الخميس، 19 يناير 2012

نحتفل أم نتظاهر؟ بقلم د.حسن نافعة ١٩/ ١/


سألنى عدد من القراء: ماذا ستفعل يوم ٢٥ يناير، هل ستذهب إلى ميدان التحرير للتظاهر مع الشباب، أم ستحتفل به مع المؤسسات الرسمية، أم ستلزم الحذر فى النهاية مفضلا البقاء فى البيت للفرجة على الطرفين مع «حزب الكنبة» عبر وسائل الإعلام؟.
وأود أن أجيب عن هذا السؤال إجابة مباشرة وواضحة وصريحة، بلا «لف أو دوران»: إننى أنوى التوجه إلى ميدان التحرير للانضمام إلى صفوف المطالبين باستكمال تحقيق أهداف ثورة لم تتحقق بالكامل بعد. ولأننى أؤمن بأن الثورة المصرية، التى انطلقت يوم ٢٥ يناير، والتى لم تصل إلى محطتها النهائية بعد، هى ثورة شعب بأكمله، أتمنى أن يخرج الشعب كله إلى ميادين التحرير فى كل المحافظات، للتعبير أولا عن اعتزازه بثورته، وللتأكيد ثانيا على تصميمه على إنجاحها وتمكينها من بلوغ غاياتها النبيلة، كما أتمنى أن يتحلى سلوك المؤسسات الرسمية جميعاً، بما فى ذلك المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب والمجلس الاستشارى، بروح من الفهم والإحساس بالمسؤولية الوطنية، وألا ترى فى الخروج للتظاهر فى هذا اليوم عملاً انتقامياً أو عدائياً موجهاً ضدها.
حين تبين من مناقشاتنا داخل المجلس الاستشارى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيحتفل بهذه المناسبة، كان من الطبيعى أن نرحب بهذا التوجه، وأن نطالب فى الوقت نفسه بأن تنظم هذه الاحتفالية بطريقة تليق بجلال المناسبة وبحساسية اللحظة. ولأن دماء الشهداء الذين سقطوا بعد ١١ فبراير لم تجف بعد، ولم تتخذ حتى الآن إجراءات مقنعة لمعرفة المجرمين الذين تسببوا فى سفك هذه الدماء الغالية تمهيدا لتقديمهم لمحاكمة عادلة تردع كل من تسول له نفسه ارتكاب جرائم مماثلة فى المستقبل، تبدو الحاجة ماسة لإخراج هذا اليوم بصورة تليق بشعب متحضر صنع واحدة من أعظم الثورات فى التاريخ، لذا يتعين أن تتحلى جميع الأطراف المعنية بأقصى درجات الإحساس بالمسؤولية.
بوسع المجلس الأعلى أن يسهم فى إنجاح هذا اليوم إذا جاءت تهنئته للشعب المصرى مصحوبة: ١- باعتذار عما وقع من أحداث مؤسفة تسببت فى سقوط شهداء وجرحى. ٢- جدد التزامه بالإعلان عن نتائج التحقيقات فى أعمال العنف، للكشف عن المتورطين فى سفك دماء المصريين أو انتهاك كرامتهم، سواء كانوا من المدنيين أو العسكريين، وتقديمهم إلى محاكمة عادلة لينالوا الجزاء الذى يستحقونه. ٣- قام بتكريم جميع الشهداء رسميا، واتخذ جميع الإجراءات اللازمة لعلاج الجرحى ورعاية أسرهم. ٤- أعلن التزامه بتقديم الحماية اللازمة للمتظاهرين والقبض على الخارجين عن القانون من البلطجية ومثيرى الشعب.
بوسع الشباب، الذى سينظم مسيرات الشموع أو سيخرج إلى الميادين للتعبير عن المطالب الخاصة باستكمال أهداف الثورة والقصاص لدماء شهدائها، أن يسهم فى إنجاح هذا اليوم إذا استطاع أن يستعيد فى ذاكرته مشهد ميدان التحرير حين كان المتظاهرون يصعدون إلى ظهور دبابات ومصفحات كان يدرك يقيناً أنها تحمى ظهورهم وتمكنهم من ممارسة حقهم فى الثورة على نظام ظالم وفاسد. ولأن هذا المشهد بالذات كان من بين أهم المشاهد التى بهرت العالم وأضفت بعداً حضارياً على الثورة المصرية، فلن يعدم الشباب وسيلة للتعبير عن امتنانهم للجيش المصرى ولتكريمه كى يقطعوا الطريق نهائيا على كل من يحاول افتعال صدام بين الشعب والجيش.
وبوسع مجلس الشعب أن يقدم مساهمة جادة لإنجاح هذا اليوم إن تذكر أعضاؤه أن الثورة هى التى أوصلتهم إلى هذا المكان، وأن العمل على تحقيق غاياتها النهائية يجب أن يعلو فوق كل الحسابات والمناورات الحزبية والصراع على الحصص والمناصب. ولتكن جلسة انعقاده الأولى يوم ٢٣ يناير المقبل هى المناسبة التى يعلن فيها انتماءه للثورة والتزامه بالعمل على تحقيق أهدافها كاملة وتقديم كل ما هو ضرورى وممكن لحمايتها. ولأن التوافق الوطنى هو الوسيلة الوحيدة لحماية الثورة، فعلى مجلس الشعب أن يعلن نيته تشكيل جمعية تأسيسية توافقية فى أسرع وقت ممكن حتى يتسنى الانتهاء من كتابة الدستور قبل الانتخابات الرئاسية.
أما المجلس الاستشارى فبوسعه، بدوره، أن يقدم مساهمة لإنجاح هذا اليوم بالتأكيد على أنه ليس موظفا عند المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإدراك أن قيمة ما يقدمه من مشورة للمجلس العسكرى تتوقف على مدى الالتزام بمبادئ وأهداف الثورة والمساهمة فى صنع توافق وطنى حول هذه المبادئ والأهداف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ