الأحد، 1 يناير 2012

العسكرى والإسلاميون والثوار.. وطن واحد و٣ ألسنة



  دراسة   د.عماد عبداللطيف    ١/ ١/ ٢٠١٢
تحكى إحدى أساطير سِفر التكوين أن أهل الأرض بعد أن نجوا من الطوفان كانوا يتكلمون لغة واحدة، وتشيع بينهم روح التعايش والتعاون، ويجمعهم حلم واحد هو أن يبنوا مدينة عظيمة ويشيِّدوا فيها برجًا تبلغ قمته السماء، وقبل أن يتحقق حلمهم، اختلفت لغاتهم، وتباينت خطاباتهم، فتخاصموا وتصارعوا، وكفوا عن بناء المدينة، وتشتتوا، ولم يبق من برجهم أثر ولا من مدينتهم إلا الركام.
فى الموجة الأولى من الثورة المصرية كانت ميادين مصر تتكلم لغةً واحدةً وخطابًا واحدًا، مفرداته «كرامة.. حرية.. عدالة اجتماعية»، وشعاره «الجيش والشعب.. إيد واحدة». خطابٌ يترك الدين لله ويجعل الوطن للجميع «مسلم.. مسيحى.. إيد واحدة»، وينحاز بلا تردد إلى نظام دولة «مدنية.. مدنية»، تُعيد للإنسان المصرى الإمساك بمقاليد حكم وطنه، بعيدًا عن الديكتاتورية العسكرية والاستبداد الدينى، حينها بدا أن حلم بناء دولة عظيمة، أقرب ما يكون، غير أن استفتاء ١٩ مارس على التعديلات الدستورية كشف عمق اختلاف الألسنة والمصالح، فكانت أولى معارك حرب الخطابات.
استمرت هذه الحرب متصلة على مدار الشهور التالية. وفى اللحظة الراهنة يمكن التمييز بين ٣ خطابات كبرى متصارعة على ساحة السياسة المصرية، الأول خطاب المجلس العسكرى والثانى خطاب الإسلاميين والثالث خطاب ميدان التحرير بعد أن هجره الإسلاميون، وعاداه العسكريون، وسنحاول بلورة ملامح كل خطاب من الثلاثة ونوع الشرعية التى يستند إليها، والتعرف على مدى تأثيره فى الجماهير، وكيفية تحقيق هذا التأثير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ