الجمعة، 13 يناير 2012

كلنا محرضون بقلم سحر الجعارة ١٣/ ١/ ٢٠١٢


عادت دعاوى «الحسبة السياسية» من جديد إلى الساحة السياسية، لتزيد المشهد الحالى ارتباكاً وضبابية. فمدير عام الشباب والرياضة بطنطا تقدم ببلاغ ضد عدد من الثوار، يتهمهم بالتحريض على إتلاف الممتلكات العامة والخاصة، والاعتداء على أفراد القوات المسلحة، فضلاً عن اتهامه لهم بإثارة الفوضى والبلبلة(!!).
جميعنا نعرف أن القانون اشترط أن يكون المواطن طرفاً أصيلاً فى الدعوى، وقصر تحريك دعاوى الحسبة (دينية أو سياسية) على النيابة وحدها، ولم تعلن أى جهة أخرى مسؤوليتها عن الشكوى. الشاكى تضرر لأنه يمتلك حصة (على المشاع) فى المجمع العلمى والممتلكات العامة، طبقاً للدستور، وقد تكون سيارته - مثلاً - احترقت فى تلك الأحداث، وهى «ملكية خاصة» لابد أن يستميت فى الدفاع عنها! المهم ألا نضع تلك الشكوى تحت بند «المؤامرة على الثورة»، ولا ترهيب الناس من النزول لميدان التحرير يوم ٢٥ يناير!
والأهم ألا نتهم «مواطناً شريفاً» بالاشتراك فى التصفية الأدبية لبعض الشخصيات الوطنية، التى ساهمت فى قيام الثورة واستمرارها حتى الآن. كلنا «محرضون» بشكل أو بآخر على إثارة «الفوضى والبلبلة»، لأننا نكتب - مثلاً - ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين، أو نطالب بتطهير الإعلام، أو نتظاهر طلباً لمجلس رئاسى مدنى!!
كل من يقوم بأحد الأفعال السابقة، ويخرج عن طاعة سلطة الحكم الانتقالى، فهو بمعايير «حزب الاستقرار» محرض على فعل يجرمه القانون! «ربة المنزل» التى اشترت البطاطين من قوت أولادها وأرسلتها للثوار، خلال ١٨ يوماً من الاعتصام، قد تُتهم الآن بتمويل عمليات تخريب وبلطجة، فما بالك بالدكتور «ممدوح حمزة» أو الدكتور «أيمن نور»! البنات اللاتى صرخن ضد كشوف العذرية أو السحل فى الشوارع قطعاً منفلتات أخلاقياً، فويل لـ«نوارة بنت نجم»، التى تملأ الدنيا ضجيجاً فى الميدان وعلى الإنترنت!!
 الغريب والمذهل أن قادة المجلس العسكرى أنفسهم حفظوا التحقيق مع «أسماء محفوظ»، وأن القضاء العسكرى يحقق مع المتهمين بدهس المتظاهرين أمام «ماسبيرو»، حتى ولو كان بتهمة القتل الخطأ.. فماذا فعل المتهمون «الثوار سابقاً» غير التظاهر أو الاعتصام، تضامناً مع مصابى الثورة أو أسر الشهداء؟!
ألم يستجب المجلس العسكرى لمليونية «محاكمة مبارك»، ومليونية «إسقاط حكومة شفيق».. وغيرهما من المليونيات والاعتصامات، ثم صدر قانون يجرمها! ألم يعجل المجلس العسكرى بالجدول الزمنى لنقل السلطة لرئيس منتخب بناءً على اعتراضات النخبة السياسية، تلك التى تُحاكم الآن، ويمنع بعضها من السفر؟!
 أريد أن أعرف ما جريمة الشيخ «مظهر شاهين» تحديداً.. الرجل الذى ساند الجرحى، وضم شهداء الثورة حول منبره أصبح مشاغباً!! «طارق الخولى»، المتهم بحرق المجمع العلمى، كان ينقل مخطوطات المجمع العلمى مع الشباب، ويسلمونها للمجلس العسكرى! ماذا سنفعل لو اكتشفنا أن الذى اشتكى هؤلاء ليس شخصاً، وإنما «جهة سيادية»؟
هل سنجبن عن التضامن معهم أم سنغلق الباب علينا بإحكام فى عيد الثورة الأول؟ هل سنكتم صوت الحق، ونتعلم التطبيل والنفاق لأى حكومة أو حزب أو سلطة؟ السكوت على الاغتيال المعنوى لبعض رموز الثورة هو «تحريض» على تصفيتهم جسدياً!! ومهما اختلفنا معهم، فالحد الأدنى للاتفاق بيننا هو استمرار الثورة حتى تحقيق أهدافها.. إن كان هذا تحريضاً، فتلك تهمة لا أنكرها، وشرف لا أدعيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ