الأحد، 25 ديسمبر 2011

لماذا؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بقلم نادين البدير

انظروا حولكم. دققوا فى جميع الوجوه. وأحصوا عدد من تحبون وتكرهون. وعدد من تشعرون تجاههم بالحياد.
ستفضلون الإجابة التى تنشرها الصحف والفضائيات وتعلنها المنابر: كلنا شعب واحد، الإجابة العربية غير صحيحة. فنحن على أعتاب حروب أهلية طاحنة ستأكل الأخضر واليابس، ومن يقول العكس ربما متفائل جدا أو من هواة تبسيط المشاكل لدرجة نسيانها وتفاقمها، متخصص فى طمأنة نفسه والناس بأن الدنيا لسه بخير. والدنيا ليست بخير، قريباً، سيتحقق الحلم القومى وستمحى الحدود العربية ولن يكون فرح الوحدة هو السبب، بل لأن المجازر اتسعت وتوسعت، وما عاد للقتل هوية أو جواز سفر يوقفه عند نقاط العبور التى قتل جميع مفتشيها وتحولت لمدافن كتب عليها: «هنا يرقد القانون».
منذ سنين نلقى النذور. منذ سنين نعد الله بالخروج للنهضة والوحدة إن هو أباد الأنظمة وأخرجها من ديارنا. بالنسبة لنا، كان شر الحكومات حصناً رائعاً نختبئ خلفه لتبرير شرورنا. حتى بعد السقوط، مازلنا نبرر.
بعد تساقطها، وجهت للأنظمة اتهامات تفيد بأنها زرعت الكراهية بيننا وأنها خلقت أو رممت أو أعادت ترميم مخلوق لم نكن نتداوله (لفظياً) اسمه فتنة:
- لم نزرعها
- بل خططتم على فرقتنا بكل دياناتنا ومذاهبنا وطوائفنا
- الفرقة موجودة منذ مات النبى
- وهل هذا يقى تهمة إشعالها من جديد؟
- الفتنة موجودة ونارها لم تنطفئ - الاستعانة بها لم تكن تتطلب أمرا عصيا
- كنا متسامحين حتى مع اليهود الذين عاشوا بيننا
- الفتنة موجودة وكان عملى يتطلب أن أبقيها متخفية – خلفت إرثاً دامياً - الفتنة كانت موجودة. أنتم توحدتم ضدى وعدتم لتفترقوا بعدى. لعلكم لم تثوروا لأنى مارست القمع، بل لأنكم لم تمارسوه معى.
الطواغيت يتساقطون. ويخرج الوحوش..
انتهى نظام صدام حسين. العراق مدمر. صدام كان يقتل والأمريكى كان يقتل، لكن العراقيين اقتتلوا بشراهة تجاوزت الأمريكان وعهد صدام، وما زالوا يذبحون بعضهم. ولا أحد يعلم كيف سيكون العراق بعد أن خرج الأمريكى الأخير.
«لبنان».. أكله أبناؤه وانتهى لبنان. «مصر».. الرؤى غير واضحة، معتمة، ضعف الرؤية مخيف. «اليمن».. حكايات عن التقسيم، يرفض كثيرون تصديقها. «السعودية».. كراهية لا تتمنى الموت للآخر، بل التشويه والألم، كل الحقد الطائفى والمناطقى والقبائلى. و«السودان».. انقسم السودان ولم يبك العرب، لم يصرخ العرب.
هذا الوضع المرعب يتم التغاضى عنه، لأنهم منشغلون بخلق جديد. كأن عداواتنا الداخلية لا تكفى. ويخرج الزعماء أخيراً من صومعتهم ليوجهوا الاتهام: إنها إيران.
فقط آمل أن يكون ظنهم فى محله هذه المرة، وألا تكون إيران كالعدو الشيوعى القديم الذى دخلنا لأجله ساحات أفغانستان واكتشفنا بعدها أننا بوهم شيطانى كبير.
وبمناسبة أفغانستان، فقد تحولت لحرب أهلية طاحنة بعد خروج المستعمر السوفيتى، فأمراء الحرب اختلفوا على التركة، وكل صار يريد السلطة. أحياناً يثير هذا الأمر تساؤلاً: هل كان الورثة مؤمنين بالثورة والحرب فعلاً؟
متى ستلتفت الحكومات الخليجية لعلاج مشاعر الداخل؟ ومتى سيلتفت أبناء الثورات ونلتفت جميعنا للانقلاب على أخطاء الذات؟
هذا الشقاء المرعب يتم التغاضى عنه من نجوم الفكر المنشغلين بنقاشات وتحديات.. كل يريد إثبات أن الآخر علمانى كافر أو إسلامى إرهابى. القادمون من المعتقلات يبحثون بدورهم عن كراسى حكم. المكان أصبح متاحا للجميع. الخارجون من توابيت أهل الكهف، غريبو الأطوار، يعدون بإرجاع مجد الخلافة الإسلامية وعهد الفتوحات الكبير. السيطرة على حارة عربية أمر مستحيل، وهؤلاء يحلمون بإعادة فتح أوروبا.
أتمنى ألا تجرى بدول الثورات مقارنات كالتى نسمعها عن عراق ما قبل سقوط البعث وما بعده.. أتمنى ألا نقول إن نجاح ثورة تونس إشارة إلى أن تصديرها لم يكن التوقيت المناسب.
وأتمنى ألا يمارس الفرد العربى شرورا ليثبت تفوقه. وجبروت الأنظمة لن يكون أقسى من جبروت أنفسنا.. أقله أن مباحثها كانت تصطاد المواطن سراً وتسحقه وتجلده خلسة فتحفظ كرامته عن غير قصد، لكن الحرب الأهلية شىء آخر.. مريع، شرس، وحشى، وعلى أسفلت الطريق العام، ونحن على أعتاب حرب أهلية، قولوا لى إنى أحلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ