السبت، 14 يناير 2012

أنت بقلم مفيد فوزى ١٤/ ١/ ٢٠١٢


أنت لا تعرف نفسك إلا فى مرايا الآخرين، مرايا صادقة وليست زجاجاً مكسوراً خادعاً! أنت لا تنام مستريحاً وتوقظك أشواك الضمير، لأن السماء ليست مخدتك! أنت قارة نفس بشرية، فيك الطيب والشرير والحسود والحقود والذكى والغبى والعالم والجاهل والشريف والخسيس! أنت كائن محبط، إذا جاءت أحلامك وتطلعاتك مختلفة أدركك اليأس، ولو تصورت أسوأ النتائج، جاءك أطيبها يسعى إليك! أنت مخلوق شقى بكل شىء، بمطالب جسدك، بطموحاتك وسبل تحقيقها، بعملك الذى لا تحبه، بذكائك الذى يخونك، بأهدافك خارج المرمى دائماً!
أنت طبيب نفسك، الإرادة تعالج التردد، والأمل يعالج الإحباط والشحنة الإيجابية تطرد السلبية! أنت إنسان مثالى إذا اعتقدت أن كل الناس ضمائرها يقظة، ولا تنطق غير الحقيقة وقلوبهم فى رقة العصافير، إن مثاليتك شهادة بجهلك لأصول الحياة وعليك أن تدفع ضرائب باهظة عن هذه الأمية الحياتية!
أنت مخلوق عنيد عناد الثيران فى حفلة موت إسبانية، وأسقطت المرونة من قاموس حياتك، وتوصد كل الأبواب إلى عقلك، وتضع أمامها أكياس رمل مثلما أيام الغارات الجوية! أنت إنسان آلى مثل الـ«فيس بوك»، ولم تقرأ كتاباً ورقياً تلامس صفحاته أصابعك وتطلب صداقته، ورسائلك الإلكترونية لم تعرف رسائل الحب الزرقاء وتتواصل مع الآخرين فى صمت كأنك أخرس، وربما ارتديت قناعاً! أنت المتردد الأعظم لأن المسافة بين التفكير والتنفيذ كبيرة وفيها الخوف من الخطوة الأولى! أنت مخلوق ملول والإقامة الطويلة فى مكان واحد تجفف قلبك، ويحملك الملل فوق جناحه إلى طيور الإثارة.. لتجرب وربما تعود خائباً مكسور الوجدان مع أن الملل ينقذك من الإصابة بالعقم!
 أنت مغرور وتتصور أنك قرأت كتاب المرأة، وتعرف أصلها وفصلها وتفهم أسرارها وطقوسها ومناخها المتقلب، ونسيت أنك مررت على فهرس الكتاب فقط، وأن هناك صفحات محذوفة وأخرى مكتوبة بالحبر السرى! أنت بنى آدم أنانى يأخذ فقط، ولا يعطى مع أن الأخذ والعطاء معادلة الحياة الصحية..
أنت سائح فى دنيا الله، وتسافر فى البشر وتقيم فى فنادق الذاكرة، وقد لا يتذكرك أحد، تنقلك قوارب إلى شواطئ بعيدة، ومرة ترسو على ميناء الشقاء ومرة تطوف حول بحيرة بهجة، مرة يقودك دليل إلى مدن الفهم، ومرة تضل الطريق فى صحراء الشرود، مرة تظلك غيمة شتوية، ومرة تظلك ليلة قمرية، أنت لست مركز الكون، فأنت جزىء صغير وربما نتوء فى هذا الكون! أنت نملة على ظهر كوكب، ويوم تصل لهذه الحقيقة لن تكون أحزانك يا ولدى بحجم فيل، وستدرك أنها ترف بالنسبة لأحزان أكبر تتعلق بأمراض سكنت الجسم وترفض الرحيل، واستعصت على الشفاء وتأبى العلاج!
 أنت إنسان متغطرس ما لم تدرك أن بعض التنازلات يزيت موتور الحياة لتمضى، وعندما يكون الزيت شحيحاً، تدوس بنزين فلا تستجيب السيارة! أنت لا تملك مفاتيح كل الأشياء فى جيبك ولا حتى أحمد زويل يملكها، فتواضع لتنفتح أمور كانت مستحكمة، بل تكتشف أن الحل يكمن فى طياتها والإيمان هو الحل.
أنت من ضيَّع فى الأوهام عمره: ظننت أن التهور شجاعة.. فأضاعك تصورت أن الضعف تسامح، فأضاعك، واعتقدت أنك أكبر من الموج العالى.. فأغرقك! أنت لست دائم القناعات، لأنه لا يوجد جدار حديدى لأفكارك، وتتغير قناعاتك وتتجدد أفكارك وتبقى على الأيام ثوابتك!
أنت ممثل أحياناً ومهرج أحياناً أخرى.. والحقيقة أنك ممثل ردىء ومهرج لا يضحك سوى نفسه، والأدهى من ذلك أنك لا تعرف! أنت الباكى دائماً والشاكى فى كل الأحوال، لا شىء يرضيك ولا شىء يكفيك، أنت المتذمر على مشيئة الله، أنت شخصية متسرعة فى أحكامك على الناس، فلا تصدر حكماً يا سيدى قبل أن تعاشر إنساناً أو تسافر معه، فربما اكتشفت فيه أخلاق الفرسان، وأخلاق الخراف وأنه منقاد للقطيع!
أنت - فى مصر الآن - واحد من هؤلاء: شريف، قابض، خائن، سماوى، فلول، إخوانجى، سلفى، مسلم، نصرانى، بهائى، ليبرالى، ثائر، ائتلاف، عسكر، نضالى، متحول، أو.. فى حالك! أنت لا تعلم على أى جنب تنام مصر مطمئنة، ولو شغلت الفهامة سوف يزداد الأمر تعقيداً، ولو سألت قارئة الفنجان أو راصدة الأفلاك لن تضيف جديداً، ف.. فقم بقطع الطريق الموصل إلى.. رأسك!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موسوعه حكم مصر من بداية عهد الفراعنة https://youtu.be/jJ