الخميس، 5 يناير 2012

وقفات مع التوافق الوطنى


  بقلم   ممدوح إسماعيل    ٥/ ١/ ٢٠١٢

تتكرر كثيراً عبارة التوافق الوطنى فى وضع الدستور وهى كلمة براقة، لكن كثيراً من المرددين لها يريدون بها ولها معانى كثيرة الأهم منها الخروج عن الإرادة الشعبية التى تبلورت فى انتخابات مجلس الشعب ونزول الملايين من الشعب المصرى بكل اتجاهاته للتعبير عن إرادته فى اختيار نواب مجلس الشعب الذين سيمثلونه فى البرلمان ويعبرون عن كل ما يريده كل مواطن، وقد أظهرت النتائج اتجاهات متباينة للشعب المصرى فى التصويت، فقد فاز التيار الإسلامى «الإخوان والسلفيون» وكذلك الوفد وغيره من التيارات الليبرالية وبعض المستقلين واليساريين، مما أظهر كوكتيلاً متنوعاً لألوان الطيف السياسى فى نتائج الانتخابات.
والشعب عندما أعطى صوته لكل هؤلاء يعلم يقيناً أن البرلمان المقبل هو برلمان الدستور، الذى منحته المادة ٦٠ من الإعلان الدستورى انتخاب هيئة تأسيسية لوضع الدستور، وبالتالى فالمشهد البرلمانى يعطى صورة لما يريده الشعب ويعطى صورة أيضاً أن البرلمان يضم كل طوائف الشعب، ويبقى السؤال ما المشكلة؟
نعم، سؤال لا إجابة له إذا كان البرلمان يضم مختلف قوى الشعب، والشعب اختارهم لوضع الدستور، فما مشكلة التوافق الوطنى هنا؟
الإجابة الخفية التى لا يصرح بها الكثير ممن يرفع صوته بالتوافق الوطنى الآن هى أن البرلمان المقبل ظهرت خريطته والغالبية تتجه نحو الإسلاميين، ورغم أن البرلمان يضم ليبراليين وعلمانيين ويساريين فإن مشكلة الغالبية الإسلامية أقلقت مضاجع من يتغنون وينافقون باسم الديمقراطية وجعلتهم يريدون عمل عملية تحويل فى كل قواعدها وأساسها ويستصرخون أطباء العمليات الممنوعة لإجراء عملية تحول مسارها إلى جنس ثالث، لأن الامتثال لثوابت الديمقراطية سيجعل الإسلاميين لهم كلمة فى بلادهم لأول مرة بعد عقود طويلة من إقصائهم واضطهادهم، وكأن هؤلاء لا يعرفون للديمقراطية غير لغة واحدة هى أن يفوزوا هم بالحكم والتشريع والشعب يسمع ويطيع.
الحقيقة توجب أن يفيق هؤلاء من غفلتهم ويرضخوا لإرادة الشعب المصرى، فلا معنى لتوافق وطنى يخرج عن إرادة الشعب، فالشعب خرج إلى الانتخابات بحرية وأعطى صوته بحرية لمن يريد، رغم كل حملات الترهيب الرهيبة التى مورست ضد التيار الإسلامى ممن ينادون الآن بالتوافق الوطنى، ولو جاءت النتائج بغالبية ليبرالية وعلمانية لقالوا بحتمية تحقيق الإرادة الشعبية وأن يضع الدستور من اختاره الشعب.
ثم ما المراد بتوافق وطنى؟ هل يضع الدستور الجالسون على مقاهى التحليلات وشخصيات لا يريدها الشعب - دستوراً للشعب، أم يضع دستور الشعب من انتخبه الشعب وأراد بقصد واضح وإرادة واضحة بانتخابه أن يضع الدستور؟!
وأخيراً، شعب مصر اختار من يمثله فى وضع الدستور فى انتخابات البرلمان وعلى الجميع الامتثال لتوافق الشعب المصرى، لأن هذه هى الوطنية وهى أبسط مبادئ الديمقراطية، ومحاولة افتعال صدام مع إرادة الشعب خاسرة خاسرة مهما فعلتم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ