الجمعة، 20 يناير 2012

قصيدة الكفر! بقلم محمد سلماوى ٢٠/ ١/ ٢٠١٢


لم أكن أتصور أننا بعد مرور عام كامل على قيام الثورة، سنكون مازلنا بحاجة للنزول إلى ميدان التحرير فى مليونية جديدة تطالب بنفس المطالب التى طالب بها الشعب فى العام الماضى، وهى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، فمازلنا فى الذكرى الأولى لقيام الثورة، لم نمارس الحرية فى اختيار حاكم البلاد، ولم نستكمل العملية الديمقرطية، ولا اقتربنا من تحقيق العدالة الاجتماعية، أما عن الكرامة الإنسانية فلنسأل شباب الثوار عن المعاملة التى يلقونها على أيدى الأجهزة المعنية وغير المعنية، لذلك ففى الوقت الذى يسعى شباب الثورة فيه لأن تظل «الثورة مستمرة»، فإن حقائق الحياة السياسية تؤكد كل يوم أن المستمرة هى وتيرة العمل السياسى التى أسسها النظام السابق، وأننا مازلنا نسير عليها بعد مرور سنة على سقوط ذلك النظام.
لقد باع النظام السابق للعالم وهماً يقول إن نظام مبارك إذا سقط فإن البديل الوحيد سيكون الإسلام السياسى، ثم جاءت الثورة لتثبت على مسمع ومشهد من العالم، أن هناك قوى أخرى فاعلة تستطيع أن تسقط واحداً من أكثر النظم السياسية استبداداً، وأنها قادرة على ذلك حتى لو أصدر فصيل من «الإسلاميين» توجيهات لأتباعه بعدم النزول إلى ميدان التحرير يوم ٢٥ يناير ٢٠١١، وأصدر فصيل آخر فتوى بأن الخروج على الحاكم كفر.
لكن ها نحن بعد مرور سنة على اكتشاف تلك الحقيقة، نجد أن الإسلام السياسى هو الذى حل محل النظام السابق وفرض سيطرته على الحياة السياسية بمساعدة من يتولون زمام الأمور، وأن قوى الثورة التى أيدتها جميع فئات الشعب مازالت فى الشارع تعد لمليونية جديدة يوم ٢٥ يناير.
وليس أدل على سيطرة القوى الدينية على المشهد السياسى من ذلك البرلمان المسمى «برلمان الثورة»، الذى تسيطر عليه أقدم القوى السياسية فى مصر وأكثرها رجعية، فكانت بداية القصيدة كفراً، وها هى بقية أبيات القصيدة تتكشف أمامنا فنجد الأغلبية البرلمانية تتبع نفس أسلوب أغلبية أحمد عز وكمال الشاذلى وصفوت الشريف، فتوزع المواقع القيادية للبرلمان عن طريق الاستئثار، فتستحوذ على موقع رئيس البرلمان وعلى موقع نائبه الأول، ثم تمنح موقع النائب الثانى للحزب الذى تحالف معهم قبل الانتخابات، فخسر الكثير من رصيده التاريخى عند الناس، ثم ها هو البيت التالى فى القصيدة يقول إن هذا الاتجاه الدينى الذى يبدو أنه سيحدد لنا كل شىء فى الحياة، كما كانت تفعل أغلبية الحزب الوطنى السابقة، يقوم الآن باختيار رئيس الجمهورية أيضاً، الذى يفترض أنه الأمل الباقى للخروج من سيطرة تلك الأغلبية الجديدة، فقد وجدناهم يعلنون أنهم وصلوا إلى اختيار شخصية توافقية لمنصب رئيس الجمهورية، والحقيقة أنهم لم يتوافقوا فى ذلك إلا مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى وجد فى المرشح المذكور مدافعاً متطوعاً عن أدائه، الذى لا يلقى قبول الجماهير، ولم يتم استطلاع رأى أى من القوى السياسية فى ذلك ولا توافقت هذه القوى على ذلك المرشح.
لقد قامت فى البلاد ثورة، وأولى نتائج هذه الثورة أن الشعب أصبح قوة مؤثرة فى أى قرار، وأنه لم يعد مقبولاً أن يتم عقد الصفقات السياسية فى الخفاء وبعيداً عن الشعب.
إن اختيار رئيس الجمهورية القادم ليس من صلاحيات المجلس العسكرى، ولا هو مهمة الأغلبية البرلمانية، التى تريد أن تستحوذ على البرلمان وعلى الدستور وعلى رئاسة الجمهورية، وكأن الشعب مازال هو شعب النظام السابق، الذى تصور البعض أنه لا حول له ولا قوة، وإذا كنتم لا تدركون أن الشعب قد تغير فإن تلك الحقيقة ستنفجر حتماً فى وجوهكم، منهية قصيدة الكفر التى تواصلون نظم أبياتها المارقة فى الخفاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ