الأربعاء، 25 يناير 2012

حساب المكاسب والخسائر بقلم د. أيمن الجندى ٢٥/ ١/ ٢٠١٢


سألنى أحد القراء الأفاضل عن رأيى فيما يحدث فى مصر الآن. أجمله فى النقاط التالية:
أولا: هذه وجهة نظر لا أكثر، من الممكن أن تكون خطأ أو صوابا. والأرجح أنها- شأن أى نشاط إنسانى - يختلط فيها الخطأ بالصواب. ليس معنى أننى أكتب فى الصحف أننى أفهم أكثر منكم، بل على الأرجح آراؤكم أكثر رجحانا وحكمة، كونكم أكثر منى اتصالا بواقع الحياة.
ثانيا: أى وجهة نظر تختلف حسب زاوية الرؤية: من شاهد جثث القتلى سيكون بالتالى أكثر ثورية، ومن شاهد عواقب الفوضى سيكون أكثر محافظة ورغبة فى الاستقرار. لذلك أحترم آراء الطرفين. فقط أزدرى كل من يتاجر بالثورة أو الدعوة للاستقرار.
ثالثا: توصيف ما جرى فى مصر مهم جدا، ما حدث منذ ٢٥ يناير حتى ١١ فبراير هو فى اعتقادى ثورة حقيقية، وما حدث منذ تسلم المجلس العسكرى السلطة ليس أكثر من حركة إصلاح جزئية، ولا يمكن وصفه بالثورة تحت أى معيار.
رابعا: وجهات نظر الفريقين كالتالى: أصحاب النزعة الثورية يرون أننا لا نسير فى الطريق السليم، وأن البلاد تُدار بنفس العقلية القديمة التى تقوم على الاستئثار والإقصاء، والثمن الذى دفعناه من دماء الشهداء حرام أن تكون نتيجته مجرد إصلاح جزئى. أما فريق الاستقرار فيعتقد أن البلد لا يحتمل المزيد من الهزات. وأن الفقراء هم من يدفعون الثمن، وأن الديمقراطية كفيلة بتصحيح المسار على المدى الطويل، لذلك لا بأس بالرضا بما تحقق (خصوصا تداول السلطة) فى سبيل أن نجنب البلاد الفوضى وعواقب عدم الاستقرار.
خامسا: أداء المجلس الأعلى سيئ جدا! إنها لمهزلة أن أبسط الأشياء، حتى الحد الأقصى للأجور، أخذ كل هذه المدة. وكل وعود الحد الأدنى والقضاء على الفساد لم تتحقق حتى الآن. لاشك عندى أن المجلس الأعلى فشل تماما فى إدارة شؤون الدولة.
سادسا: رغم ما سبق فأنا أميل إلى فريق الاستقرار. وذلك بسبب حساب المكاسب والخسائر الذى يُرجّح عندى التهدئة. وأتمنى أن يمر الاحتفال بذكرى الثورة دون عنف أو أحداث جسام. والسبب أن المجلس مضطر إلى تسليم السلطة خلال خمسة شهور. والشعب اختار ممثليه وينبغى أن نحترم إرادة الأغلبية، والميدان موجود والثورة ممكنة لو ماطل المجلس فى تسليم السلطة أو فشلت القوى الصاعدة فى وعودها بالإصلاح.
سابعا: أنا حزين لخسران «البرادعى» كمرشح محتمل. هو له مزايا وعيوب شأنه شأن أى إنسان آخر. لكن مزاياه - من وجهة نظرى - أكثر من عيوبه بكثير. أبرزها: الاستقامة والأمانة والحداثة والحديث بلغة يفهمها العالم، وعيوبه: الافتقار إلى ضربة المغامر/ المقامر والكاريزما اللتين يحتاجهما الزعيم. عن نفسى أنا أحبه وأصدق أنه لم يبتغ إلا رد الجميل لوطنه ومساعدة الناس. ولم أكن أجد أى تعارض بين مساندته واعتزازى بدينى. بل كنت أتقرب إلى الله بتشجيعى لانتخابه ليقودنا إلى مبادئ الإسلام الحقيقية فى العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة وحرية الاعتقاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ