الأربعاء، 25 يناير 2012

تأملات لله ثم للوطن : لتحتفل أو لتغضب .. فأنت فى "رحاب" الثورة .. وفى مقام "التعبير" .. والمشاركة فى "التغيير")

ـ وبكل ما تحمله أعوامى السبعون من بواكير تـَـوَثـُّـبِ الصبا بين ربوع الريف المصرى المتوضئ كل صباح بضياء الفجر وحبات الندى ودعاء العواجيز من الأهل الطيبين ، وبعزم ما نفثته أعوام الشباب من أنفاس العدو فوق مضمار العلم والمعرفة ، والتوهج بين أروقة الحلم والأمل وبكارات التجربة وألـَـقِ التحصيل ، وبهمة ما أخـْـصـِـبـَـتْ به سنين الرجولة من ثقل المسئولية والأمانة والسعى والكسب الحلال ، ومن تقطير الحكمة من خام الصبر وعبث الواقع وارتحال الغربة ، ومن ارتهان المصير عند المتصدرين لمشهد السقوط العبثى وطقوس التدجين ، ثم من وهن الشيخوخة وقبضة التشبث ، وعبق الدعاء بأن يأتى يوم عودة مصر إلى المصريين ، وعودة المصريين إلى مصرهم ، قبل أن يوافينى الأجل المسمى .. بكل ذلك وبأمد السنين ، أتوجه إلى الله العزيز القدير ، بالحمد والشكر ، وإلى مصر والمصريين بكل الحب والإعزاز والفخار المتواضع لله ، وإلى الثورة والثوار والشباب بالامتنان والعرفان والتثبيت * 2 ـ قل ما شئت ، واكتب ما شئت ، واهتف بما شئت ، واطلب ما شئت ، واعكس كل هذا الذى قد شئت إذا شئت ، وليتبارى كل من يرى أن له فى الحصافة والرصانة ، أو الطلوع بالاستقراءات والاستكناهات ، أو حتى العلم ببواطن الأمور ، وما ستأتى به الأيام والدهور ، فقط لتدرك بـ "وعى" أنك "مشارك" بـ "ما" شئت ، لـ "ما" شئت ، وأعترف لغيرك بنفس الحق ، وانظر إلى النتيجة التى شاركت فى صنعها بـ "صدق" مع النفس ، واختر ما شئت لـ "تجربتك" الثانية مع ما "تشاء" ، وستفاجأ بأنك تمارس الحرية والديموقراطية ، مع الآخرين .. والكل يتعلم .. ويصحح .. ويتقدم .. بنفسه .. ولنفسه .. مع الآخرين ، وهذه هى "لعبة" الديموقراطية ، من خلال "الممارسة" ، وهو ما لاغنى عنه فى تجارب الشعوب ، وهو ما يقيم الدليل على "التفاعل" و"الحيوية" والخروج من جب الصمت ، وقبور الخوف والخنوع ، وكفى به وأنعـِـمْ من خروج ، وإلى الجزء (2) ، تحياتى لجميع ، وتحيا مصر ** ثانيا : هل من تـَـذكـُّـرٍ للمثل القائل : عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به ، ومن قبله ، وفى نفس بابه ومعناه وفائدته المجتمعية والديموقراطية ـ كما يحلو للبعض أن "يـُـحـَـدِّث" (من الحداثة) ـ قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، من حديث أنس رضي الله عنه ، أنه قال : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (رواه البخاري ومسلم) ، وهو ما حث عليه الصحابة ممن قامت عليهم الدعوة والدولة والأمة ، بقوله صلى الله عليه وسلم : وخالق الناس بخلق حسن (رواه الترمذي بدرجة الحديث الحسن) ، وهو ما قال فيه ابن دقيق العيد ، رحمه الله : "معناه : عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به ، واعلم أن أثقل ما يوضع في الميزان الخلق الحسن" ، فما أحرانا بتذكره ، حتى ننسجم مع جوهر الثورة المصرية وروحها ونــَـفـَـسـِـهـَا الإنسانى والأخلاقى ، والذى يتنسم رياحه وروائحه من بستان الحضارة التى أبدعها الإنسان المصرى ، ومن عبق التاريخ وما سطره لمصر والمصريين بشهادة العالمين ، وهو ما أبهر العالم وأفرد له مكانه فى التاريخ ، وأيضا لدحض كل ما صاغه أعداء الثورة لتشويهها أو لاحتوائها ، أو ما يرجف به المرجفون من أراء مبتسرة ، وحوارات منقسمة ، وادعاءات يكذبها الواقع ، وتلفظها الأحداث .. والإرادة الوطنية ** ثالثا : وجهان حقيقيان للثورة المصرية : الاحتفال بـ "المكاسب" يعنى "الاعتراف" .. والغضب "النبيل" لـ "الأهداف الغائبة" يعنى "الاستمرار" ، فاختر الوجه الذى تطالع به يومها هذا التاريخى ، والذى ستتبعه أيام .. وأيام ، ولنسجد جميعا لله شكرا على نعمائه وتوفيقه ونصره للمستضعفين والمظلومين ، وأستأذنكم كى أكون من شهود ذلك اليوم هناك ، حيث الأحبة من الجميع دون تفرقة أو تمييز ، وحتى أغبر قدماى ساعة ـ فيما أحسبه واحتسبه ـ فى سبيل الله ، ثم فى سبيل الوطن ، وكل عام على طريق الثورة والتغيير ، والمحبة والتوحد ، ومصر وكل المصريين بخير ووعى وتقدم ، فالمكاسب طيبة ، والطريق طويل ، والأمل حاضر ، والعشم فى وجه الله خير ، والشهيد قد أكرمه الله وسبق للحياة ، وكلنا فى سبيل مصر مشروع شهادة يتمنى لو أكرمه الله ولحق ، وتحياتى للجميع ، وتحيا مصر
منذ يومين عقد أول مجلس شعب ينتخب بعد ثورة ٢٥ جلسته الافتتاحية، وكان يكفى أن يلقى المرء نظرة سريعة على الوجوه التى تصدرت المشهد المهيب تحت القبة كى يدرك على الفور أننا إزاء حدث تاريخى بكل معنى الكلمة،
وأن مصر فى طريقها إلى التغيير حقا إن لم تكن قد تغيرت بالفعل. واليوم ستخرج الملايين من أبناء مصر إلى الشوارع والميادين، لتحتفل بالذكرى الأولى لثورتها الكبرى،
 لتعلن من جديد أن ثورتها لم تحقق كل أهدافها بعد، وأنها مصممة على استمرارها إلى أن تحقق كافة أهدافها.
هناك، للأسف، من يحاول افتعال تناقض بين ما جرى أمس تحت القبة وما سيجرى اليوم فى الميدان، رغم أنه لا يوجد فى الواقع أى تناقض موضوعى. فلولا الثورة لما وصلت الغالبية الساحقة من الوجوه التى شاهدناه تحت قبة البرلمان أمس الأول إلى هذا المكان.
ولأنه يفترض أن يكون المجلس الذى انتخبه الشعب عقب الثورة على النظام القديم هو المجلس الذى يعكس إرادة التغيير، فمن الطبيعى أن يقع عليه واجب الدفاع عنها والعمل على استكمال ما لم يتحقق حتى الآن من أهدافها، ومن ثم لا مجال لافتعال أى تناقض.
غير أننا بدأنا نسمع نغمة غريبة مفادها أن الجماهير أدت ما عليها وأسقطت النظام ثم توجهت إلى صناديق الاقتراع لتختار ممثليها فى البرلمان،
 وبالتالى عليها الآن أن تنصرف عائدة إلى ما كانت عليه وترك من اختارتهم لينوبوا عنها كى يكملوا بناء ما تبقى من مؤسسات النظام الجديد. بل إن البعض ذهب إلى حد تصوير خروج الجماهير التى تستعد للخروج اليوم إلى الميادين للمطالبة باستكمال تحقيق بقية أهداف الثورة وكأنها تتحدى مجلس الشعب وتحتج على نتائج الانتخابات البرلمانية.
 وليس هذا صحيحا على الإطلاق. فلا يوجد أى تناقض بين ما تسعى الجماهير المصرية لتحقيقه، باحتشادها اليوم فى الميادين، وبين المهمة الملقاة على عاتق المجلس، التى يجب أن تكرس لحماية الثورة ودعم مسيرتها.
بعبارة أخرى يمكن القول إن الميدان ليس فى تناقض مع القبة، وإنما يكملان بعضهما البعض فى تناغم تام.
ولأن مجلس الشعب، حتى بتشكيلته الراهنة التى قد لا ترضى البعض، يكاد يكون هو نقطة الضوء الوحيدة فى مشهد ما زال يلفه الضباب، أزعم أن الجماهير ستخرج اليوم بكثافة لتبعث برسائل متعددة إلى كل من يهمه الأمر:
١- فهناك رسالة دعم وتأييد للسلطة التشريعية لمؤازرتها فى مهمتها الصعبة ولتذكيرها بضرورة أن تركز الجهد فى هذه المرحلة على إزالة البنى والهياكل التشريعية القديمة والتأسيس لبنية تشريعية متكاملة جديدة تقوم على مبدأى المواطنة واحترام حقوق الإنسان.
 وفى هذا السياق أحسب أن على السلطة التشريعية أن تحسن اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، من ناحية،
 وأن تسارع دون إبطاء بإصدار قانون يحقق الاستقلال الكامل للقضاء ويلغى حالة الطوارئ على الفور، من ناحية أخرى.
٢- وهناك رسالة احتجاج وتحذير إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، احتجاج على سوء إدارته للمرحلة الانتقالية، وعلى الوقت الذى أضاعه سدى فيما لا طائل من ورائه حين تصرف كجزء من النظام القديم وليس كوكيل للثورة،
وتحذير من الاستمرار على النهج نفسه والسماح للبلطجية والخارجين على القانون فى بإفساد هذا اليوم، وحثه على اتباع نهج يسمح باستكمال بناء الأركان الباقية لنظام ديمقراطى حقيقى قبل أن يقوم بتسليم السلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة فى موعد أقصاه ٣٠ يونيو القادم.
لست مع الخائفين مما قد يحدث فى هذا اليوم، وأظن أن باستطاعة الشباب الذى فجر هذه الثورة الرائعة أن يثبت وجوده مرة أخرى وأن يخرج لنا يوما تاريخيا يذكرنا بتلك الأيام الرائعة التى عشناها معا فى يناير الماضى وبعظمة هذا الشعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ