الأحد، 1 يناير 2012

النقد الذاتى


  بقلم   د. عمرو الشوبكى    ١/ ١/ ٢٠١٢
فى تاريخ كل الحركات والتجارب السياسية هناك شىء اسمه الاعتراف بالخطأ قد يترجم بالانسحاب من الحياة السياسية أو الاستقالة من موقع المسؤولية، أو تقديم نقد ذاتى بغرض التصحيح والتقدم للأمام.
التجارب الفاشلة هى التى لا يستمع مسؤولوها ولا قادتها إلى أى نقد، ويعتبرون أنهم دائما على صواب وأن الآخرين إما متمردين أو حاقدين، هؤلاء سرعان ما تختفى تجاربهم وتصبح ذكرى غير طيبة لأنهم تعاملوا مع السياسة على أنها «ولولة» و«تطجين» وليست علما واعترافا بالأخطاء من أجل التقدم وإعادة البناء.
لم تحقق الأحزاب المدنية الواعدة النتائج التى كانت تريدها، وأولها حزب العدل الشاب، مروا بالوسط وانتهاء بالاجتماعى الديمقراطى، صحيح أنها أحزاب ظهرت بعد الثورة مقارنة بالإخوان والسلفيين (كانوا موجودين كجماعات دعوية قوية وتحولوا فجأة إلى أحزاب سياسية) إلا أن واجبهم أمام أعضائهم ومناصريهم أن يقولوا لهم أين الخلل، ولماذا لم يحققوا النتائج المرجوة فى هذه الانتخابات.
هناك أسباب تتعلق بالظروف المحيطة بالعملية الانتخابية، والتى كانت فى كثير منها فى غير صالح الأحزاب المدنية، إلا أن الأخيرة ارتكبت سلسلة من الأخطاء بدأت بالدفاع عن واحد من أسوأ القوانين الانتخابية (نظام القائمة بصورته الحالية)، لتقدم هدية للتيار الإسلامى تستحق الشكر، فى مشهد يدل على حجم الانفصال الذى يعيشه جانب من هذه التيارات عن الواقع المعاش، وكيف أنها على مدار ١٠ أشهر دافعت عن خيارات تخصم من رصيدها فى الشارع.
سنظل نكرر ما سبق أن قلناه مرارا عن ضرورة تبنى النظام الفردى فى الانتخابات مطعما بنظام القوائم، والمقصود هنا أن يغطى الأول ثلثى الدوائر بصورة لا تختلف كثيرا عن الدوائر القديمة، ثم يتم اعتماد نظام القائمة فى الثلث الباقى على مستوى كل محافظة، فتعطى مثلا محافظة القاهرة ٢٠ مقعدا والقليوبية ٥ والجيزة ١٠ وهكذا تبعا لعدد السكان.
وأيا كان الرأى فى أى مقترحات تتعلق بقانون الانتخابات القادم، فإن القوى المدنية ارتكبت على الأرض أخطاء كثيرة أدت إلى خسارتها، فكثيرا ما دخلت فصائل قريبة من بعضها فى منافسات صغيرة واتهامات أصغر وبعضها سلطت عليها قيادات خصمت من رصيدها، وهى كلها أمور تحتاج إلى مناقشة مفتوحة ومصارحة حقيقية مع الذات لا تكتفى بتبرير الخسارة بأن الطرف الآخر ردد شعارات دينية وارتكب تجاوزات أثناء العملية الانتخابية.
على كل القوى المدنية سواء تلك التى تمتلك مرجعية إسلامية (الوسط) أو تلك التى تمتلك مرجعية وسطية (العدل) أو يسارية ديمقراطية (الاجتماعى الديمقراطى) أو ليبرالية (المصريين الأحرار) أو محافظة (الوفد) ـ أن تفتح نقاشا حرا لأن كل هؤلاء كانت لهم طموحات أكبر بكثير من النتائج.
إن لبعض هذه القوى تراث فى تقبل النقد الذاتى أذكر منه رد فعل حزب الوسط حين كتبت العام الماضى مقالا تحت عنوان المواطن الحائر بين الحكومة والمعارضة، انتقدت فيه طريقة بعض قادة الحزب فى التعامل مع الجمعية الوطنية للتغيير وخصصت صديقنا المحامى اللامع عصام سلطان، وتوقعت نقاشا خلافيا محترما بيننا، ولكنى فوجئت بنشر المقال على موقع حزب الوسط كما هو واتصال هاتفى من المحامى الشهير لشرح وجهه نظرة.
نغم هناك تراث لدى كثير من التيارات المدنية والإسلامية الوسطية فى المراجعة والاعتراف بالأخطاء يمكن البناء عليه من أجل المستقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ