الأربعاء، 25 يناير 2012

فن الإصغاء إلى الناس بقلم خالد منتصر ٢٥/ ١/ ٢٠١٢


نحن نجيد فن الكلام والثرثرة، لكننا للأسف لا نجيد فن الإصغاء، وأكثر من يفتقدون هذا الفن هم أهل السياسة الذين يتحاورون دائماً حوار الطرشان.
لو كان هناك إصغاء جيد وقياس نبض حقيقى للناس ومطالبهم وأحلامهم وأنينهم وشكاواهم ما كانت تحدث ثورة، لنتذكر منذ عام أن موجات الإرسال الجماهيرى لم تقابلها موجات استقبال سياسى على نفس المستوى، بل قوبلت للأسف بسخرية وطناش وتعال وعجرفة، حرق الناس أنفسهم من البطالة والكبت والقهر والفقر، فكان تعليق وزير الثقافة أن الحرق بقى موضة!!
 أحس الناس بأن الانتخابات مسرحية هزلية، فنادوا بتشكيل برلمان بديل أو بالأصح برلمان حقيقى غير مزيف، فرد الرئيس مبارك: «خليهم يتسلوا»! فى مؤتمر الحزب الوطنى وجه شاب لا هو ثورى ولا إخوانجى ولا جهادى ولا شيوعى سؤالاً بسيطاً مشروعاً، مطالباً جمال مبارك بالرد على شباب فيس بوك، فضجت القاعة بالضحك، وابتسم جمال الوريث، وأشار إلى الشاب الذى كانت كل جريمته أنه ينبه فقط، وقال: ردوا عليه أنتم!!
كان الإصغاء عملة مطرودة من السوق، كانت الأذن عضواً معطلاً ومغيباً ومتيبساً وضامراً، كانت موجة تليفزيون مبارك وأعوانه وجمال وشلته مضبوطة على قناة التيت للرقص الشرقى، أما موجة المصريين فكانت مضبوطة على محطة عزاء بحجم الوطن.
الإصغاء فن وفن حقيقى وصعب يحتاج إلى مجاهدة ومكابدة، الإصغاء تفاعل وليس مجرد عملية سمع فسيولوجية روتينية، فموجات السمع تدق على طبلة الأذن، أما موجات الإصغاء فتدق على طبلة القلب والعقل والوجدان.
لابد لكل سياسى ألا يفقده الكرسى القدرة على الإنصات لآلام الناس والإصغاء لصوت نزيفهم وصراخهم، لابد لكل سياسى ألا تجذبه أضواء الفلاشات وتلحس عقله، لكن لابد أن يجذبه مغناطيس المصرى البسيط الذى أقصى أمنياته رغيف عيش وسقف حماية ولقمة ستر، فالمواطن لا يأكل تصريحات ولا يسكن تطمينات ولا يعالج بإحصاءات.
أصغوا إلى الناس يرحمكم الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ