الثلاثاء، 17 يناير 2012

إعادة إنتاج الطغاة (٤) بقلم جلال عامر ١٧/ ١/ ٢٠١٢


الأسماك الأبيض والأسود مثلنا للأكل، لكن الأسماك الملونة مثلهم للزينة، لذلك فإن التدين المزيف يؤدى إلى التخلف الحقيقى، وأول مرة ترى فيها من يخلط لك الأرض بالسماء هى آخر مرة ترى فيها «محفظتك»، فالنشل فى السياسة مثل النشل فى الأتوبيس.. هو يعطيك جوال أرز ليأخذ منك فيما بعد حقلك.. ومجتمعنا هو أفضل مصنع لإنتاج الطغاة.. فى المدرسة، «الناظر» هو الديكتاتور الأعظم، وفى البيت، «الأب» هو الطاغية، وإذا مات الناظر يبقى المدير، وإذا مات الأب يبقى الكبير، فليس بيننا وبين الحاكم «عقد اجتماعى»، بل هو دائماً «عقد إذعان»، لأن من يتربى على «السمع والطاعة» تكبر أذناه وتتضخم ذراعه وتتحول إلى الذراع السياسى لكن يتعطل «مخه»..
 وتأمل حضرتك الفرحة والشماتة التى أظهرها التيار المستغل للدين تجاه «البرادعى» لتعرف موقفهم الحقيقى من الحرية، فالشىء يُعرف بضده. وقال أحد قادتهم «لن نهتف له بالروح والدم ليعود»، مخالفاً بذلك وصية مؤسس الجماعة التى قالها يوم إعلانها «وهذا مثبت تاريخياً» فقد أوصى وقال «لا تضحك» بديلاً عن الوصية التى تقول «لا تكذب»..
فليس العيب فى الجماعة التى تسمع ولكن العيب فى المجتمع الذى يسمح.. والسماء أصفى من ماء الغدير والأرض مليئة بماء البرك، لكنها الانتهازية اللعينة.. وتأمل حضرتك تحالفاتهم التى بدأت مع الملوك لضرب حزب الأغلبية وانتهت مع اللواءات ليصبحوا هم حزب الأغلبية.. وليس عيباً أن تضع «الجماعة» حزباً يعشق «رأس المال»، لكن العيب أن تعشق فصل «الرأس» عن «المال».. وحبيتك بالصيف أحببتنى بالسيف.. انتهى فيلم الحب وبدأ فيلم الرعب.. وظهور البوليس بكثافة يؤكد أننا فى نهاية الفيلم.. لكن لماذا بعد كل قيصر يموت يأتى قيصر جديد؟!..
طبعاً بسبب «الناظر» و«الأب»، وكل من يضع «طوبة» فى مصنع الطغاة.. تشهد مصر حركة عمران مبانى مخالف للقانون وحركة عمران سياسى مخالف للضمير، مما يجعل الثوار فى السجون والبلطجية يمرحون.. ويقول «سقراط» إن (الجهل هو أبوالشرور)، فهل عرفت الآن عنوان المصنع الذى يعيد إنتاج الطغاة؟.. الديكتاتور قبل أن يجلس فى القصر يتربع أولاً فى عقولنا وقلوبنا ونفوسنا داخل البيت وداخل المدرسة، لذلك تظل الأسماك الأبيض والأسود للأكل، لكن الأسماك الملونة للزينة.. فإلى اللقاء مع طاغية جديد.
 إذا كان جميع من يطلقون على أنفسهم النخبة و الصفوة بيحبوا مصر "زي ما بيقولوا" يبقى اللي بيحب بلد يبنيها لما تكون عايزة تُسكن و يزرعها لما تكون عايزة تحصد و يطبخ لها لما تكون عايزة تأكل و يلبسها لما تكون عريانة و بردانة و يعالجها لما تكون مريضة و يعلمها لما تكون جاهلة و يضحكها لما تكون بتبكي و يدافع عنها لما يهاجمها الأعداء و يطبطب عليها لما تكون مكسورة الخاطر.. و بكل صراحة لم نجد من النخبة إلا العكس و لم نشاهد إلا كلام من دون أي فعل و لم نسمع إلا هيصة و لم نر طحينا و المثل بيقول "أسمع جعجعة و لا أرى طحنا" و لم يبقى إلا صدى الصوت و لم العدة و سمعني بأودعك و أقسم لك إن الشوارع مليانة مطبات و بعض البطون مليانة باتون ساليه و ساليزون و في النهاية كل اللي بيحصل هو بصراحة مطر ما يبِلِّش و الحدق يفهم ده لو له مزاج يفهم ؟! و مش كل اللي بشنب ينفع أب أو ناظر مدرسة و مش كل قط يتقال له يا مشمش ! أما بقى إذا كانت الفكّة عالية و القاشية بقت معدن و حساب البنك زادت أصفاره على اليمين يبقى مطرح ما ترسي دوقلها أو حندء لها ! و لما تطلب ما تحرمهاش و أحلى من الشرف ! قصدي و أحلى من البنك ما فيش .. يا أه يا آآه .. العلبة دي فيها إيه ؟ فيها فيل .. طرااااااخ .. العلبة دي فيها إيه ؟ فيها فيل .. بوووووم طاخ .. لأ غلط العلبة دي فيها تطرف ديني !! .. فيها إيه ؟ طااااااخ .. فيها تعصب ديني ! طراخ طيييييخ .. العلبة فيها فزاعة دينية و ما فيهاش فيل يا جاهل طرااااخ .. العلبة دي ما فيهاش فيل فيها موضة أنك تقول تعصب ديني و هي دي الموضة الجديدة فوق الركبة و اضرب تحت الحزام فهمت ؟! .. و الحلقة دي إتصورت و لو تحب نذيع حنذيع قلت إيه يا كوتوموتو ؟ .. خليك معايا إوعى تروح البراميل لا تغرق .... يتبع .
 و الغريب يا أخي ما حدش قال منهم أي حاجة عن التعصب الليبرالي و التعصب العلماني و التعصب البيزنطي و التعصب الديموقراطي الإمبريالي الرجعي التعسفي اللي بيقول عيني عينك "من ليس معنا فهو ضدنا" و يا نسمع كلامهم زي ما هو بدون مناقشة و بدون معارضة يا إما تبقى مش ديموقراطي و مش شاطر و مش بتسمع الكلام و مش بتشرب اللبن و مش بتغسل رجليك قبل ما تنام و تبقى ضد الثورة و ضد الشهداء و ضد المهلبية و ضد الملوخية من غير تقلية و معاها شوية طعمية من عمتك زكية المفترية و تبقى إنت مش من الأحرار يا علي و سلم لي على الديموقراطية الإبتدائية المشتركة لولولولوليييييييي و زغردي يا اللي ما انتش غرمانة .. و إبقى سلم لي على الإبداع و المبعدين بعد التاسعة مساء ! .. ليه مساء ؟ .. أقولك ليه لأنه الصبح بيشتغل ناشط سياسي و بالليل مبدع ؟! مع إني مش عارف يعني إيه ناشط و مبدع لكن أعرف إنها حاجات كده بتجيب فلوس كتيرة و مش مهم مصر ! مصر إيه و زفت إيه ؟ .. أُمّال حضرتك فاهم إيه الحياة غِليت يا باشا و الأسعار ولعت هو حضرتك ما تعرفش إن إيجار البلكونة في العمارات اللي بتطل على ميدان الحرير "التحرير سابقا" وصلت 20 ألف جنيه يوميا ! عشان يحطوا فيها كاميرا يصوروا أحداث معينة منها أحداث مرتبة مفتعلة و منها أحداث طبيعية و منها أحداث تحت 12 سنة إصلاحية .. و كلنا لها .. يا راجل ؟!! أُمّال إيه هي الحياة سهلة كده ؟! مش تصحى للون يا حلاوة ! .. هات لي يا ابني حلبة حصى عشان المرارة .. ولع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ