الجمعة، 30 ديسمبر 2011

إيضاح واستطلاع للرأى



  بقلم   د.حسن نافعة    ٣٠/ ١٢/ ٢٠١١
كنت قد أنهيت عمود الأربعاء الماضى بالعبارة التالية: «التبكير بموعد تسليم السلطة قبل كتابة الدستور الجديد لغم كبير يتعين تجنبه». ويبدو أنها استفزت القارئ عمرو نوارة فبادر بطرح السؤال التالى: لماذا؟ وما الهدف من وجود المجلس العسكرى فى السلطة أثناء إعداد الدستور؟. ولأنه سؤال يعكس حالة عامة من البلبلة بسبب عدم قدرة الكثيرين،
 بما فى ذلك شخصيات عامة يفترض أنها تتابع ما يجرى بدقة، على الإحاطة بتعقيدات اللحظة الراهنة، فربما تتيح محاولة الإجابة عليه فرصة لتوضيح واستطلاع الرأى فى بعض الأمور.
وجود المجلس العسكرى فى السلطة أثناء إعداد الدستور ليس مطلوبًا فى حد ذاته، وكلما أسرعنا بنقل السلطة منه إلى مؤسسات مدنية منتخبة كان ذلك أفضل بكثير، لكن إلى من تنقل السلطة وكيف؟ هذا هو السؤال الذى يتعين التوافق على إجابة صحيحة عليه. ولأن الهدف الأهم لا يقتصر على إزاحة المجلس العسكرى بأى وسيلة،
 وإنما التأسيس لنظام ديمقراطى يتسع للجميع، فقد يؤدى التعجيل بنقل السلطة بطريقة غير مدروسة إلى تعقيدات دستورية وسياسية ربما تكون أكثر خطورة من بقاء المجلس حتى الموعد الذى حدده بنفسه وهو ٣٠ يونيو المقبل.
 ولأننى لاحظت أن أقرب موعد مقترح لتسليم السلطة إلى رئيس جمهورية منتخب هو نهاية مارس أو أبريل المقبل، أى بفارق يتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر فقط عن الموعد المحدد لتسليم السلطة، أجد أن الأمر لا يستحق كل هذا العنت، خصوصا أن جميع هذه المقترحات تنطوى على عيب جوهرى وهو أن رئيس الجمهورية المنتخب سيمارس صلاحياته وفق الإعلان الدستورى القائم المستمد من دستور ٧١.
لقد حاولت فى كتابات سابقة لفت الأنظار إلى إمكانية إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية بطريقة تسمح باستكمال بناء مؤسسات النظام الديمقراطى بكل مكوناتها: من برلمان ودستور ورئيس جمهورية منتخب، إذا توافقت القوى السياسية الرئيسية على الصيغة التالية: ١- إلغاء أو تأجيل انتخابات مجلس الشورى.
٢- منح مجلس الشعب وحده حق اختيار الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور الجديد، مع اختزال المهلة الزمنية الممنوحة له للانتهاء من تشكيل الجمعية لتصبح أسبوعين بدلا من ستة أشهر.
 ٣- اختزال المهلة الزمنية الممنوحة للجمعية للانتهاء من كتابة الدستور الجديد لتصبح شهرين بدلا من ستة. ٤- إصدار قانون تنظيم رئاسة الجمهورية بعد أسبوع واحد من الاستفتاء على الدستور ٥- بدء إجراءات الترشح لانتخابات الرئاسة والانتهاء منها وتسليم السلطة قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٢.
ولأن هذه الصيغة لا تنطوى على أى افتئات لسلطة أى من المؤسسات القائمة، فإننى لا أرى سببا يمكن أن يحول دون توافق جميع القوى السياسية عليها. وفى تقديرى أن لهذه الصيغة التوافقية فرصة حقيقية للحصول على تأييد القوى السياسية الرئيسية التى فازت حتى الآن بأكثر من ٩٠% من مقاعد مجلس الشعب،
 وأعنى بذلك أحزاب الحرية والعدالة والنور والكتلة والوسط والوفد. فإذا ما تم إقرار هذه الصيغة، أو أى صيغة توافقية أخرى،
 يمكن للمجلس الاستشارى فى هذه الحالة أن يطرح على المجلس العسكرى مشروعاً لتعديل الإعلان الدستورى بما ينسجم معها ويحولها إلى قواعد ولوائح قابلة للتطبيق. ولا أظن أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيمانع أو سيعترض،
 خصوصا أنه سبق له التأكيد على استعداده لإدخال أى تعديلات على الإعلان الدستورى تجمع عليها القوى السياسية.
الكرة الآن فى ملعب القوى السياسية، والفارس الحقيقى لهذه المرحلة هو من يستطيع أن يساعد القوى السياسية للوصول إلى أى صيغة توافقية، لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.
 ولأننى لم أفقد الأمل بعد فى إمكانية قيام المجلس الاستشارى بدور رئيس فى هذا الصدد، أظن أن على الجميع واجباً أخلاقياً لمساعدته على النهوض بهذا الدور، بدلا من إحباطه.
لماذا لا نستطلع رأى القوى السياسية فى هذه الصيغة؟ وما رأى القراء فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ