مباشرة لكى يشارك الشعب كله فى متابعاتها.
وأتصور أن هذا الحوار قد يستمر بين شهرين أو ثلاثة.
وخلال هذه الفترة يمنع منعاً باتاً وبحسم شديد كل المظاهرات والاعتصامات وكل صور تعطيل الحياة والمؤسسات العامة، على أن يتوجه كل من أراد أن يعبر عن رأيه إلى مكان اجتماعات التوافق وتعطى له الكلمة.
وفى تلك الفترة يكون مجلس الشعب قد انعقد فى ٢٣يناير من العام القادم وتكون حكومة الإنقاذ قد بدأت عملها فى دعم الأمن ووقف التدهور الاقتصادى والبدء فى تحريك عجلة الإنتاج وعودة السياحة تدريجياً.
هذا اقتراح أضعه تحت نظر الجميع وأدعو إلى مناقشته والتعديل فيه والإضافة إليه فى سبيل الخروج بمصر من هذا الخطر الداهم الذى يوشك أن يعصف بالحاضر والمستقبل جميعاً.
رحم الله مصر وألهم أبناءها الرشد والصواب.
مصر تستحق منا جميعاً أفضل من هذا بكثير.
تعالوا جميعاً نتكاتف من أجل إنقاذ مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ