بقلم علاء الدين عبدالمنعم ٤/ ١/ ٢٠١٢
فى
٢٥ يناير ٢٠١١ هب الشعب المصرى من أجل الحرية والكرامة، ولم يكن للشعب إلا
انتماء واحد وهوية واحدة، هى الهوية المصرية ولم تكن هناك طائفية دينية أو
صراعات سياسية أو اختلافات أيديولوجية، وكانت الحشود الهادرة فى الميادين
فقط لمصريين، لم يكن هناك مسلمون أو مسيحيون أو يساريون أو يمينيون، ولا
إسلاميون أو ليبراليون، وكانت هذه الوحدة فى الصف والهدف هى السبب الرئيسى
بل الوحيد فى إزاحة الديكتاتور السابق وبعض بطانته. وبعد رحيل مبارك عن الحكم وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة حكم وإدارة البلاد وقعنا جميعاً فى عدة أخطاء أدت إلى ما نشهده اليوم من انقسام واستقطاب وصراعات قد تؤدى إلى إجهاض الثورة ما لم نتدارك أمورنا لدفع هذه الأخطار المحدقة بالوطن، وتمثلت هذه الأخطاء فيما يلى: ١- لم تتفق قوى الثورة على قيادة لها تمثلها وتعمل على حمايتها وتطويرها وفرض إرادتها لتحقيق أهدافها. ٢- النتيجة الحتمية لنجاح الثورة تتمثل فى سقوط الدستور بالكامل، الذى كان يحكم به النظام الذى ثار المصريون للإطاحة به، وبدلاً من الشروع فى إجراءات وضع دستور جديد للبلاد بانتخاب هيئة تأسيسية لوضع هذا الدستور لجأنا إلى ترقيع الدستور الساقط. ٣- طُرحت هذه التعديلات فى استفتاء «الفتنة الأولى»، وفى هذا الاستفتاء ـ الذى يعتبر خطيئة دستورية ـ انقسم الشعب إلى فئتين: فئة تناصر وتؤيد التعديلات، وحشدت لذلك كل الإمكانيات بل استغلت المشاعر الدينية للتأييد، فوصل الأمر إلى التبشير بالجنة فى حالة الموافقة، ومن الجهة المقابلة حشدت الفئة التى ترفض التعديلات وتطالب بدستور جديد – وأنا واحد منهم – كل إمكانياتها الإعلامية والدعائية لدفع المواطنين لرفض هذه التعديلات، وجاءت النتيجة أن الأغلبية قررت الموافقة على التعديلات وكان مؤدى حكم الأغلبية أن يبقى دستور ٧١ كما هو مع تعديل بعض مواده التى تم الاستفتاء عليها. ٤- بالمخالفة لنتيجة الاستفتاء أصدر المجلس العسكرى - وبإرادته المنفردة - إعلاناً دستورياً ألغى بموجبه كل أحكام الدستور وأيضاً أهدر نتيجة الاستفتاء وخرج لنا بدستور مؤقت ينظم سلطاته ويعطى لنفسه صلاحيات لم يستفت عليها الشعب، وأبقى هذا الإعلان على أدوات النظام السابق ومؤسساته كمجلس الشورى الذى لا حاجة لنا به ونسبة الـ٥٠% عمال وفلاحين. ٥- لم يبادر المجلس العسكرى باتخاذ إجراءات ثورية لطالما طالب بها الثوار كحل الحزب الوطنى والمحليات، بل إنه أبقى كبار رموز النظام السابق فى مواقعهم يمارسون أعمالهم كرئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، ورئيس مباحث أمن الدولة، وجميع المحافظين وأغلب الوزراء، وقيادات الصحافة والإعلام، مما كان له آثار مفجعة فى تعطيل مسيرة الثورة وعرقلتها، وكذلك فى إعدام أدلة إدانة النظام السابق وأدلة إدانتهم الشخصية وكان لكل ذلك الأثر الكبير فى أن تكون أدلة الإدانة مائعة لا تمكن القضاء من القصاص العادل. ٦- انجر الشعب لعدة فتن، أولاها الاستفتاء، ومن بعده «الدستور أولاً أم الانتخابات أولاً»، ثم الوفاق القومى، والحوار الوطنى، ثم المبادئ الحاكمة للدستور للدكتور يحيى الجمل، ومن بعدها وثيقة الدكتور على السلمى، وكان لكل ذلك أثره فى حالة الاستقطاب والانقسام. ٧- بالغت القوى الثورية المختلفة فى تنظيم المليونيات التى لا تشكل توافقاً عاماً، فبدلاً من أن يكون ميدان التحرير رمزاً لتوحد المطالب وتوحيد الأهداف أصبح إحدى وسائل الانقسام. ٨- فى ظل طغيان حديث السياسة أهملنا العمل على تدعيم الاقتصاد بل أهملنا قيمة العمل ذاته فأُغلقت مئات المصانع وتشرد آلاف العمال وهربت السياحة فازدادت البطالة وضاق الرزق، ونسب أعداء الثورة كل ذلك للثورة وللثوار وهم أبرياء، وساد الانفلات الأمنى – بفعل فاعل – فكَرِه كثير من المطحونين وفئات من الشعب الثورة والثوار. ٩- تعاملت السلطات بمعايير مزدوجة مع فئات الشعب، فتارة تتحلى باللين والمهادنة والمعاملة الكريمة مع من لا يستحقون ذلك، وتارة أخرى تتعامل بالقوة المفرطة والقسوة البالغة مع من لا يستحقون ذلك أيضاً فرأينا تفريطاً هنا وإفراطاً هناك. ١٠- ثم كانت اليد الرخوة لسلطات الدولة فى مواجهة البلطجة والبلطجية، وتهاون مشين مع من يتآمرون على سلامة الوطن ويتلقون دعماً وأموالاً من الخارج لتخريب البلاد. ١١- ومحصلة هذه الأخطاء انقسام الشعب المصرى إلى طوائف: إسلاميين وليبراليين، إخوان مسلمين وسلفيين، أحزاب قديمة وأخرى جديدة، الكتلة المصرية والثورة مستمرة، مؤيد للمجلس العسكرى بالحق والباطل ومعارض بل كاره للمجلس العسكرى بالحق والباطل، ميدان التحرير وميدان العباسية، وقبل كل ذلك مسلمين وأقباط، هذا ما وصلنا إليه، فمن المسؤول؟ أدعو كل المخلصين من أبناء مصر أن يعودوا جميعاً مصريين بروح ٢٥ يناير ٢٠١١، فبذلك نحقق أهداف الثورة وآمال الشعب المصرى كله فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق