الأحد، 25 ديسمبر 2011

اعرف الحق تعرف أهله ..

الحق يقابله الباطل .. ان لم يكن هناك من يمثّل الحق ولم يكن هناك من يمثّل الباطل فمن يتصدى ؟

هذه الدنيا وهذا حالها , لكن المفارقة العجيبة والغريبة أنك تجد الجميع يدعّون الحق وينكرون الباطل .. منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الخلق , ومنذ أن أخذ ميثاق الناس من ظهور آبائهم بالولاية , تجد ان الحق والباطل لا يجتمعان أبدا كونهما نقيضان والعقل أصدر قراره المعروف باستحالة اجتماع النقيضين ..


هذا يضعنا أمام تساؤل , وهو ان كان الجميع يدعّون الحق وينكرون الباطل كيف يقعون بالباطل ؟ أعتقد بأن ابتعاد الانسان عن ميثاقه العظيم مع رب العالمين بالولاية هو من أوقعه بالباطل , فمن رفض الولاية وقع بالباطل , ومن قبلها كان وما زال على الحق .. والولاية هي ولاية أهل البيت عليهم السلام , لكن قد يقول قائل , ان كثيرا من منكري الولاية التزموا الحق وأنكروا الباطل نقول ان الحق الذي نريده ليس الميزان الظاهري أمام الناس وان كان جيدا , بل الحق المراد هو أنك على العقيدة الحقة , هذا يرجعنا الى الصراع الدائم بين الخير والشر , وهو لا يختلف عما ذكرنا من حق وباطل .. فالقياس قائم كونهما نقيضان , فجميع الناس يحبون الخير ويكرهون الشر .. فلم وقعوا بالشر دون الخير ؟


ان من أوقعهم بالشر دون الخير هو عدم ايمانهم بالولاية , كذلك نقصد بالخير هو العقيدة الحق , فذلك هو الخير كلّه .. ربما يقول قائل عرف لنا كيف أن منشأ الحق والخير عقديا الولاية ؟


نقول ان الله سبحانه وتعالى جعل لجميع الناس عقل وعاطفة , فالحق والخير نعرفهما بالعقل لا بالعاطفة , والباطل والشر نقع فيهما بالعاطفة لا بالعقل .. فهكذا الصراع قائما بين العقل والعاطفة الى لحظة انفصال الروح عن الجسد .. وممكن أن يتغلب الانسان على هذا الصراع بترويض العاطفة وجعلها منقادة الى العقل .. فالعقل يوجه ويقود العاطفة الى حيث هو يريد لا الى حيث هي تريد .. ولا تجد العقل بأيّ حال من الأحوال ينكر من هم أهل البيت عليهم السلام وولايتهم وسلطتهم وحكمهم , فالمشكلة هي تغليب الناس لعاطفتهم على عقولهم , واستمرار هذا النهج في الأمة جميعا , وهذا منشأ الانقياد للباطل , فيقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام الناس اما عالم رباني أو متعلم على سبيل نجاة أو همج رعاع ..


فالعالم الرباني وصل الى الكمالات العقليّة والسمو على العاطفة , والهمج الرعاع هم من غلبّوا عاطفتهم على عقولهم , والمتعلم على سبيل نجاة فهو بين هذه وتلك , فيقع مرّة ويرتفع مرّة حتى يتعلّم ويسمو .. ممكن أن يرد اشكال يقول كيف أن العقل يوصل الى الحق والخير والعقول متفاوتة ؟


فيجيب الامام علي بن أبي طالب عليهما السلام بقوله : كفاك من عقلك ما بيّن لك سبل غيك من رشدك .. فحتى هذا المقدار القليل من العقل تستطيع أن تعرف به سبل الغي و الرشاد , وتستطيع أن تعرف به سبل الحق و الباطل وسبل الخير والشر .. فان اخترت الغي والباطل والشر فتلك عيشة ضنكى , وان اخترت الرشاد والحق والخير فتلك النعمة الكبرى ..


ان الله سبحانه وتعالى بلطفه وكرمه أرسل للبشريّة معصومين هادين مهديين , يتجلى في شخوصهم الحق والخير والرشاد , فان عرفتهم فنعم الدار العقبى وان لم تعرفهم فتلك المصيبة العظمى .. ويقول الامام علي بن أبي طالب عليهما السلام : اعرف الحق تعرف أهله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ