الأحد، 1 يناير 2012

الاقتصاد.. شهيد المرحلة الانتقالية


أبو العيون
مضى عام تقريبا على اندلاع ثورة ٢٥ يناير، ولا يزال النزيف مستمرا فى الاقتصاد المصرى، الذى يرى كثيرون أنه الضحية الأولى والأبرز لأحداث وتداعيات الثورة، وما شهدته من أخطاء ارتكبتها القوى الثلاث «المجلس العسكرى، والثوار، والأحزاب السياسية والقوى الإسلامية» ما ساهم فى تكبد الاقتصاد خسائر غير مسبوقة.
أرقام المؤشرات الاقتصادية ترصد بلا مجال للشك تكبد الاقتصاد خسائر «بالجملة»، منها على سبيل المثال لا الحصر استمرار نزيف احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، الذى انخفض إلى نحو ٢٠ مليار دولار، وفقا لأحدث التقارير الصادرة عن البنك، كما ارتفع عجز الموازنة العامة للدولة إلى ١٣٤ مليار جنيه، والرقم مرشح للزيادة إلى نحو ١٨٢ مليارا، كما تراجعت حصيلة السياحة، والاستثمار المباشر، ما ساهم فى تفاقم الأزمة، فضلا عن الاحتياجات التمويلية المقدرة بنحو ١٢ مليار دولار، وكذا تزايد عجز ميزان المدفوعات.
لم تشهد مصر خسائر اقتصادية بهذه الصورة حتى فى ظل حوادث الإرهاب، خلال فترة التسعينيات، أو خلال الأزمة المالية العالمية فى ٢٠٠٨.
ويرى خبراء الاقتصاد أن الأطراف الثلاثة «المجلس العسكرى، والتحرير، والقوى الاسلامية والحزبية» مسؤولون عن تردى الأوضاع الاقتصادية، لأنهم حسب قول أمير رزق، رئيس قطاع الحسابات الختامية السابق بوزارة المالية، يفتقرون إلى الخبرة، وليسوا على دراية بالملف الاقتصادى. ويحمل «رزق» المجلس العسكرى مسؤولية الانفلات الأمنى، وافتقاد المواطن الأمان خلال المرحلة الانتقالية، وعدم الاستقرار السياسى، ما أضر بالاستثمار خاصة الأجنبى.
وأضاف: المسؤولية الأولى تقع على «العسكرى» فى تردى الأوضاع الاقتصادية، باعتباره السلطة الحاكمة، والمسؤولة عن إدارة البلاد خلال هذه المرحلة.
ويرى خبراء أن المجلس العسكرى كان مبكرا فى المبالغة بشأن تردى الأوضاع الاقتصادية، لتخويف الثوار، ما جعل الناس يكرهون الثورة، ولفتوا إلى أن الرأى العام فوجئ بتصريحات اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، عضو المجلس، حول تناقص الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزى إلى ١٥ أو ١٠ مليارات دولار يناير المقبل، إذ كان من المأمول أن تصدر هذه التصريحات عن البنك المركزى.
ثمة مظاهر عديدة للأزمة الحالية، بدأت بالقلاقل السياسية، وما تلاها من تداعيات، انتهت بخفض التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى، والسندات، و٥ بنوك كبرى، وارتبط هذا التخفيض أساسا، حسب قول الدكتور محمود أبوالعيون، محافظ البنك المركزى السابق، بدرجة الثقة فى القدرة المالية للدولة ودرجة الثقة فى استقرار المناخ الاستثمارى.
يضيف «أبوالعيون»: من نتائج ما حدث عقب الثورة، وما تبعها من قلاقل، اهتزاز الثقة الدولية لدى المستثمرين، والدول المانحة فى سرعة تحول الاقتصاد المصرى من الاستقرار المالى إلى القلاقل، وتبع ذلك الانخفاض المستمر فى الاحتياطيات الدولية من ٣٦ إلى نحو ٢٠ مليار دولار.
المظهر الخطير فى الأزمة والذى يحذر منه أبوالعيون هو ما تناقلته وكالات الأنباء ووسائل الإعلام خلال الفترة الأخيرة من تصريحات بعض رموز الأحزاب السياسية خاصة الإسلامية، حول بعض القطاعات المهمة والمولدة للنقد الأجنبى.
حكومة الإنقاذ الوطنى برئاسة الدكتور كمال الجنزورى مطالبة بأن تعلن خطوات مهمة ومحددة خلال الفترة المقبلة، ومنها أنه لا تأميم، أو مصادرة، أو رجوع عن اتفاقات لبيع أصول مصرية، مادامت هذه الاتفاقات تحصنت قانونا، بهدف إرسال رسائل طمأنة للداخل والخارج، هكذا يقترح المحافظ السابق للبنك المركزى.
الأوضاع السابقة لمصر كانت أفضل فيما يخص الاقتراض الخارجى، هكذا يقول مسؤول بارز بالبنك المركزى، وأضاف: كنا نفاوض من موقف قوى، فلم تكن الأوضاع ساءت بالشكل الراهن، وكلما تأخرنا زاد الوضع سوءا، خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ