الجمعة، 13 يناير 2012

الديمقراطية المضاعفة بقلم محمد سلماوى ١٣/ ١/ ٢٠١٢


أعجب من هؤلاء الذين لا يريدون لتجربتنا الديمقراطية أن تكتمل، والذين لجأوا أخيراً للقضاء لإبطال الانتخابات الأخيرة لمجرد أن ١٢ مليوناً من الناخبين قد تكررت أسماؤهم فى كشوف الانتخاب.
لقد تعودنا فى انتخابات الحزب الوطنى الديمقراطى خلال العقود الأربعة الماضية أن يتزايد نطاق الممارسة الديمقراطية من عام إلى عام، حتى أصبح فى النهاية يكفل حق التصويت لجميع المواطنين بما فى ذلك من لم يذهبوا للإدلاء بأصواتهم، ومن لقوا وجه ربهم راضين مرضيين فدخلوا فى عباد الله ودخلوا جنته.
ولقد تعالت أصوات بعد الثورة تطالب بمنع الأموات من التصويت وبعدم تسويد أوراق من لم يتوجهوا لصناديق الانتخاب، فكانوا بذلك يطالبون بالحد من الممارسة الديمقراطية التى أتاحها النظام السابق للمواطنين وبحظر التصويت على البعض بحجة أنهم أموات، أو لمجرد أنهم لم يذهبوا للتصويت.
طبعاً هذا الوضع غير جائز، فالثورة قامت من أجل الديمقراطية والحرية بالإضافة طبعاً للكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، لكن رأى من يتولون الآن شؤون البلاد أن هذين المبدأين الأخيرين يمكن أن ينتظرا قليلاً، خاصة ما يتعلق بالكرامة الإنسانية التى لم يتعود عليها الناس فى ظل حكم دولة الأمن السابقة، وينبغى أولاً أن نجتهد فى البحث عن معناها ثم بعد ذلك ننظر فى كيفية تطبيقها، باعتبارها من المفاهيم الغريبة قليلاً على تراثنا السياسى الحديث، الذى ولد يوم ولد الحزب الوطنى الديمقراطى تماماً كما ولدت مصر يوم ولد الرئيس المفدى صاحب الحكمة والبصيرة ووالد الأستاذ جمال.
وإذا استبعدنا مسألة الكرامة الإنسانية هذه وإذا استبعدنا أيضاً حكاية العدالة الاجتماعية، التى لابد أنها ستستنزف مبالغ كبيرة من خزانة الدولة، لن يبقى أمامنا ما نطبق من المبادئ التى نادت بها الثورة إلا الحرية والديمقراطية، ولما كانت الحرية كلمة جوفاء لا أحد يختلف على أنه لا معنى لها، فقد كان على من يتولون الآن تطبيق مبادئ الثورة، والذين آل إليهم حكم البلاد أن يركزوا على مسألة الديمقراطية وحدها، خاصة ونحن فى موسم انتخابات تزيد فيه زجاجات الزيت وأكياس الدقيق والسكر ويعم الرخاء، فلماذا لا تزيد أيضاً الأصوات؟
وقد علمت من مصادر قريبة من صديق لأحد أعضاء المجلس الاستشارى القريب بدوره من المجلس العسكرى أن كل هؤلاء: الاستشارى والعسكرى والصديق اجتمعوا ليحددوا كيف تتفوق الممارسة الديمقراطية بعد الثورة على مثيلتها قبلها، وبعد عدة اجتماعات متواصلة توصل الرأى إلى أن الطريق الوحيد لزيادة الممارسة الديمقراطية وتوسيع نطاقها ومن ثم التفوق على الممارسات الديمقراطية للحزب الوطنى المنحل هو أن نضاعف من حق المواطنين فى الانتخاب، عن طريق تكرار أسماء ١٢ مليوناً منهم، كدفعة أولى قد تزيد فى انتخابات الرئاسة المقبلة إلى الضعف، بحيث يتمكن المواطن الذى يتكرر اسمه من أن يمارس حقه فى التصويت أكثر من مرة وليس مرة واحدة
وهكذا يمكن للناخب أن ينتخب مرشحاً فى لجنة وآخر فى لجنة أخرى، أما أن الذين تكررت أسماؤهم قد صوتوا جميعاً لحزب واحد كما يتضح من النتيجة المعيبة للانتخابات، فهذا عيب فى الناخب، وليس فيمن وضع هذا النظام، أو ربما كان عيباً فى غياب الزيت والسكر والدقيق عن حملات الأحزاب الأخرى، لكن هذا ينبغى ألا يمس من قريب أو بعيد حق المواطن فى التصويت، الذى إذا أتحناه له أكثر من مرة فى الانتخابات نفسها ضاعفنا من الديمقراطية، وتفوقنا على كل ما اقترفه الحزب الوطنى المنحل طوال ٤٠ عاماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ