الخميس، 26 يناير 2012

يا ثوار مصر اتحدوا بقلم حسن نافعة ٢٦/ ١/ ٢٠١٢


الأقوياء هم من يحكمون العالم، وهم لا يحكمون بموازين الأخلاق الحميدة والقيم والمبادئ السامية، لا يحكمون لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، وبالقطع لا يحكمون بحكمة وعدل محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولا بسماحة السيد المسيح (عليه السلام)، حتى وإن ارتدوا عباءات الدين. بل يحكم هؤلاء بموازين القوى والمصالح، بشريعة الغاب، فلا يحق لغزال ضعيف لا يملك إلا أن يتراقص على أنغام الطبيعة أن يتفاوض على حياته مع أسد قوى يستطيع أن يبطش ويقتل، وسيعود الأمر برمته إلى مزاج شهية السيد ملك الغابة، لكن سيختلف الأمر تماماً مع جنابه إذا كان التفاوض مع مجموعة من الجاموس الوحشى. الأقوى دائماً يفرض شريعته وشروطه فيصبح عدله عدلاً كما يصبح ظلمه أيضاً عدلاً.
يجد المجلس العسكرى (القوى) الحاكم فى مصر ملايين المصريين يبررون أفعاله (جرائمه) ضد الثوار الشرفاء بحجج الطرف الثالث والصالح العام واستقرار البلاد، فيتحول الظالم إلى مظلوم، والثائر الوطنى إلى خائن. يكذّب الناس أعينهم ويصدقون (القوى). تختزل كل بطولات الشعب المصرى المجيدة فى أشخاص أعضاء المجلس العسكرى (القوى) تماماً، كما كانت تختزل بالأمس فى شخص المخلوع (أول ضربة جوية فتحت باب الحرية) وعجبى. تنسب بطولات قام بها آباؤنا وأجدادنا من العسكريين أو المدنيين من شباب الفدائيين وشعوب قناة السويس إلى جنود وقادة لم يكن لهم للأسف الشديد أى بطولات إلا فى مواقع محمد محمود وشوارع مجلس الشعب والوزراء وقصر العينى. بطولات أذاقوا فيها أخواتهم وإخوانهم من المصريين السحل وفقء العيون والقتل وهتك الأعراض. حتى إن من شارك منهم بالفعل فى حروب مصر ضد أعدائها نال حظه من الشرف والقيادة والسلطة والنفوذ والشهرة والمال فلماذا يمنون علينا ليل نهار بما فعلوا من واجب، كان سيقوم به أى مصرى آخر إذا كان فى نفس موقع المسؤولية؟
العالم لا يعترف إلا بالأقوياء ولا يتفاوض قوى مع ضعيف، بل يفرض عليه إرادته، لكنه بالضرورة يضطر إلى التفاوض مع قوى مثله إذا تعارضت المصالح. ولن يتصارع أسدان لينقذ أحدهما فريسة ضعيفة من بين أنياب الآخر، لكنهما يتصارعان أو يتفقان فقط على التهام الفريسة الضعيفة. لن تتفاوض الإدارة الأمريكية حول مصالحها فى مصر مع شباب الثورة لكن بالضرورة تتفاوض مع جماعة الإخوان المسلمين (القوية). لا يعقد المجلس العسكرى صفقات مع ثوار ضعاف منقسمين إلى ألف قسم لكنه بالضرورة سيعقدها مع جماعة الإخوان المسلمين الأكثر عدداً وتنظيما، ولن يهم إذا كانت هذه الصفقات ستحقق مطالب الشعب والثورة، المهم أنها ستحقق مصالح أطرافها. لا يتم استيراد حكام وحكومات النظم الاستبدادية من خارج أوطانهم، بل هم ليسوا إلا ابناً شرعياً لثقافة مجتمعات تسودها روح الفردية وينقسم فيها الأفراد والجماعات الصغيرة على أنفسهم ولن يفرخ لنا مجتمعنا اليوم من يبكى مسؤولية السلطة ويخشى شرها ويأخذها كارهاً لا راغباً (كعمر بن الخطاب) ولا يحق لنا أن ننتظر حتى يأتينا عمر ليقيم العدل، بل نحن من نجعل من حاكمنا فاروقاً أو فرعوناً. لا تقوم دولة العدل والمساواة بالرجاء والتمنى، بل تفرض بالقوة من ثوار متحدين تسبق مصلحة مجموعهم مصلحة أشخاصهم، فالسياسة ليست إلا معادلة قوى تحقق مصالح أطرافها ولكى تحقق الثورة أهدافها يجب أن يكون الثوار أحد أقوى أطراف المعادلة.
فإلى كل ثائر وكل ثائرة فى أرض المحروسة، أدعوكم لإنشاء كيان مدنى واحد ليلم شملنا جميعاً تحت مظلة واحدة ليسمى اتحاد ثوار مصر. يسجل اسمه كل من يؤمن بأن الثورة مازالت مستمرة حتى تحقق جميع أهدافها على أن يتم التسجيل بشكل شخصى فردى فلا يكفى أن تعلن أى جماعة أو حركة أو حزب سياسى ما انضمامه لعضوية الاتحاد. يتم تشكيل برلمان ثورة من الأعضاء المسجلين، وذلك بأن يرشح كل حزب سياسى أو جماعة أو حركة وطنية من يمثله فى برلمان الثورة ثم يتم اختيار نسبة من الأعضاء المستقلين بطريقة عشوائية من خلال برنامج كمبيوتر على ألا يقل عددهم عن ثلث أعضاء البرلمان الثورى. ويقوم أعضاء البرلمان الثورى باختيار مجلس قيادة الثورة من خارج أعضاء البرلمان على أن يراعى فى تشكيل المجلس الآتى: أن يتكون من عدد سبعة أشخاص يمثل أحدهم الأزهر، ويمثل الآخر الكنيسة، ويمثل ثالث الشباب، ورابع يمثل القوات المسلحة، ويكون من أحد القادة خارج الخدمة، والذى اتضح خلال العام الماضى ولاؤه الكامل للثورة، ثم الثلاثة الأخرى من الشخصيات العامة الثورية. ويشترط فى كل أعضاء برلمان الثورة ومجلس قيادتها عدم التواجد أو السعى أو النية فى أى منصب سياسى رسمى على أى مستوى ويشترط فى جميع أعضاء الاتحاد ككل الإيمان الراسخ بأن ثورتنا ستظل دائما بيضاء سلمية.
وحدوا الصف وفقكم الله،،،
 أولا : لعل ما حفزنى إلى هذا النحو من التعليق الذى يحدده عنوانه ، هو هذا "النفير" الذى أطلقه صاحب "الرسالة ـ المقالة" تمجيدا لـ "القوة" ، ذلك النوع من القوة الذى يتكافأ مع قوة "الخصم ـ الحاكم" الحالى لـ "العالم" ، وهؤلاء الذين : "لا يحكمون بموازين الأخلاق الحميدة والقيم والمبادئ السامية ، لا يحكمون لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ، وبالقطع لا يحكمون بحكمة وعدل محمد (صلى الله عليه وسلم) ، ولا بسماحة السيد المسيح (عليه السلام) ، حتى وإن ارتدوا عباءات الدين . بل يحكم هؤلاء بموازين القوى والمصالح ، بشريعة الغاب" كما تقول سطور "الرسالة ـ المقال" نصا وحرفا ، وذلك أنى أرى ـ من وجهة نظرى ـ أن ما تدعو إليه الرسالة ، وما تدعمها به "مكانية المقال ومكانته" ـ حتى ولو كانت له مبرراته التى ساقها و"عممها" تعميما على غير أساس أو دليل مادى أو موضوعى ـ ليس هو مما "تكلمت" به الثورة المصرية "الحضارية" و"الإنسانية" و"الأخلاقية" و"النبيلة" و"الباسلة" و"الوطنية" و"الفريدة" و"المذهلة" ، و"الصامدة" و"المستمرة" ، وكلها "مفردات" قد صاغتها و"أبدعتها" الثورة المصرية ، تعلن بها ـ أو تستعيد بها ـ لغة "جديدة" للثورات ، قوامها ولسانها ، وأبجديتها وأدبياتها ، وسلوكها : "الأخلاق" و"الإنسانية" ، فى مواجهة القوة الطاغوتية الغاشمة ، وهو السلاح الذى شرعه الله للحق فى مواجهة الباطل ، وللخير فى مواجهة الشر ، وليس مقارعة "القوة الغاشمة" بقوة غاشمة "أقوى" ، بل بـ "أخلاق" ثورية شرعية "أسمى" و"أرقى" ، فحتى "الهمس" بـ "الحق" و"الحقيقة" هو أعلا صوتا ، وأبلغ أثرا ، من الصراخ بالباطل أو العربدة بطلقات الرصاص ** ثانيا : 1 ـ يقترب بنا حديث صاحبنا الإبن الأستاذ / أحمد عبدالمغنى (أحد أبناء الثورة) ، من فكر "نيتشه" فى بدايات رحلته الفكرية ، والذى أصبح به فيلسوف "القوة" و"العجرفة" ، وقد أخـِـذَ عليه تمجيده للقوة ، حيث يعد من أوائل من صاغوا نظرية الرجل الخارق أو "السوبرمان" إذا جاز التعبير ، ثم انتهى فى مؤلفه الرائع : "هكذا تكلم زرادشت" إلى مقاربةٍ لـ "الفضائل" الإنسانية ـ كما يراها ـ والذى تحدث فيه عن "الصحراء" ، حديث إنسان يتطلع منها إلى معجزة تنقذ الإنسانية ، ثم يكرر بشكل غريب وملفت للنظر نداء : "حيّ على الصلاة" ، ونداء آخر : "توكلت على الله" ، ويشهد كمثقف غربي ، على كل شيء يمهد الطريق للبربرية القادمة ، وعلى انهيار قيمة الله ، بما تمثله من إيمان بالآخرة ، وبالأخلاق والفضائل ، وعلى انحطاط الغرب ، لأنه لم يعد يؤمن بالأخلاق وبالآخرة ... وأخيرا لا يؤمن بالله * 2 ـ من نافلة القول أننا يجب أن نبدأ بما انتهى إليه غيرنا بعد أن رشدوا ، واستبانت لهم أنوار الحقيقة ، وأضاءت لهم إضاءات الأخلاق ، التى بعث لتبليغها ، وترسيخها وإتمامها ، الرسل والأنبياء ، وأنـْـعـِـمْ بها هذه "الثورات" التى تترسمها ، وتسمو بها ، وتستهدفها ،   ،
 * ثالثا : 1 ـ لا خلاف على أن "الحق" يحتاج إلى "قوة" فاعلة تسنده ، ولكن أى "نوع" من القوة ؟ وهل هى القوة المادية فقط ؟ بالقطع لا ، فهى القوة التى اعتمدها واعتمد عليها الطغاة ، فأدت بهم إلى أن "اسقطتهم" الشعوب ـ أو الحروب ـ بالثورة عليهم بقوة "الحق" و"الشرعية" ، فكانت الثورات "الدموية" ، وأخرى بقوة الحق والشرعية و"الأخلاق" و"الإرادة الوطنية" التى لا تجتمع على باطل ، فكانت الثورات الحضارية الإنسانية الأخلاقية النبيلة ، وهى وإن كانت "تتباطأ" فيها النتائج ، إلا أنها تخلد فى تاريخ الإنسانية .. والثورات * 2 ـ ولا شك أن الثورة المصرية فى 25 يناير 2011م ، هى أنصع وأبهى وأبلغ مثال على هذه الثورات الخالدة ، والتى تستلهم ثورة "إخناتون" على الوثنية الفرعونية ، تحالف "الكهنة" و"هامان" و"الفرعون" ** رابعا : لا أدل على أن القوة المادية ، هى شرط لازم ، ولكنه غير كاف ، للانتصار على عدو الله والناس ، من قوله تعالى : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ(الأنفال :60) ، وقد حدد تعالى ، هذا العنصر "المادى" بالأتى : 1 ـ قدر "المستطاع" من القوة ، ومن "الخيل" التى تظل جاهزة مستعدة فى "رباطها" * 2 ـ بقصد "الإرهاب" ، أى "الإخافة" ، وهو قريب من المنطق الذى يقول أن : الاستعداد للحرب ، قد يمنع الحرب * 3 ـ أن هناك من الأعداء ، أعداءٌ "آخرين" لا نعلمهم ، ولا يعلمهم إلا الله ، فمهما أعددنا من قوة مادية لمن نعلمهم من الأعداء ، فهى لن تتعداهم إلى من نعلمهم ، والذين يتكفل بهم علم الله ، ولذلك توالى فى القرآن الكريم ذكر "النصر" مقصورا على أنه من "عند" الله ، وأنه لمن ينصره ويعلى من كلمة الله ، ويتبع منهجه القويم ، وطريقه المستقيم ، بلا إفراط أو تفريط ، ولا رهبانية أو إقصاء ، هذا إذا كنا "أمة" "وسطا" كما جعلنا الله ، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، ونؤمن بالله الواحد الأحد ، وبهذا تكتمل عناصر القوة الحقيقية ، كما أرادها الله ، وكما حاولت الثورة المصرية الباسلة مجتهدة ، أن تترسمها ** خامسا : ومن "البديهيات" أيضا ، أن الاتحاد قوة ، والتفرق ضعف ، ومن المشاهد الجليلة حقا ، أن الثورة المصرية قد "وحدت" المصريين ، ومن "المطلوب" حقا ، أن "السياسة" الحقيقية "الوطنية" التى تعتمد "الديموقراطية" وتنتهج "تداول السلطة" ، وتضبط منظومة القوانين التى تــُـعـَـرِّفُ "الحقوق" و"الواجبات" وتحددها ، وتطبقها عدلا ومساواة ، إنما تبدأ من حيث "الاختلاف" ، فى نطاق قوله تعالى : "لتعارفوا" ، ولإعمار الأرض والحفاظ على "تكريم" الله للإنسان ، وتتيح "الحوار" الوطنى لإزالة "الخلاف" ، ولا تقترب بأى منهما (الاختلاف والخلاف) من دائرة "المصالح العليا" للوطن والمواطنين ، ومن "الثابت" أيضا ، أن الشعوب التى تفقد "أخلاقها" و"فضائلها" فى رحلتها من الثورى إلى السياسى ، فالمصالح العليا ، إنما تفقد معها "ذاتها" و"روحها" ، وتصنع فى النهاية "وحشا" بلا روح إنسانية ، أو قيم أخلاقية ** حكمة اليوم : السلطة المطلقة ، مفسدة مطلقة ، ومن أمن العقاب ، أساء الأدب ، وأكتفى بهذا ، والله تعالى أعلم ، وتحياتى للجميع ، وتحيا مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ