الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

النفط.. وقود صراعات الداخل وأطماع الخارج


النفط.. وقود صراعات الداخل وأطماع الخارج

على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تحقق مكاسب اقتصادية من دخولها العراق، فى ظل التكلفة الكبيرة التى كانت تتكبدها القوات الأمريكية يوميا، فإنه من المؤكد أن من أهم أهداف الغزو الأمريكى للعراق كان السيطرة على نفطه، ليس لبيعه، مثلما كان الكثيرون يعتقدون، ولكن للسيطرة على النفط العراقى من أجل التحكم فى درجة نمو القوى الدولية المختلفة، من خلال التحكم فى منابع النفط فى مختلف أنحاء العالم.
ويعتمد الاقتصاد العراقى اعتماداً شديداً على النفط، فاقتصاده نفطى فى المقام الأول، إلا أن النفط لا يشكل المورد الوحيد كباقى دول الخليج العربى، غير أن النفط أبقى العراقيين على قيد الحياة خلال مرحلة برنامج النفط مقابل الغذاء، وهو البرنامج الذى رعته الأم المتحدة من أجل إمداد العراق بالغذاء مقابل بيعه لنفطه.
ويبلغ احتياطى النفط العراقى الثابت حوالى ١١٢ مليار برميل، وتجعل الاحتياطيات الثابتة والمحتملة (يقدر المحتمل فى العراق بحوالى ١٥٠ مليار برميل) العراق ثانى دول العالم بعد المملكة العربية السعودية، ويتوقع البعض أن يفوق الاحتياطى فى العراق نظيره فى دول الخليج بإكمال البحث والتنقيب فى الأراضى العراقية التى لم تلقَ مسحا جيولوجيا كاملا.
ويتركز الجزء الأعظم من الاحتياطى النفطى العراقى فى الجنوب أى فى محافظة البصرة حيث يوجد ١٥ حقلاً منها ١٠ حقول منتجة و٥ ما زالت تنتظر التطوير والإنتاج. وتحتوى هذه الحقول احتياطيا نفطياً يقدر بأكثر من ٦٥ مليار برميل، أى نسبة ٥٩% تقريبا من إجمالى الاحتياطى النفطى العراقى. ويشكل الاحتياطى النفطى لمحافظات البصرة وميسان وذى قار مجتمعة حوالى ٨٠ مليار برميل، أى نسبة ٧١% من مجموع الاحتياطى العراقى، أما بقية حقول النفط العراقى فتتواجد فى الشمال وبالقرب من الحدود الإيرانية.
ويجعل هذا منطقة الوسط محرومة من تواجد النفط، ويسكن هذه المنطقة غالبية من السنة، وهو ما يفجر صراعات نصفها دينى- عرقى، ونصفها نفطى، وعلى سبيل المثال فإن السنة يطالبون بضم مدينة الموصل إلى المنطقة السنية، فى الوقت الذى يعمل فيه الأكراد بشدة على ضم تلك المدينة، حيث نجحوا فى تغيير الطابع الديموجرافى للمدينة بشكل تدريجى ليصبح غالبية سكانها من الأكراد.
ويخشى السنة أن يفقدوا أى امتيازات مادية بسبب غياب منابع البترول عنهم وبالتالى افتقارهم لأداة ضغط فعالة من شأنها أن تجبر الشيعة والأكراد على الاتفاق معهم على تقسيم يعطى المناطق السنية حصة مناسبة فى الموازنة، خاصة مع الاقتراحات المتعددة المثارة الآن.
وأصبحت الأقاليم العراقية تتمتع باستقلال مالى بموجب الدستور العراقى، الذى وزع إيرادات النفط بين هذه الأقاليم والحكومة الاتحادية، كما وضع مشروع قانون النفط والغاز المبادئ الأساسية لاستثمار الحقول النفطية بمختلف أنواع الاتفاقات مع الشركات الأجنبية بما فيها عقود مشاركة الإنتاج، وهو ما سيوسع الفجوة الاقتصادية بين مختلف الأقاليم العراقية المختلفة.
هذا على الصعيد المحلى، أما دوليا فإن الولايات المتحدة ترغب فى أن تبقى على احتكارها للنفط العراقى، مع مشاركة فرنسية- بريطانية- روسية محدودة، وغالبا لن تجد الولايات المتحدة تحديا فى هيمنتها على النفط العراقى، خاصة فى ظل عقود المشاركة الطويلة المدى، التى أبرمتها الشركات الأمريكية، وأبرزها «هاليبرتون»، مع الحكومة العراقية، لاسيما مع اتجاه الصين للحصول على احتياجاتها من النفط من أفريقيا بدلا من الصراع مع الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط للحصول على النفط، غير أن هذا قد يتغير فى المستقبل مع تناقص احتياطات النفط أو مع استمرار توسع الآلة الإنتاجية الصينية، وهو ما قد يدفعها لمحاولة اقتحام الأسواق العراقية اقتصاديا، مثلما فعلت فى أنجولا وجنوب السودان على سبيل المثال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ