الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

نحو خارطة طريق آمنة للوطن

د.على السلمى يكتب:

٢٧/ ١٢/ ٢٠١١
تبدو صورة الوطن شديدة القتامة وتسود حالة من الحزن العام جراء أحداث العنف المتصاعدة والتى تهدد بانهيار الدولة ومؤسساتها وضياع فرص تحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير وإهدار دماء الشهداء والمصابين التى أريقت من أجل التخلص من النظام البائد وبدء عصر الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
لقد روِّع المصريون بسلسلة من الأحداث الجسام تمثلت فى محاولات إثارة الفتنة الطائفية فى حادثة الماريناب واعتصامات ماسبيرو ثم موقعة شارع محمد محمود، وكان آخرها ما يجرى منذ فجر الجمعة الماضى وحتى كتابة هذه السطور فى شوارع مجلس الوزراء وقصر العينى والشيخ ريحان الذى قتل خلالها أكثر من عشرين مصرياً وأصيب المئات.
وقد أسفرت تلك الحوادث الدامية عن حدوث شرخ عميق بين الشعب والجيش وساءت الصورة الذهنية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بين المواطنين الذين باتوا يحملونه كل المسؤولية عن استخدام القوة المفرطة فى فض الاعتصامات بإطلاق الرصاص على المعتصمين.
فى الوقت ذاته فقد شهدت البلاد حالة غير مسبوقة من التردد فى حسم كثير من المشكلات التى تفجرت كمطالب لفئات كثيرة من المواطنين طالت معاناتهم طوال سنوات حكم الرئيس السابق، وكانوا يتوقعون حل مشكلاتهم بعد الثورة، فضلاً عن أن عناصر النظام السابق ما زالت قائمة لم يلحقها التغيير الثورى كما كان يتمناه ثوار ٢٥ يناير!
ولا شك عندى أن المسؤولية عن هذا المصير المفجع لما آلت إليه أحوال المصريين، بعد النشوة القصيرة بإسقاطهم الرئيس المخلوع، تعود إلى الخطأ التاريخى الذى حدث باختيار الطريق الذى حدده الرئيس السابق بإجراء بعض تعديلات محددة فى المواد أرقام ٧٦، ٧٧، ٨٨، ٩٣، ١٧٩، ١٨٩، و٩٣ من دستور ١٩٧١ وما تبعها من استفتاء الشعب على تلك التعديلات التى حددت خارطة طريق خاطئة بإجراء الانتخابات التشريعية قبل وضع دستور جديد للبلاد.
وقد أدى هذا إلى اندلاع الفتنة حيث انقسم الوطن إلى فصيلين أحدهما يدعو إلى التمسك بنتيجة الاستفتاء ويصر على أن تتم الانتخابات فى موعدها الذى حدده الإعلان الدستورى الصادر فى أعقاب الاستفتاء، وفصائل أخرى كانت تنادى بأن الأمر واللازم والطبيعى والمنطقى أن يوضع دستور جديد للبلاد يعبر عن أهداف الثورة ويحدد نظام الحكم الجديد.
واليوم ونحن على مشارف العيد الأول للثورة، نجد المشهد السياسى فى الوطن يموج بصراعات ونزاعات تعود إلى أصل النزاع السابق حول أيهما أسبق الدستور أو الانتخابات التشريعية بالإضافة إلى الشروخ فى البنية الوطنية نتيجة إنكار بعض الأحزاب السياسية ضرورة وضع معايير مسبقة لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية التى ستكلف بوضع الدستور الجديد للبلاد، فضلاً عنما تحدثه الانتخابات عادة من خلافات بين مؤيدى المرشحين المختلفين.
والأمر البادى لغالبية المواطنين هو إدراك عدم كفاءة أسلوب المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إدارة شؤون البلاد مما حدا بكثير منهم إلى مطالبة المجلس بالتخلى عن السلطة. وللخروج من هذا المأزق الذى يهدد بانهيار الوطن وتدمير مقوماته نجد أنفسنا فى حاجة إلى التوافق على خارطة طريق جديدة وآمنة تكفل التعامل مع حالة الانفلات العام وتعيد الوطن إلى المسار الذى يضمن تحقيق أهداف الثورة فى التحول الديمقراطى. وتتركز عناصر خارطة الطريق المقترحة فى:
■ التعجيل بإنهاء المرحلة الثالثة والأخيرة من انتخابات مجلس الشعب فى موعد لا يجاوز الخامس عشر من شهر يناير القادم ٢٠١٢. بينما تؤجل انتخاب مجلس الشورى انتظارا لتبين وضعه فى الدستور الجديد فإذا نص على وجود مجلس للشورى يتم إجراء الانتخابات بعد الاستفتاء عليه.
■ تشكيل حكومة وحدة وطنية فور تكوين مجلس الشعب الجديد من شخصيات تحظى برضا المواطنين وتحوز ثقة مجلس الشعب، على أن تخول لها جميع الصلاحيات الدستورية والآليات التنفيذية بما يمكنها من ضبط الأمن ومعالجة التدهور فى الأوضاع الاقتصادية، وتسلم إدارة شؤون البلاد.
■ يصدر مجلس الشعب قانوناً لتنظيم سلطات الدولة- على نسق النظام التونسى- يتضمن تنظيما مؤقتا للمقومات الأساسية لنظام الحكم وتوزيع السلطة إلى حين وضع دستور جديد ودخوله حيز التنفيذ ومباشرة المؤسسات المنبثقة عنه لمهامها متضمناً قواعد وشروط اختيار أعضاء جمعية تأسيسية تكلف بوضع الدستور الجديد واستفتاء الشعب عليه فى مدى لا يتجاوز شهرين من تاريخ إصدار قانون التنظيم المؤقت لسلطات الدولة.
■ انتخاب رئيس الجمهورية الجديد وفق الشروط والإجراءات التى ينص عليها قانون التنظيم المؤقت لسلطات الدولة فور صدوره، وبذلك تنتهى مسؤولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن إدارة شئون البلاد ويكون قد أنجز وعده بتسليم الحكم لسلطة منتخبة ديمقراطيا.
حمى الله مصر وثوارها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ