الاثنين، 9 يناير 2012

«اللى ع الشط عوام» بقلم حمدي رزق ٩/ ١/ ٢٠١٢


الإخوان خائفون، يفكرون، يتساءلون: حكم مصر كيف يكون؟ لعل أشد الجماعات والأحزاب رغبة فى الحكم وخشية منه فى آن واحد هم الأخوان، ظلوا عمرهم ينتظرون تلك اللحظة، لحظة التمكين، وها هم يحصدون من المقاعد ما يؤهلهم لحكم مصر. صار الإخوان فجأة على بعد فرسخ واحد من سدة الحكم، وهم من تقلبوا طويلا فى جحيم المعارضة،
واستناموا طويلا لدور الضحية واستعذبوه، وها قد أزفت الآزفة، فحصدوا على أصوات ما كانت لهم ولا كانت ستكون لولا غباء نظام واجههم أمنيا ثم مد لهم حبل الرجاء، وتركهم يتكاثرون حتى هبوا فجأة ليسدوا عين الشمس عددا وعدة، وخاضوا معركة انتخابية كانت مثل نزهة خلوية عادوا منها غانمين سالمين يحصون ما أفاء الله عليهم من فضله.
ذهبت السكرة ـ سكرة الفوز التى بها يتلذذون، وجاءت الفكرة التى منها يرتعبون، صاروا حكاما بعد أن كانوا محكومين، صاروا نوابا بعد أن كانوا مساجين، صاروا مسؤولين بعد أن كانوا متساءلين، ربما يأتى منهم وزير للداخلية ليصبح جلادا،
وكانوا مجلودين، ووزير للخارجية ليطبع، وكانوا مناهضين، ووزير للمالية لينفق من سعة الدولة، وكانوا لمن سبقهم لائمين، ورئيس للوزراء يخطط وكانوا من قبل لمن الرافضين للخطط وللمخططين، كانوا يقولون نحن أطهر من دنس الحكم، نحن نمتلك الماء الطهور، فصار الحكم بين أيديهم فهل يدنسون؟
اللى ع الشط عوام، والميه تكدب الغطاس، والغطاس الإخوانى ماهر ع الشط، لم يُختبر بعد فى مياه عميقة كمياه الحكم المصرية، كان الغطاس الإخوانى قبلا بيبلبط فى الترع والمصارف ويوزع سكر وزيت ولحمة ويسميها تكافلا اجتماعيا،
ويؤسس لبيوت المال لجمع الصدقات والزكوات ويعيد تدويرها فى ماكينته الاجتماعية بحثا عن أصوات فى ميزان حسناته، كان يرتقى المنابر ناقدا متوعدا بالويل والثبور، رافضا الحكم شيوعيا واشتراكيا ورأسماليا، واعدا بجنة عرضها ما بين أرض مصر وسمائها، كان محل افتخار ليس أبدا محل اختبار.
الآن حصحص الحق، تبوأ الإخوان، ماذا هم فاعلون؟ تلك هى القضية التى فيها يفكرون ويتدبرون، ماكان مطلوبا من الإخوان قبلا إلا النزر اليسير، اقتصاديات جماعة يدفع أعضاؤها الاشتراكات وتتدفق عليها التبرعات، تقيل بها العثرات وتتقوت بها يوم الحشر فى المعتقلات، وتقيم بها أود الممتحنين من أعضائها فى السجون، الإخوان لم يختبروا قبلا، سيختبرون صاعدا، وعند الاختبار تكرم الجماعة أو تهان.
الإخوان قادمون إلى الحكم، هل هم مستعدون؟ وإن استعدوا فإلى أين هم بنا ذاهبون؟ الجسر الجوى الإخوانى بين «القاهرة» و«أنقرة» لن يجدى فى حكم مصر، «أنقرة» غير «القاهرة»، وحكم تركيا غير حكم مصر، تركيا علمانية (بحسب الدستور لو تعلمون)، تركيا صعدت وتنافس، مصر هبطت وتغرق، الاستعانة بالصديق التركى تجوز فى مسابقات جورج قرداحى، لكن الاستعانة بالصديق المصرى هى الأجدى، فأردوجان – أبدا - لن يحكم مصر.
أعلم أن اتجاهات رافضة تسرى بين تيارات ونخب مصرية أن يتركوا الإخوان يحكمون لحالهم دون شراكة، وكما كانوا مغالبين لا مشاركين فى الانتخابات، فليخوضوا تجربتهم وحدهم «وبكره نقعد على الحيطة ونسمع الزيطة»، وتلك كبيرة إلا على الظالمين، مقاطعة الإخوان فى الحكم خطيئة لو تعلمون، الكيد السياسى والمكايدة ليسا فى حكم الدول،
 تفشيل الإخوان فى الحكم لن يكون سوى تفشيل لمصر، والفشل لن يكون إخوانيا، أو إسلاميا، بل مصريا، مصر تحتاج إلى نجاحات لن تحدث إلا بالتعاون، وتعاونوا على البر والتقوى.
حرام على الإخوان أن يضعوا أصابعهم فى آذانهم، وأن يستغشوا ثيابهم ويمتنعوا عن رؤية القوى الوطنية الأخرى، علمانية وليبرالية واشتراكية، اسمعوا صوت مصر وهى تقول لكم: مطلوب من الإخوان عدم الانفراد أو الاستفراد بالحكم، لن تقدروا عليه، كان غيركم أشطر، كان يملك حكم مصر، وأنهار الأموال تجرى من تحته، وعندما انفرد انفرط،
 مطلوب من التيارات الوطنية التكاتف مع الإخوان وليس مقاطعتهم، دعوات المقاطعة التى يشيعها البعض لاختبار الإخوان فى الحكم جائرة على مصر والمصريين، تورثنا ما لا قبل لنا به، تورثنا المهالك، وثورة الجياع لن ترحم أحداً،
 لن تميز بين ما هو إخوان وما هو غير إخوان، ستأكل الأخضر واليابس، لن ترحم أحدا إلا من رحم ربى، حينئذ لن نقول «على نفسها جنت براقش» فبراقش هى مصر المصريين وليست الإخوان المسلمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ