الأحد، 29 يناير 2012

ألف باء تاء بقلم مفيد فوزى ٢٨/ ١/ ٢٠١٢


سأفترض أن مصر- بعد برلمان شرع الله- تتعلم من جديد مبادئ القراءة الرشيدة فى بناء الأمم، والمفترض أن ألف باء تاء ثاء لهو إقصاء الماضى ببلاويه، فلا يطل علينا ويفسد الحاضر وليس إقصاء الطاقات المصرية التى تربت فى معامل الحياة. يجب أن نفهم أن الإقامة الطويلة فى محطة الماضى توغر الصدور وتؤجج شهوة الانتقام. يجب أن نفهم أن المعرفة صارت متاحة عند أطراف أصابع الشباب، أقول المعرفة وليست «الخبرة»، فالخبرة هى حصاد نار التجارب، والتجارب ثمرة السنين. وبهذه «الطاقة الإيجابية» نتآمر للبناء لا للتخريب، و«نضمر» لبعضنا الحب لا المقت والكراهية. ألف باء تاء نهوض أمة هو ثورة أخلاقية، تخرج فيها الضمائر الحية إلى الميدان وتخلع الأقنعة التى تختبئ وتتطهر النفوس وتصلى معاً جماعة فى مسجد الوسطية وكنيسة المحبة. وإذا كنا حقا «نحلف بسماها وبترابها» فلابد أن ننسى ذواتنا لتحيا مصرنا ولا تنكسر.
أن تصل مصر إلى «برلمان شرع الله» خطوة على طريق الألف ميل الذى سنسابق فيه الزمن حتى يسكن التعليم الجيد داخل المسام وفى الجينات ليطرد الجهل والتخلف والتطرف. هذه الثلاثية المدمرة للشعوب.. وهى المكون الرئيسى للنظم الفاشية والديكتاتورية التى تعتبر الفرد «لقيطا» والحاكم نصف إله. لقد كنت أفسر بعض أحداث العام المنصرم بكلمة واحدة دون أن أبذل جهدا فى التبرير والتفسير، فسرت «قطع الطرق» بالجهل فسرت «قطع أذن مواطن فى قنا» بالتطرف، وفسرت حادث «سحل فتاة» بالتخلف. ويوم أرى فى المجلس الملتحى الموقر نقاشا مجتمعيا حول «تعليم بقصد التفكير لا التلقين» و«تعليم نحتاج إليه يرتبط بسوق العمل» و«تعليم صناعى يعيد مكانة الأسطى نقطة الارتكاز بين العامل والمهندس» سنصفق له مائة مرة وأكثر لقد آمن المجلس الموقر بأن التعليم هو الحل.
ألف باء تاء نهوض الأمم أن تتغلب «روح الفريق» على الذات وأن نتخلص من روح الزعامة ونبرة الاستعلاء التى كانت سمة الميدان على امتداد عام وأشهر. إنى أقسم أن المصرى- مثقفا أو أمياً- صار يلوك السياسة فى فمه ويعرف حقوقه ربما أكثر من واجباته، ولكن لا يستقيم مجتمع كله زعماء، ولو حدث أن اتفق مائة على رأى واحد وكبرت المائة وصارت ألفاً، فسوف ندرك أننا قطعنا مشواراً يستحق الثناء فى كتاب القراءة الرشيدة لنهوض الأمم. ألف باء تاء أن «نتدارك» أخطاء الماضى، فلو كانت ثورة يوليو جعلت من مبادئها الستة «الحرب على الأمية» لصرنا بعد ستين عاما أنضج شعوب العالم، ولو انتبهنا إلى سيطرة الطابع الاستهلاكى وصحبته من الكسب السريع، لما أصابنا التواكل السيئ، ولو عرفنا قيمة الأرض والعرض لما بيع كل شبر من الأرض بالأمر المباشر.
هذه الأخطاء نعترف بها لكى نقفز للأسباب والنتائج، فقط علينا، ومصر فى براءة مرحلة الحضانة، أن تتجرد العقول من أى تبعية إلا ترابها وسماها، وتصفو النية، ويظللنا انتماء حقيقى، وليس انتماء الأغانى أو تهتهة المذيعات بحب مصر. صدق القصد- وحده- سيحرث أرضنا من جديد، ونلقى بذور الجدية فنحصد أشجار الجدية. ألف باء تاء مبادئ نهوض الأمم التى يجب أن تتعلمه مصر «الجديدة» هو أهمية الوقت وضبطه بعد هدره وسفحه واحتقاره، فعامل الوقت صنع ألمانيا بعد الحرب، وصنع اليابان بعد هيروشيما، وصنع ماليزيا أحد النمور السبعة.
ولعلم برلمان شرع الله أن بلدا يعمل بسواعده وضمائره أعظم عند الله من شعب كسول يؤدى الفرائض فقط! إذ ويل لأمة تلبس مما لا تنتج وتأكل مما لا تزرع «جبران خليل جبران»، وشرع الله فى العدل الإنسانى فى «عمل» لشاب لا يذهب للغرق على سواحل أوروبا، شرع الله فى «سرير» بالمستشفى للشفاء لا للموت، شرع الله فى «تدفق سياحى» على البلد دون شعور بأن الشاطئ عورة للكفار. علينا أن نتصارح، فمصر تتعلم الآن أبجدية الديمقراطية فى روضة الحرية، دون أن نصاب بـ«طول الجدل وقصر العمل»، ليتنا ونحن نتعلم مبادئ القراءة الرشيدة لنهوض الأمم لا نخطئ فى الإملاء! فلو أخطأنا، فلا محل لنا من الإعراب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ