الاثنين، 23 يناير 2012

تعالوا نتعاهد على بناء مصر بقلم د. يحيى الجمل ٢٣/ ١/ ٢٠١٢


نحن نعيش أياماً تاريخية بكل معنى الكلمة. بعد يومين اثنين يكون قد مرّت على ثورة الشعب المصرى سنة كاملة لم تكن سنة عادية سواء فى مقدماتها أو فى أسابيعها الأولى أو على مدار السنة كلها.
ولعل أهم ما نستطيع أن نفخر به أن شعب مصر كله وفى طليعته مجموعة من أنبل شبابه جمعت بين كل أطياف هذه الأمة العظيمة كسرت حاجز الخوف، وأزاحت من على رأس الدولة طاغية كان يظن أنه لا بديل له ولا غنى عنه.
وفتحت تلك الأيام العظيمة المباركة الباب أمام تحول ديمقراطى حقيقى كانت مصر تتطلع إليه، وتظن أنها لن تبلغه ولكنها بدأته فعلاً، وجرت أول انتخابات حقيقية لا تزوير فيها ولا تزييف، وإنما تعبير حقيقى عن إرادة الناس، وفى أى نظام ديمقراطى لابد أن نتقبل إرادة الناس سواء اتفقت مع توجهاتنا ورغباتنا أم لم تتفق. هذه هى الديمقراطية.
وكما قلت دائماً وأقول اليوم إن الديمقراطية هى مدرسة الديمقراطية. ولا يمكن أن يتعلم الناس الديمقراطية ويؤمنوا بها إلاّ من خلال ممارستها. وكما قلت دائماً وأقول اليوم إن الديمقراطية هى النظام السياسى القادر على تصحيح أخطائه من داخله. الأنظمة الاستبدادية لا تتغيّر ولا تصحح أخطاءها إلا عن طريق كسرها قسراً عن إرادة الطغاة الحاكمين، ولكن النظام الديمقراطى هو الوحيد القادر على تصحيح نفسه من داخله. اخترنا اليوم هذا التيار، وإذا أثبت أنه قادر على تحقيق آمال الناخبين ورغباتهم وتطلعاتهم فإننا سنعيد اختياره غداً.
 أما إذا لم ينجح فى شىء من ذلك فإننا فى أول انتخابات قادمة سنغير من اخترناهم ونأتى بغيرهم نعتقد أنهم قادرون على تحقيق ما نريد. هذه هى آلية الديمقراطية وهذا هو جوهرها. وتعالوا نتعاقد أول ما نتعاهد على أن نصون النظام الديمقراطى وألا نخونه. إن خيانة النظام الديمقراطى هى خيانة لمستقبل الوطن ولكل أبنائه، لهذا علينا جميعاً أن نرعى الأمانة وأن نحافظ عليها.
وبعد أن نؤكد دعائم النظام الديمقراطى بدستور توافقى ترضى عنه غالبية المصريين ويتفق مع التطورات الدستورية الحديثة ويقيم مؤسسات حقيقية ويوازن بين السلطات ويؤكد الحقوق والحريات لكل أبناء الوطن بغير تمييز ويرسى سيادة القانون واستقلال القضاء ويطلق حرية الإبداع والتعبير ويدعم البحث العلمى ويؤكد العدالة الاجتماعية ولا يطحن الفقراء لصالح الأغنياء كما تفعل الرأسمالية المتوحشة، ويؤكد حرية الاعتقاد والتعددية الأساسية. علينا جميعاً أن نتعاهد على أن نحمى هذا الدستور الذى يحمى النظام الديمقراطى ويصونه ويؤكد مسيرته وآلياته.
تعالوا نتعاهد على ألا يقصى بعضنا البعض وعلى ألا يستأثر بعضنا بكل النعم ويلقى على الآخرين كل النقم. تعالوا نتداع إلى نوع من ثقافة الحوار هى الحاضنة للنظام الديمقراطى ولتفعيل الحياة الدستورية.
تعالوا نتعاهد فى هذه الأيام الطيبة على أن مصر لم تعد فى حاجة إلى الحناجر بقدر حاجتها إلى الأيادى العاملة المنتجة.
مصر فى حاجة إلى أن يعمل كل أبنائها فى ميادين الإنتاج المختلفة زراعية وصناعية وسياحية. هذا هو الذى يبنى مصر ويضمن الحياة الكريمة. ألم تكن الكرامة هى أحد المطالب الأساسية لثورة ٢٥ يناير العظيمة التى نعيش أريجها فى هذه الأيام؟!
بالإنتاج فى كل النواحى نسد حاجة المواطنين ولا نعتمد فى غذائنا وكسائنا على الاستيراد، عكس ذلك هو المطلوب. نحن نحتاج إلى أن نزيد إنتاجنا لكى نبدأ التصدير كما فعلت دول كثيرة ليست أغنى منا من حيث عناصر الثروة الحقيقية، ولكن لديها الإرادة الحسنة والتخطيط السليم.
وتعالوا نتعاهد على أن نبنى مصر بناء علمياً يؤمن بالبحث العلمى ويؤمن بأن التعليم الحقيقى هو الذى ينتج العقول القادرة على التفكير والإبداع وليس على الحفظ والترديد.
التقدم فى العالم كله قام على دعامتين أساسيتين:
الدعامة الأولى اسمها الديمقراطية بما يفيد من التعددية السياسية وسيادة القانون والدولة المدنية التى لا تمييز بين مواطنيها بسبب الجنس أو اللغة أو العقيدة أو الدين.
أما الدعامة الثانية فهى البحث العلمى الجاد الذى يواكب منارة العصر ويضيف إلى علومه ولا يعيش عالة على الآخرين، ويبنى العقل المبدع القادر على التفكير وإنتاج المعرفة.
تعالوا نتعاهد على بناء مصر بكل هذه العناصر والمقومات.
وأرجو أن نفكر جميعاً فى هذا الذى يدعو إليه العقل والدين والوطن والمستقبل والأجيال القادمة، فإذا ارتضينا به عملنا بغير تردد على تحقيقه.
كفانا هتافاً وتعالوا إلى العمل. لقد حانت ساعة العمل، وليكن عيد ٢٥ يناير عيداً للعمل والتعاهد من أجل بناء مصر ومستقبل مصر.
والله المستعان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ