السبت، 31 ديسمبر 2011

متاهات ٢٠١١



٣١/ ١٢/ ٢٠١١
لو لم يكن عام ٢٠١١ عام الثورة، لكان عام المتاهات باقتدار، متاهات قانونية بالأساس، إعلامية فى كثير من الأحيان، متاهات تجعل المواطن البسيط والمثقف، وربما العالم المطلع الخبير فى الشؤون السياسية والاستراتيجية وغيرها من الشؤون التى اكتشفت أهميتها حديثاً، فى حيرة من أمره، لا يدرى ماذا يفعل أو لأى فريق ينضم، ليس الحياد دائماً البديل المتاح، فالاستفتاء على تعديل الدستور كان بمثابة تقرير مصير، أحسسنا جميعاً فى ذلك الوقت، بضرورة المشاركة فيه، فما من عاقل يرضى بأن ينفرد الإسلاميون بالحكم، بعد أن كانت لهم اليد الطولى فى تعديل الدستور، أو أن يتولى أمرنا علمانى - معاذ الله - يطيح بالمادة الثانية من الدستور، كلنا كان أحد الرجلين، وجميعاً لم ندر، أى المعسكرين انتصر فى معركة الصناديق، فلا الدستور عدل كما أراد فريق (نعم)، ولا وضع دستور جديد كما كان يطمح المصوتون بـ(لا).
ما نعلمه جميعاً أن الانتخابات أصبحت أولاً، وأنها قد صارت طقساً، يدعى كثيرون كونه دينياً، ويكاد أن يكون هناك إجماع على ارتباطه بحب الوطن، إن لم يكن هو حب الوطن ذاته، والسبيل الوحيد إلى نصرته ورفعة شأنه، اختزلت الديمقراطية بمفهومها الواسع فى الانتخابات، التى ما هى إلا آلية للاختيار، توجهت الجماهير الغفيرة - التى أخذت أعدادها تتناقص بعد ذلك - إلى لجان الانتخاب لتواجه المتاهة الكبرى، فلا أحد يعلم من كل هؤلاء المرشحين على المقاعد الفردية، ولا ماهية هذه الأحزاب السياسية الجديدة، ومن ثم كان النصيب الأوفر للقوى المحافظة المتجذرة فى المجتمع، دينية وعشائرية وعلمانية.
قبل هذه المتاهة، التى ندعو الله أن يعين عليها إخواننا بالمحافظات التى لم تجر بها الانتخابات بعد، كانت هناك متاهة أخرى أضيق نطاقاً، وإن لم تخل من حدة، تلك هى متاهة النظام الانتخابى، التى تابعتها الجماهير على شاشات التلفاز لفترة حتى سئمت من تعقيداتها فتركتها للنخبة، الأكثر علماً ودراية، والتى يتنصل الكثير من وجوهها الآن من النظام الانتخابى المختلط المطبق حالياً، فلم يأت بشباب الثورة، أو يضمن تمثيلاً جيداً متوازناً لمختلف القوى والتوجهات داخل البرلمان.
الإصرار على بقاء مجلس الشورى، رغم ما لذلك من أثر على تأجيل البدء فى وضع الدستور، إصدار قانون العزل أو الإفساد السياسى بعد فتح باب الترشيح للانتخابات، بقاء كثير من قيادات النظام السابق فى مواقعها، الانتظار الطويل من أجل تطبيق الحد الأعلى للأجور، رغم ما تمر به البلاد من ضائقة مالية..
متاهات وعلامات لعام ٢٠١١، يتضاءل كل ذلك بالطبع أمام متاهة الدستور، الذى ربما يكون الأول - على مستوى العالم - الذى يختار برلمان جمعيته التأسيسية، دستور سيمر عام على بدء الثورة قبل عقد أول اجتماع لوضعه، وبرلمان سيكون له دور محورى فى وضع الدستور، رغم كونه هو ذاته سيمارس «اختصاصاته»، ربما لدور تشريعى كامل دون دستور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ