السبت، 31 ديسمبر 2011

القضاء يحكم والشعب يقرر



  بقلم   على السيد  
يقينا أتمنى أن يعدم كل أركان النظام السابق، ليس لأنهم نهبوا وسرقوا وقتلوا، ولكن لأنهم خربوا هذا البلد وسرقوا مستقبله، وظنوا أنهم مخلدون فعملوا على قتل الشعب سياسياً واجتماعياً. أتمنى أن يعدموا لأنهم شوهوا العقول وقضوا على النخبة بتحويلها إلى نخبة مريضة، ولأنهم قتلوا الوعى وسطحوا العقول، فلجأ الناس إلى الدجالين والأفاقين الذين رباهم، النظام السابق، فى حضانات الدولة إلى حين يفيق الشعب، فيكتشف أنه تخلص من مجرمين، ليقع فى براثن قتلة اختارهم بمحض إرادته، ومع ذلك لو صدرت أحكام قضائية تصل إلى البراءة فلن أعترض ترسيخاً لمبدأ احترام أحكام القضاء، لكنى سأحزن، وسأبقى ككل المصريين حانقاً وغاضباً على هؤلاء الذين لن يستطيعوا أن يعيشوا حياتهم مرة أخرى حتى لو خرجوا من السجون، وهذا هو قرار الشعب.
أتمنى أن يعدم كل من أطلق رصاصة فى صدر شاب مهما كانت المبررات والأسباب، فمن يحمل سكيناً ليس كمن يحمل بندقية، ومن يمسك حجراً ليس كمن يطلق الرصاص من مسدسه، أتمنى والتمنى شىء أقرب إلى الحلم بينما حكم المحكمة شىء آخر أقرب للواقع. القاضى يحكم بناء على ما معه من وقائع وأدلة ومعلومات، ثم ينظر إلى القانون. القاضى يحكم بعيداً عن تأثير الرأى العام، أو هكذا يجب أن يكون، لأنه يقدم حيثيات حكمه بعد إصدار الحكم، ومن حق أصحاب الحق أن يعترضوا على الحكم.
الاعتراض على الحكم القضائى حق أصيل، لكن ينبغى أن يكون، بطريقة قانونية، أى باللجوء إلى الدرجات القضائية الأعلى. الحكم القضائى لن يرضى كل الناس، فمن المؤكد أن هناك طرفاً متضرراً يعتبر الحكم معيباً، وهناك طرف مستفيد من يعتبره قمة النزاهة واستخدام صائب للقانون وعودة الحق لأصحابه، نعلم أن القاضى بشر يصيب ويخطئ، ولا يصحح هذا الخطأ سوى قاض أعلى، وليس أمامنا وسيلة أخرى وإلا سيتحول الاعتراض إلى فوضى، وبالتالى يحق لكل من صدر ضده حكم أن يتهم القاضى ويسبه ويتظاهر ويعتصم، وكل هذه طرق تقوض العدالة وتخيف القضاة، وتعطى انطباعا بأننا لا نحترم الأحكام.لذلك لم يكن اللائق أن يكون اعتراضنا على حكم البراءة لضباط السيدة زينب بالتظاهر وسب القاضى واتهامه عبر الفضائيات.
ولا تنسوا أن هناك قاضياً برأ ممدوح إسماعيل فى جريمة قتل أكثر من ألف مصرى غرقاً فى عرض البحر الأحمر، ثم جاء قاض آخر وحكم عليه بالسجن سبع سنوات، وقبل أن يصدر أى حكم كان الرجل قد خرج سالما بمعرفة من سكنوا طرة نيابة عنه وعن كل من أجرم معهم فى حق هذا البلد، هناك ألاعيب قانونية وحيل يستخدمها المحامون، لكن وكما نعرف فالمعارضة والاستئناف والطعن درجات تقاضى، اللجوء إليها يعتبر اعتراضا على الحكم القضائى. ويحق للقانونيين مناقشة الحكم والكشف عن عيوبه علانية فى الصحف وعبر الفضائيات دون الطعن فى ذمة القاضى الذى أصدر الحكم، أو التفتيش فى ضميره.
إذ انتهى عصر عدم التعليق «القانونى» على الأحكام، خصوصاً أنه لا يوجد نص يمنع ذلك، لكن أيضا ينبغى أن تنتهى طريقة الاعتراض على هيئة المحكمة أو التشكيك فى قضاتها. علينا أن ندعم قيم العدل، ونرسخ لاحترام الأحكام حتى لو اعتقدنا أنها خاطئة حتى لا تسود الفوضى، فقمة الظلم أن يتحول المتقاضون إلى قضاة، نعرف أن القضاة يحكمون بالقانون وربما يخطئون، لكن ليس من حق أحد أن يحكم نيابة عن القضاة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ