الاثنين، 9 يناير 2012

الكابوس الذى ينتظرنا بقلم محمد البرغوثى ٩/ ١/ ٢٠١٢


صباح ٢٣ يناير الجارى ستنعقد أول جلسة لمجلس الشعب المنتخب بعد الثورة.
وصباح ٢٥ يناير ستعود القوى الوطنية إلى الميادين للاحتفال بالذكرى الأولى للثورة أو لبدء موجة جديدة من الثورة.
والفارق شاسع بين الهدفين: ففى حالة الاحتفال بالثورة سينضم أعضاء مجلس الشعب إلى هذه الاحتفالية الحاشدة، وسوف تنضم أجهزة الشرطة ــ طبقاً لتصريح وزير الداخلية ــ إلى الاحتفال بوصفه عيداً قومياً لكل المصريين، وفى هذه الحالة لن يكون هناك أى مبرر لتجميع الآلاف من أهالى ضباط الشرطة وضباط الجيش ورجال الإدارة المرعوبين من الثورة فى ميدان العباسية للإيحاء بأن مصر ليست فقط ميدان التحرير وإنما هى بالأساس الأغلبية الصامتة التى عثرت فجأة على من ينوب عنها فى شتم الثورة والثوار، واتهام كل القوى الوطنية بالعمالة وإعلان التأييد المطلق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وفى حالة الاحتشاد فى الميادين لبدء موجة جديدة من الثورة سيجد أعضاء مجلس الشعب أنفسهم فى موقف العداء السافر لهذه الحشود، باعتبارها خروجاً واضحاً على الشرعية الديمقراطية، والمؤكد أن هذا العداء سيؤدى إلى تحرك الحشود لمحاصرة مجلس الشعب منع أعضائه من العمل، وهو الأمر الذى سيضطر الشرطة بالطبع إلى التدخل لحماية الشرعية البرلمانية، وفى هذه الحالة ستعود الباصات المكيفة إلى حمل المؤيدين لمجلس الشعب ونقلهم من القرى والمدن فى كل محافظات مصر إلى القاهرة للاحتشاد فى ميدان العباسية وميدان مصطفى محمود وفى التحرير ذاته.
وفى هذه الحالة لا توجد قوة أمنية أو عسكرية أو حتى شعبية تستطيع الفصل بين الحشود المؤيدة للثورة الجديدة من ناحية، والحشود المؤيدة للتيارات المسيطرة على البرلمان من ناحية أخرى، ولأن «الطرف الثالث» سيكون موجوداً وجاهزاً فمن المستحيل تصور أن تتلاقى هذه الحشود وتنصرف دون اندلاع معارك رهيبة تراق فيها الدماء وتزهق فيها الأرواح، وليس بعيداً أن تقف أجهزة الشرطة فى حياد تام على مشارف المذبحة حتى تنتهى الجماهير الغاضبة والجريحة من وضع الوطن على شفا حرب أهلية، تبرر للمجلس الأعلى للقوات المسلحة اتخاذ قرار عاجل بفرض الأحكام العرفية وإخلاء الميادين بالقوة واجتثاث الحالة الثورية من الجذور.
هذا السيناريو المخيف لا يفارق عقول آلاف المراقبين لحظة واحدة، ولا تكاد جلسة بين عدد من المشتغلين بالشأن العام تنعقد إلا ويصبح هذا السيناريو هو الكابوس الذى لا يدرى أحد كيف نتفادى حدوثه، وإذا حدث ـ لا قدر الله.
أعرف أن ثورة ٢٥ يناير لم تحقق حتى الآن شيئاً من أهدافها، وأعرف أن قوى الثورة المضادة عادت لاحتلال المواقع التى تظاهرت فى البدء أنها غادرتها، وأعرف أن الفقر والفساد وإهدار الكرامة الإنسانية والقسوة فى مواجهة الثوار، والرحمة فى التعامل مع القتلة والفاسدين، كلها أمور تدعو إلى الغضب العارم وتحرض على بدء موجة ثانية من الثورة، ورغم ذلك كله لا أوافق إطلاقاً على أن نمنح أنفسنا لقمة سائغة لهذا المخطط الشيطانى، وأرى أن الفعل الثورى الأصيل ينبغى أن يكون ذكياً، وأن يبادر بإفساد هذا المخطط، وليس هناك طريقة لإفساده غير أن تتحول الذكرى الأولى للثورة إلى احتفالية وطنية مهيبة ورائعة ليوم واحد ننصرف بعده إلى تهيئة الأوضاع لإنهاء الفترة الانتقالية فى موعدها المحدد ٣٠ يونيو المقبل للوصول بالوطن إلى مشارف الأمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ