الثلاثاء، 24 يناير 2012

من السجون إلى البرلمان بقلم محمد أمين ٢٤/ ١/ ٢٠١٢


لأول مرة فى حياتنا، ننشغل بجلسة الإجراءات، عند افتتاح البرلمان.. ولأول مرة نتابعها على الهواء، وننظر فى عيون النواب وتصرفاتهم.. ولأول مرة أيضا، نهتم بأداء النواب اليمين الدستورية.. السبب أننا لم نكن نصدق من حلفوا قبلهم.. فلا كانت يمين الرئيس صادقة.. ولا يمين الوزراء صادقة، ولا حتى يمين النواب.. كلهم خانوا القسم وأغرقوا مصر.. وسرقووووها!
فى هذه المرة حاولنا أن نقرأ الوجوه.. هل يصدقون؟.. هل يبيعون البلاد؟.. هل يستغلون الحصانة؟.. هل يتذكرون الثورة؟.. هل يتذكرون الشهداء؟.. هل سمعوا بخبر الشاب، الذى ألقى بنفسه من فوق برج القاهرة؟.. هل لديهم حلول لمشكلات البطالة؟.. صحيح بعضهم لم يمارس البرلمان، ولا مارس السياسة.. لكن أتعشم أن يمارسوا الطهارة، وأن يمارسوا حب الوطن!
لا أنكر أن عدداً غير قليل من النواب الجدد، لم ينس ميدان التحرير.. فمن المؤكد أن بعضهم عبر منه إلى البرلمان.. إن لم يكن معظمهم.. أغلبهم يدخل البرلمان، لأول مرة فى حياته.. نائباً أو زائراً.. كثير منهم طالب بتغيير القسم، ليتضمن الولاء لأهداف الثورة.. وبعضهم كان يريد أن يقول، فيما لا يخالف شرع الله.. يجتهدون.. ويحاولون أن يبدأوا صفحة جديدة!
لا أريد أن أطفئ الفرح.. نحن نتعلق بقشاية فعلاً.. مين يعرف؟.. ربنا قادر على كل شىء.. لكن كانت جلسة الإجراءات مختلفة فقط، من حيث الروح ومن حيث الشكل.. لم تختلف من حيث الموضوع.. دخلوا متوافقين على كل شىء.. فلا قيمة للانتخابات ولا قيمة للصناديق.. لم يختلفوا عن برلمان سرور وعز.. البرلمان توافقى، لا مكان فيه للثوار.. لا نواباً ولا شهوداً!
برلمان لا مفاجآت فيه.. رئيس المجلس والوكيلان معروفون مقدماً.. ورؤساء اللجان النوعية.. التشريعية والخطة والموازنة والخارجية والعربية.. لا مفاجآت.. والمعنى أن هناك سيطرة كاملة على حركة البرلمان.. هناك استفادة من الأغلبية الموجودة.. لكن لا دروس مستفادة.. تذكروا التحرير على باب البرلمان، ونسوه تحت القبة الشهيرة.. إلا من رحم ربك من النواب المستجدين!
أعفانى النائب كمال أبوعيطة من البحث عن تشبيه.. وأعفانى من تقديم المثال.. فقد قال «أبوعيطة»: إن البرلمان هو التطور الطبيعى لميدان التحرير، وأضاف «لولا دماء الشهداء، ما دخل شخص مثلى البرلمان، ولو استمر النظام السابق كان المكان الوحيد، الذى سأدخله هو السجن.. بسبب اعتراضاتى على سياسات نظام المخلوع».. فليت نواب البرلمان يتذكرون!
لولا الثورة ما دخل البرلمان معظم هؤلاء.. لا نواباً ولا زائرين.. المكان الطبيعى لهم كان السجن.. ومعظمهم عرف الطريق إلى السجون قبل الثورة.. وهم الآن يخرجون من السجون إلى البرلمان.. الفضل لله.. للتحرير.. للثورة.. فينبغى ألا ينسى أحد.. وينبغى ألا تلهينا تورتة البرلمان، عن استكمال مشوار الثورة.. وربما يكون غداً يوماً جديداً من أيام «مصر الجديدة»!
من حقنا أن نفرح بانتخاباتنا، مهما كانت النتائج.. ومن حقنا أن نفرح ببرلماننا.. ومن حقنا أن نسير فى طريق بناء مصر الجديدة.. كل هذا جميل.. لكن لابد من استيعاب الدرس.. درس الثورة ودرس التحرير.. فضلاً عن درس آخر، وهو أن هناك من خرج من السجون إلى البرلمان، وهناك من خرج من البرلمان إلى السجون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ