الاثنين، 16 يناير 2012

ليكن «٢٥ يناير».. يوماً للفرحة بقلم د. يحيى الجمل


تعالوا نجعل يوم ٢٥ يناير القادم يوماً للفرحة. من حقنا أن نفرح بما ما تحقق منذ عام مضى على هذا اليوم الرائع العظيم فى تاريخنا الحديث.
هذا اليوم الذى لم يتحرك فيه الشعب المصرى مثل هذا الحراك الهادر منذ مارس ١٩١٩، حين بدأت أحداث ثورة ١٩١٩. مارس ١٩١٩ وما أعقبه من أحداث، و٢٥ يناير ٢٠١١ وما أعقبه من تطورات عميقة، تاريخان من حق الشعب المصرى أن يفرح بهما وأن يبتهج، وإذا كانت ثورة ١٩١٩ قد أحدثت آثارها البعيدة فقد مضى عليها حين من الزمن اندثر فيه كثير من ثمارها، أما ثورة ٢٥ يناير فإننا نعيش ثمارها يوماً بعد يوم طوال هذا العام المنصرم وسنظل نحصد فى ثمارها وآثارها ونتمتع بهما لفترة طويلة قادمة بإذن الله.
نعم من حقنا أن نفرح بذكرى هذا اليوم العظيم الذى أسقطت فيه ثورة الشعب طاغية، أذل مصر على مدى ثلاثين عاماً، فإذا بهذا اليوم يذيقه من صنوف الذل أكثرها مرارة وغصة.
فى هذا اليوم العظيم كسر الشعب المصرى حاجز الخوف إلى غير رجعة، وانطلقت إرادته هادرة لا تخشى طغيان طاغية ولا استبداد زمرة ظالمة.
نعم يستحق يوم ٢٥ يناير أن نفرح به ونتعلم منه دروساً كثيرة تضىء لنا طريق المستقبل. وكيف لا يكون هذا اليوم الرائع يوم فرحة وهو الذى فتح الباب واسعاً أمام إحداث تغيّر ديمقراطى حقيقى يستعيد فيه شعب مصر العظيم إرادته وسيادته على أرضه وعلى قراره.
كيف لا يكون هذا اليوم يوم فرحة، وقد أدى إلى إجراء أول انتخابات تشريعية لا تزوير فيها ولا التواء على إرادة الناس وفتح هذا اليوم التاريخى الباب واسعاً أمام إنشاء العديد من الأحزاب، لاشك أنها ستنضج وتتبلور ويتلاقى المتقاربون منها فى تنظيم واحد له كيان الحزب الحقيقى. ما وجدت فى أى تجمع من المصريين إلا وكان الحديث عن مصر وعن مستقبل مصر هو الحديث الحاكم. أصبحت السياسة والحديث فيها خبزاً يومياً لدى المصريين جميعاً: المتعلمون وغير المتعلمين، بعد أن كان الكلام فى السياسة مقصوراً على النخب السياسية فى بعض العواصم.
فى أعماق الريف المصرى يجتمع المصريون وحديثهم يدور حول مصر وثورة مصر والأمل فى رقعة زراعية أوسع ومشاريع تعود على الجميع بالخير ولا تقتصر على القلة التى كانت تجنى كلّ الثمار وتلقى للغالبية فتات الفتات.
ألا يستحق هذا كله منا أن نجعل يوم ٢٥ يناير القادم، يوماً للفرحة ولا شىء غير الفرحة.
لقد أنهت ثورة الخامس والعشرين من يناير حكم الطغمة الفاسدة وأنهت مهزلة التوريث التى كان يعد المسرح لها إعداداً، تصور أصحابه أنه محكم الحلقات وأنه لابد واصل إلى غايته، فجاء هذا اليوم العظيم ليجهض ذلك كله ويفتح الباب واسعاً أمام تغير ديمقراطى حقيقى.
ألم يقل كثير من زعماء العالم إن ثورة الخامس والعشرين من يناير والأيام التى تلتها كانت ثورة ملهمة للعالم كله فى سلميتها واتحاد أبناء الشعب كله لا تفرقة بين دين ودين ولا بين صعيدى ونوبى وأبناء بحرى. الشعب كله تلاحم فى تلك الأيام العظيمة واستطاع بذلك أن ينجز هذه الثورة الرائعة.
ألا يستحق ذلك كله أن نجعل هذا اليوم الرائع عيداً نفرح فيه ونبتهج به. صحيح يجب ألا ننسى أننا لم نكمل ثورتنا وأن أمامنا تحديات كثيرة وكبيرة لعل أهمها:
صدور وتنفيذ قانون «العدالة الانتقالية». تطهير جميع مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
استقلال السلطة القضائية، وعلى رأسها النيابة العامة، عن السلطة التنفيذية بما يكفل عدم تدخل السلطة التنفيذية فى انتداب قضاة التحقيق.
توفير الأمن. العدالة الناجزة لمحاكمة الفاسدين والمفسدين.
استرداد الشركات والأصول العامة التى تم بيعها بالفساد.
إعادة عجلة الإنتاج والخدمات والاستثمار.
التصدى لقضايا: «الأمية، الفقر، المرض، البطالة، تعزيز رأس المال الاجتماعى ورأس المال الفكرى».
معالجة سلبيات مصادر وموارد «البناء الثقافى للإنسان المصرى» «الإعلام، الثقافة، التعليم». التصدى للقوى المضادة للثورة داخلياً وخارجياً.
التخلص من الميراث الفكرى للسلطة فى مصر الذى يستخدم أسلوب فرق تسد واستخدام الحلول الأمنية للقضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية.
تقويم العلاقات والاتفاقات والإقليمية والدولية مع (الولايات المتحدة، إسرائيل، أفريقيا، الدول العربية، إيران... إلخ).
وأنا واثق أن وعى الشعب المصرى الذى كنت أقول دائماً إنه شعب فرّاز سيجعلنا نستطيع أن نتغلب على ذلك كله ونحقق الآمال الكبيرة التى قامت ثورة الخامس والعشرين من أجلها. تعالوا نجعل هذا اليوم يوم فرحة خالصة. تعالوا نتعلم كيف نفرح وبعد ذلك إلى العمل وإلى مواجهة التحديات والصعاب. والله المستعان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ