سألت نفسى وأنا أزور مدينة الغردقة الساحرة، الصامدة ببنيتها الأساسية وأهلها فى وجه التراجع السياحى وهم يترقبون موسماً قادماً لا يعرفون له ملامح وسط تكرار الاضطرابات والتصريحات التى تصدر هنا وهناك، مرة للطمأنة من أغلبية مجلس الشعب الجديد، ومرات للرعب.
هل الثورة تعنى أن نموت؟!.. يسألنى البعض! والحقيقة أن الثورة تعنى أن نعيش، بل إن الثورة قامت لكى نعيش، ونعيش بشكل أفضل.. لكن الموت والحياة كليهما إرادة واختيار.
وبينما نحن نودع عاماً حافلاً حاشداً أسقط نظاماً ولا يستطيع حتى اللحظة أن يقيم أعمدة نظام جديد، علينا أن نسأل أنفسنا: هل نختار الحياة أم الموت؟!..
هل سنستمر نلطم على وجوهنا، ونحصى الشهداء، نشجب الماضى ونلعن الفساد وننتظر التطهير الكامل، أم أننا سنقرر أن نبدأ ونعمل ونفكر فى مخارج وحلول، وأحياناً أفكار تقليدية وغير تقليدية لإنقاذ الوطن والثورة معاً؟!
الثورة لا تعنى الموت، بل تعنى الحياة.. والحياة مسؤوليتنا جميعاً، ليس فقط مسؤولية الحكومة أو مجلس الشعب أو المجلس العسكرى.. لماذا ننتظرهم أن يعيدوا لنا الحياة؟! الحياة مسؤوليتنا جميعاً.
مسؤولية الغرف النوعية أن تبدأ فى طرح الحلول فى السياحة والصناعة والتجارة والأعمال.. مسؤولية المصارف الوطنية أن تأخذ بعض المخاطرة وتخرج من حالة الكمون والتخوف وتمول مشروعات متوسطة وصغيرة.. مسؤولية المجتمع الأهلى أن يفكر فى سبل غير تقليدية لرعاية محدودى الدخل، ليس بتوزيع تبرعات، بعضها فى حقيقتها رشاوى تدفع لحصد الأصوات لاحقاً كما حدث، ولكن بتعليمهم حرفاً وأعمالاً، والدفع لإيواء أطفال الشوارع واستغلال طاقاتهم إما فى أعمال صغيرة أو فى رياضات تخلق منهم أناساً صالحين.. الحياة مسؤولية الأدباء.. فالثورة يجب أن تخلق أدباً مختلفاً، يبث الأمل والحب والانتماء والتحدى، ولا ينشر الإحباط والتهاون والسكون.. الثورات ملهمة الشعوب والفنون والآداب وليست محبطة لها.. فكيف كانت أغنيات أم كلثوم وإبداعات عبدالحليم تلهم شعباً بأكمله الصمود فى أصعب الأوقات؟!
الثورة تعنى أن نعيش.. أن نبدأ من جديد.. لا ننتظر أحداً أن يقدم لنا الحياة.. صحيح نحتاج إلى الأمن، نحتاج القصاص والعدل والشرعية وآلاف الأشياء.. لكن ونحن فى انتظار ذلك لا يعنى أبدا أن نموت.. الموت والحياة اختيار.. علينا أن نتوقف عن بناء الأهرامات والمقابر.. ونبدأ فى شق الطرق وتشييد البيوت.. لتكن الحياة اختيارنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق