الخميس، 5 يناير 2012

تطويع الدين للسياسة


  بقلم   فريدة الشوباشى    ٥/ ١/ ٢٠١٢
بينما يتطلع المصريون إلى عهد جديد وفتح صفحة جديدة فى تاريخهم المعاصر، انهال علينا سيل «الفتاوى» التى تبيح المحظورات وتغدق التخريجات التى تحلل الحرام وتحرم الحلال، وكأننا مازلنا فى عصر حسنى مبارك، بل فى عصر أشد ظلاماً وفساداً.. وقد يكون الوقت مبكراً لنفهم لماذا انصرف المصريون إلى شيوخ الفضائيات التى «تدفع بالدولار» والتى تسعى إلى قلب الموازين وإرساء دعائم الفتنة الطائفية التى باتت الدعوة إليها علناً، كما شاهدنا أمس فى صدر الصفحة الأولى لـ«المصرى اليوم» فى فتاوى الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، الذى يعد المرجعية الشرعية لحزب النور.. وقبل أن أتناول بعضاً من «دُرر» الرجل أشير إلى أن جميع شيوخ الفضائيات الممولة من الخارج يتحدثون فى السياسة أكثر بكثير مما يتحدثون فى الدين، مثل الهجوم على الدكتور محمد البرادعى، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أو وصم الليبراليين بالكفر أو تحديد الأحزاب الجديرة وحدها بثقة الناخبين على أساس طائفى صارخ، وعلى سبيل المثال فقد أعلن قيادى من جماعة الإخوان أن الجماعة قد توافق على منح أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة «حصانة» من المساءلة القانونية والجنائية، إذا كانت لديه الرغبة فى ذلك لتسهيل نقل السلطة..
وإذا تركنا للمجلس العسكرى الرد على ما هو، دون شك، إهانة بالغة واتهام خطير، فهل يجوز التهاون فى قيم العدل والنزاهة والمساواة وحماية حقوق الشعب من الفساد والفاسدين، وكلها قيم دينية مقابل «تسليم السلطة؟!» وطبعاً تسليمها للإخوان! أما الدكتور «برهامى» فقد بلغ حماسه «الدينى» حتى مطالبة أتباعه بتحدى القانون والدولة التى من المفترض أنها تحمى هذا القانون، باختراق الصمت الانتخابى للدعاية لحزب النور.. الرجل إذن لا يخفى استغلال منبره أو منابره ليس للدعوة بل لخدمة تيار معين وحزب النور تحديداً بهدف الوصول إلى السلطة..
والسيد «برهامى» يحرض على خرق قواعد الانتخابات التى أقرتها الدولة ويعتبر الدعاية لحزبه من صلب الدين، لأن «الدين النصيحة»، لكن «النصيحة» تتبخر وتطير عندما يتعلق الأمر بالوطن، حيث يكرر مطالبته المسلمين بعدم تهنئة الأقباط أو المشاركة فى أعيادهم، مع إضافة مفرداته الراقية عن «كفرهم وعقيدتهم الفاسدة!».. وفى ذات السياق، أكد «برهامى» أن حزب النور «ملتزم» باتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل!
ولم يتعب الدكتور فى إخراج الفتوى الجاهزة فى أدراج عقله فقال: إن تغيير الواقع المخالف للشرع مرتبط بالمصلحة والمفسدة! وهو ما يتفق مع ما قاله القيادى الإخوانى عن الخروج الآمن للمجلس العسكرى.. أى أن «الدين» الذى طالبوا الجميع بانتخابهم على أساسه والتعهد بتطبيق قيمه ومبادئه، قد بات فى خدمة كراسى السلطة وتوجيه «الفتاوى» وفق متطلباتها.. ومن أجمل ما قرأت تعليقاً على «تويتر» لأحمد البدرى يقول: «من أطرف المواقف فى ٢٠١١ أن التيار الذى هرول للاتصال والتطبيع مع الصهاينة يتردد ألف مرة فى تقديم التهانى فى أعياد المسيحيين»، كان الرد الشعبى المصرى رائعاً فى التحرير ليلة رأس السنة الميلادية.. و.. شالوم يا دكتور «برهامى»!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ