بقلم
د. شيرين القاضى
٢٥/ ١٢/ ٢٠١١
مرة
أخرى أكتب إليك عزيزى القارئ عن الفساد والإهدار والإخفاق بقطاع البترول
والغاز فى عهد النظام السابق، والتى مازالت بكل أسف مستمرة نتيجة حالة شلل
وعجز الإرادة السياسية عن انتشال وإنقاذ هذه الثروة المتوسطة الحجم مقارنة
بدول الخليج. أما عن البترول الخام ومشتقاته فنتيجة للطلب المتزايد حالياً وصلنا إلى مرحلة شراء كامل الإنتاج، بما فيها حصة الشريك الأجنبى من خام الزيت، علماً بأن تكلفتنا للبترول فى حدود ٢٤ دولاراً للبرميل فقط، ولكن طاقات التكرير المتاحة حالياً لاستخراج مشتقات بترولية مثل السولار والمازوت والجازولين والبنزين أقل كقدرة إنتاجية مما نحتاجه، بالإضافة إلى المصيبة الكبرى بأن مصانع تكرير البترول تعمل بتكنولوجيا قديمة منذ السبعينيات والثمانينيات مع بعض التعديلات، ولم يبال عهد مبارك بتشييد مصانع حديثة بتكنولوجيا متطورة، والنتيجة لذلك أننا نفقد حوالى ٣٠% أثناء مرحلة التكرير مما يتطلب منا استيراد كمية إضافية من المنتجات البترولية بحوالى ٤ مليارات دولار سنوياً. وكل هذا كان من أجل العمولات والفساد. اليوم وبعد الثورة وزير البترول الحالى «ابن كار» ورجل نزيه ويعلم جيداً ما يمكن إصلاحه وإعادة بنائه فى قطاعى البترول والغاز، ولكن تنقصه الإرادة السياسية والحنكة فى التفاوض الثورى والتدبير المالى. ما نحتاجه اليوم هو التفاوض الفورى بإلغاء جميع عقود التصدير بمفاوضات ثورية شبيهة بعزيمة وخبرات مفاوضى «طابا» لإحراج دول مثل فرنسا وإسبانيا وإسرائيل بأن ما تم إبرامه كان فى عهد بائد وفاسد وبالحُجة لأن مصر أولى بالغاز، خاصة أن تكلفته محلياً لا تتعدى دولاراً واحداً لكل مليون متر مكعب (وحدة القياس). أما بالنسبة لخام البترول فلابد أن نعمل على تشييد مصانع حديثة لتكرير المشتقات البترولية سواء باستثمارات قطاع عام أو قطاع خاص أو مشتركة حتى يتسنى لنا تلبية احتياجات السوق المحلية وتوفير الفاقد. كذلك يمكننا أن نستخدم الزيت الخام والغاز سوياً بإنشاء مجمع بتروكيماويات يلبى الاحتياج المحلى ويدرّ عوائد وفيرة من التصدير. كما علينا أن نبدأ فوراً بإمداد شبكات الغاز فى كل أنحاء الجمهورية لتوصيله لجميع المستحقين والمنتفعين بفوائده، ولقد أكد المتخصصون أن تكلفة توصيل الغاز ممكن تعويضها فى خلال ثلاث سنوات بحد أقصى. فليس هناك أى منطق أن نُصدر غازاً بأسعار متدنية فى حدود ٤ مليارات دولار ونستورد البديل بـ ١٢ مليار دولار. وأين الفائدة بأن نصدر البترول الخام بـ ٦ مليارات دولار ونستورد أيضاً مشتقات أخرى بـ ٤ مليارات دولار تفوق أسعار جميعها سعر زيت البترول الخام، فالمحصلة النهائية خسارة ٦ مليارات دولار سنوياً من هذا القطاع الحيوى. كنا نتقبل فى السابق أن يصفنا العالم بدولة متفشٍ بها الفساد. ولكن يصعب علينا الآن قبول أن يقال عنا دولة ساذجة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق