الاثنين، 16 يناير 2012

فى سبيل الله قمنا نبتغى رفع اللواء بقلم حمدى رزق ١٦/ ١/ ٢٠١٢


«لا أعتقد أنه سيأتى رئيس قادم لمصر وعليه فيتو أمريكى ولا حتى اعتراض إسرائيلى».. أعلاه هو نص ما قاله الدكتور مصطفى الفقى فى حوار لـ«المصرى اليوم» فى ١٢ يناير ٢٠١٠ وقلب الدنيا رأساً على عقب، وبمهارة اصطاد الثعلب العجوز محمد حسنين هيكل هذه الجملة اللافتة، وسددها بمهارة فى أقصى نقطة من مرمى الرئاسة المصرية الخالى من حارسه آنذاك (مبارك)، ليثبت ما يعلمه – هو - علم اليقين ولكن على ذمة «الفقى». هاجت الدنيا وماجت، وعاش «الفقى» ليالى سوداء، كان يُحدث نفسه بصوت مسموع مُحَسْبناً على «هيكل»، اكتفى «هيكل» بالشطرة الأولى، ولم يكمل مصمصة الحوار، ويسأل الزميل محمود مسلم: يعنى أن أمريكا وإسرائيل ستشاركان فى اختيار الرئيس؟ ويرد «الفقى»: لن يشاركوا، ولكن سيفتحون الأبواب أو يغلقونها، وأعتقد أن الترحيب بالسيد جمال مبارك لديهم أكثر من غيرهم لسبب بسيط أنهم يرون أن الذى تعرفه خير من الذى لا تعرفه.
وقتها كان (جيمى) هو من تعرفه أمريكا، ولكن «جيمى» الآن فى طرة، أمريكا تلعب بالورقة التى تظن أنها رابحة، سقطت ورقة صفراء، ما زالت الأوراق خضراء تترى فى يد اللاعب الأمريكى، فها هى واشنطن تعرف «البرادعى» جيداً، حفظته أفكاره عن ظهر قلب عندما كان فى رئاسة وكالة الطاقة الذرية (لكنه انسحب من السباق الرئاسى مبكراً)، وتعرف عمرو موسى جيداً وأدركت مراميه عندما كان فى الخارجية والجامعة العربية، وهناك مرشحون آخرون تود التعرف عليهم، واختبار نواياهم تجاه ربيبتها (إسرائيل) انظر أعلاه (نص عبارة الفقى).
لم تخرج زيارة الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر عن هذا الهدف المحدد سلفاً، لا يكفى واشنطن للاطمئنان جهود السفيرة الأمريكية فى القاهرة آن باترسون لاستنطاق المرشحين المحتملين، ولا يكفى سيل التصريحات والحوارات الصحفية والفضائية والإذاعية التى يشنف بها المرشحون الآذان المصرية ليل نهار، ولا يكفى قياس توجهاتهم نحو إسرائيل بسؤال عابر: سيدى الرئيس المحتمل: هل تحافظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل حال تبوئكم سدة الحكم، ويجيب المحتمل وهو يتكئ على أريكة أحلامه وطموحاته: (سنحافظ على الاتفاقيات الدولية جمعاء).. والحدق يفهم.
«كارتر» ليس عابر سبيل فى طريق الديمقراطية، لكنه مبعوث العناية الأمريكية إلى مركز الثورات العربية (القاهرة)، «كارتر» يعلم أن الانتخابات البرلمانية تمت بحمد الله، «كارتر» جاء لأهداف فوق مؤسسته (مؤسسة كارتر)، لأهداف مؤسسة أكبر، لبحث مستقبل الحكم فى مصر فى ضوء المصلحة الإسرائيلية العليا، يقيس القادة الجدد (الملتحين من الإخوان المسلمين)، «كارتر» يحمل على عاتقه تحرير أخطر تقرير سيوضع أمام الإدارة الأمريكية، سيجيب عن أسئلة المستقبل، الأسئلة التى تقلقل ابن العم اللدود.
الثعلب الأمريكى لفّ على مرشحى الرئاسة (سراً وعلانية)، لطيف أن يتخذ «كارتر» من مؤسسته (مؤسسة كارتر) غطاءً لزيارته التى سيحدد فيها خيارات الأمريكان نحو الرئيس المرتقب لحكم المصريين، أيهم يخدّم على المصالح الأمريكية جيداً، أيهم الأجدر بالحفاظ على معاهدة السلام وملحقاتها السرية والعلنية، «كارتر» عجوز عركته الأيام، وتغير عليه الحكام، وتشكلت على يديه دول (دولة جنوب السودان من مواليد مؤسسة كارتر)، يعرف «كارتر» أن الحل والعقد عند المرشد بديع وليس عند الأخ مرسى، قصد «كارتر» باب المرشد، وحصل على الالتزام المطلوب لحكم مصر (انظر تعبير الفقى جيداً).. «كارتر» الأب الشرعى لاتفاقية كامب ديفيد التى رفضها الإخوان، «كارتر» فى مقر جماعة الإخوان، ليس حباً فى الإخوان، أو كراهية فى العسكر الذين خرج من ثكناتهم يرطن ويبلبل بأنهم يبغون صلاحيات محددة دون أن يوضح ويفصل ماهية الصلاحيات التى طالبوا بها وممن طلبوا، ومن هو حتى يطلبوها منه هو أو رئيسه القابع فى البيت الأبيض حيث ينتظر رضاء اليهود عليه فيرسل ابتغاء رضوانهم وإرضائهم عرَّافه ذا الشعر الأبيض ليكون شغله الشاغل هو بحث أمن إسرائيل من كبرى ثورات الربيع العربى والحصول على تطمينات من الإخوان، الجماعة عادة ما يرسلونها لمن يشاء، وهم يقولون فى سبيل الله قمنا نبتغى رفع اللواء!!
أعلم أن الإخوان مستعدون فى سبيل الخلافة التى بشّر بها مرشدهم فى رسالته الأسبوعية (قبل أسبوعين) ـ مستعدون لعمل أى شىء، باعوا الثورة قبلاً مقابل الانتخابات التى تقربهم إلى حكم مصر، وهذه الأنهار تجرى من تحتى، وها هم يبيعون القضية من أجل الخلافة، وغداً يبيعون مصر من أجل الأستاذية.. اشترى الإخوان الحكم بالوعود، فمن يبيع يا أستاذ بديع؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ